كل المؤشرات تفيد أن حكومة بنكيران في نسختها الثانية أصبحت قريبة جدا من خط ائتماني ثان للوقاية و السيولة من طرف صندوق النقد الدولي ،إن لم تكن كريستين لاغارد ،مديرة هذه المؤسسة المالية ذات الضغط العالي على البلدان ، حلت أصلا بالمغرب فقط لمراودة الحكومة لقبول العرض،لكن بطريقة فيها الكثير من العفة و الأنفة السياسية و الاقتصادية لصالح هذه المؤسسة الدولية. دلك ما كشف عليه مضمون الندوة الصحفية التي عقدتها لاغارد بالرباط الجمعة عصرا في ضيافة وزير الاقتصاد و المالية محمد بوسعيد ووالي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري،حيث ما إن قالت لاغارد إنها وجدت بالمغرب لتقديم التهاني للسلطات المغرببية على عدم "مساس" الخط الائتماني للوقاية والسيولة الذي وُضع رهن إشارة المغرب لمدة سنتين انتهى أجلها في يناير الأخير من دون ان يحتاج إليه، و لتشجعها في نفس الوقت على السياسة المالية التي اتخدت لاستخلاص الآليات الناجعة لمواجهة كل العقبات حتى كانت ردود بوسعيد تذهب، بشيء من التحفظ، إلى استعداد المغرب لقبول العرض لثاني مرة على التوالي ،إن دعت الضرورة إلى ذلك طبعا، ملوحا على ان من مصلحة المغرب تجديد هذه الآلية مع النقد الدولي، في وقت قالت فيه لاغارد إن المؤسسة على أهبة تامة لفتح المجال مرة أخرى أمام المغرب للاستفادة من خط الوقاية والسيولة، إذا ما تقدم بطلب رسمي في هدا الشأن. و إذا كانت الضرورة واضحة وضوح الشمس، تفسرها وضعية الاقتصاد الوطني خصوصا فيما يتعلق بارتفاع المديونية و تفاقم عجز الميزانية و تعثر النمو و ارتفاع التضخم ، فإن عبارات الثناء و المراودة من طرف لاغارد لم تتوقف عند هدا الحد، بل تعدته إلى القول إنها منبهرة بما قدمته السلطات المغربية من مجهودات من دون أن تقترب من الخط الائتماني على الرغم من الضائقة ، و منبهرة كذلك بما سطره المغرب من برامج لفائدة القطاع الاجتماعي ولفائدة الشباب الذين يمثلون الفئة الأكثر نشاطا ، خصوصا أنها أثناء زيارتها للمغرب وفقت مع ممثلي الشباب في الجامعات و ممثلي أرباب المقاولات و المجتمع المدني على العديد من " الذكاء" الذي يجعل المغرب استثناء في التنمية الاجتماعية ، ليس في منطقة المغرب العربي و حدها وإنما في العالم العربي و منطقة "مينا"، مشددة على ان المغرب و صندوق النقد الدولي يتقاسمان نفس الأهداف أولها الاستقرار الاجتماعي وثانيها النمو الشامل، وهي نفس الأهداف التي تحدث عنها الوزير بوسعيد الذي أكد أن المغرب تلقى عبارات التهاني من الصندوق الدولي لعدم الحاجة إلى الخط الائتماني،مشددا على أن هده الثقة الموضوعة في المغرب ما كان ليكتسبها لولا انخراطه الجدي في العديد من الإصلاحات التي يدعو إليها الصندوق الدولي و على رأسها إصلاح المقاصة و إصلاح نظام التقاعد و السياسة المالية خصوصا منها النظام الضريبي، ثم الأهم من هده الإصلاحات ، ذلك المتعلق بالقانون التنظيمي للمالية الذي يرقى إلى مكانة دستور لهدا القطاع ،حسب قول الوزير بوسعيد، مشددا على أن آلية الخط الوقائي للسيولة يضعه النقد الدولي رهن إشارة الدول شرط التحكم في عجز الميزانية واستقرار احتياطي العملات ومواصلة الإصلاحات الهيكلية الكبرى.