السفير الفرنسي في كيغالي عاصمة رواندا غير مرغوب فيه"، هذا عنوان الصحافة الباريسية البارز، حيث سحبت السلطات الرواندية اعتماد السفير الفرنسي في كيغالي للمشاركة في مراسم إحياء ذكرى حملة الإبادة التي شهدتها البلاد في 1994 ومنعته بذلك من تمثيل فرنسا في هذه المراسم. وذكرت مصادر صحفية أن السفير الفرنسي ميشيل فليش لن يتمكن من تمثيل وزيرة العدل الفرنسية كريستين توبيرا في مراسم إحياء الذكرى. وكانت الوزيرة الفرنسية ألغت رحلتها إلى رواندا بعدما جدد رئيس رواندا بول كاغامي الكشف عن دور مباشر لفرنسا في الإعداد للإبادة "التي أودت بحياة 800 ألف شخص في 1994 وفي المشاركة حتى في تنفيذها". ويشكل هذا القرار ضربة جديدة لتطبيع العلاقات بين البلدين التي تسممها الشكوك على الرغم من مصالحة رسمية في 2010 ويتركز الخلاف على مسألة دعم فرنسا وجيشها لنظام الهوتو الرواندي الذي ارتكب الإبادة ضد أقلية التوتسي. وأعلن السفير الفرنسي في رواندا أن السلطات الرواندية سحبت اعتماده للمشاركة في مراسم إحياء ذكرى حملة الإبادة التي شهدتها البلاد في 1994 ومنعته بذلك من تمثيل باريس. وتقام مراسم الذكرى العشرين للإبادة تحت شعار "ذكرى ووحدة ونهضة". وأوقد الرئيس الرواندي بول كاغامي بشعلة جابت مختلف مناطق رواندا منذ ثلاثة أشهر، شعلة الحداد في نصب غيسوزي التذكاري في كيغالي. وستبقى هذه الشعلة موقدة مئة يوم. كما ستخرج مسيرة وتنظم سهرة بالشموع. وفي بداية المراسم، قال الأمين العام للأمم المتحدة إن المنظمة الدولية ما زالت "تشعر بالعار" لأنها لم تنجح في منع وقوع هذه المجازر. وبعدما أشاد "بالشجاعة المميزة" لجنود الأممالمتحدة قال في بداية المراسم "كان يمكننا أن نفعل أكثر من ذلك بكثير. كان علينا أن نفعل أكثر من ذلك بكثير. لقد سحب جنود حفظ السلام من رواندا عندما كنا بأمس الحاجة إليهم". وتابع "خلال جيل واحد لم يمح العار"، مذكرا بأنه بعد عام واحد ترك المسلمون يواجهون مصيرهم في سريبرينيتسا". وقررت فرنسا التي كانت في 1994 حليفة للنظام الهوتو المتطرف الذي يقف وراء حملة الإبادة وما زال دورها في هذه المجازر يثير جدلا، في آخر لحظة عدم المشاركة في هذه المراسم. وجاء قرار باريس التي أعلنت أن سفيرها في كيغالي سيمثلها، ردا على مقابلة صحافية اتهم فيها كاغامي فرنسا بأنها لعبت مع بلجيكا، القوة الاستعمارية سابقا "دورا مباشرا في إعداد الإبادة" وأنها شاركت "حتى في تنفيذها". قديما قيل "من كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجر"، ويبدو أن بيت باريس مبني بأقل من الزجاج وبالتالي هو قابل للكسر في أية لحظة. بيت دمرته كلمة صغيرة لرئيس دولة تلملم جراحها التي ساهمت فرنسا في توسيعها. فليس من حق دولة شاركت في الإبادة الجماعية أن تعطي الدروس للآخرين في احترام حقوق الإنسان. باريس اليوم أمام معضلة خطيرة. فهي الدولة التي نشأت فيها الحقوق كما هو متعارف عليها دوليا وهي نفسها الدولة التي تحالفت مع أبشع الأنظمة تطرفا في العالم، وهو نظام الهوتو الذي أقدم على إبادة جماعية قاربت المليون شخص.