تلعب البحرية الصينية دورا مهما في تحول هذا البلد الى قوة عسكرية عالمية, وذلك بتجارب اجرتها مؤخرا على اول حاملة طائرات تابعة لها ما يبرز حجم التطلعات البحرية لبكين. وقد اصبحت الصين اكثر انطلاقا وتأكيدا لقدراتها في أعالى البحار. وأثارت اول رحلة لحاملة الطائرات الشهر الماضي مخاوف في الولاياتالمتحدةواليابان اللتين اشارتا الى ان هذا التحرك سيترك "تأثيرا كبيرا" على المنطقة. ويعد جيش التحرير الشعبي, وهو الاسم الرسمي للجيش الصيني, اكبر قوات مسلحة في العالم, غير انه بالاساس قوة برية. غير ان البحرية الصينية بدأت تلعب دورا متزايدا مع تأكيد الصين على احقيتها في مياه متنازع عليها في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي. وفي زيارة نادرة على متن فرقاطة الصواريخ انكينغ بقاعدة الاسطول الشرقي في نينغبو جنوبي شنغهاي, اصطحبت مجموعة من الضباط الصحافيين بينما اطل الجنود بأنظار جامدة. ولم يدل الضباط بالكثير من المعلومات وبدا ان السفينة الحربية اشبه بمتحف. وقال الكابتن واي هوا رئيس اركان قاعدة شنغهاي البحرية للزائرين من الصحافيين "يتعين على الصين بصفتها عضو دائم في مجلس الامن الدولي الاضطلاع بمسؤولية اكبر في شؤون العالم". وتابع "لدينا سواحل تمتد 18 الف كيلومتر فضلا عن نطاق بحري يربو على ثلاثة ملايين كيلومتر مربع. ومن ثم فمن الاهمية البالغة بناء بحرية قوية لحماية البلاد ومصالحها". وتحظى تايوان التي تحكم نفسها بنفسها منذ نهايةالحرب الاهلية عام 1949 وتعتبرها الصين جزءا لا يتجزأ من اراضيها, بأهمية كبيرة في الاستراتيجية الدفاعية لبكين, غير انها ليست مصلحتها الوحيدة. فالصين تقول ان مساحات واسعة من بحر الصين الجنوبي تابعة لها وهو الامر الذي يرفضه جيرانها الاصغر, كما تعمد بكين لتأمين طرق إمداد وموارد جديدة للمواد الخام لتكون وقودا لاقتصادها المزدهر. ويقول احد خبراء الدفاع الدولي "تنوي بكين اخضاع بحر الصين (الجنوبي), الذي تعتبره ساحتها الخلفية, بالكامل لنطاق نفوذها". ومنذ عام 2007 تشغل البحرية مقعدا دائما في اللجنة العسكرية المركزية, وهي السلطة العسكرية العليا النافذة بالصين وذلك بناء على طلب من الرئيس هو جينتاو. والان بدأت البحرية تطل بنظرها لابعد من ذلك — فهي تشارك بالفعل في مكافحة القراصنة الصوماليين في المحيط الهندي. ويقول واي "كما تتطور الصين كبلد تتطور كذلك بحريتها". ويفرض الجيش الشعبي الذي يبلغ عدد قواته 3,2 مليون جندي سرية مطلقة على برامجه الدفاعية, والتي تستفيد بموازنة عسكرية متضخمة يعززها النمو الاقتصادي الكبير للبلاد. وقد حذر البنتاغون الاميركي الشهر الماضي في تقرير سنوي امام الكونغرس حول القدرات العسكرية الصينية من تركيز الصين بشكل متزايد على قواتها البحرية مشيرا الى ان بكين استثمرت في اسلحة عالية التقنية تزيد مداها في المحيط الهادي وما يتجاوزه. وبحسب تقرير البنتاغون فقد زادت الصين جهودها لانتاج الصواريخ المضادة للسفن التي بإمكانها ضرب حاملات طائرات وحسنت من قدرات الرصد الرادارية ووسعت اسطولها من الغواصات التي تدار بالطاقة النووية ومن السفن الحربية وخطت خطوات واسعة في مجال تقنية الاقمار الصناعية والحرب الالكترونية. ويقول آرثر دينغ الخبير في شؤون الجيش الشعبي الصيني ان حيازة حاملة طائرات مسألة اعتبارية هامة بالنسبة للصين. ويضيف "مع اتصاع مصالح الصين دوليا, ستحتاج البحرية الصينية لتوسيع مدى حركتها دون الارتباط بالسواحل الصينية, ومن ثم يلزم وجود حاملة طائرات". وكانت التجارب البحرية الاولى لحاملة الطائرات السوفييتية السابقة, التي اشترتها الصين في التسعينات من اوكرانيا ثم اعادت ترميمها وتسليحها بالكامل في الصين, قد اعتبرت مؤشرا على تطلعات بكين. ولكن بالسؤال عن الحاملة, ابقى الجيش الصيني على السرية ازاء الدور المقصود من ورائها. فقد قال الكابتن واي ان الحاملة "يمكنها لعب دور في الكوارث في الصين او في البلدان المجاورة, مثلما فعلت الولاياتالمتحدة بعد الزلزال الذي ضرب اليابان" في اذار/مارس. وتابع قائلا "انه تحرك منطقي, فالعديد من البلدان لديها حاملات طائرات, كالهند. هذا البرنامج غير موجه ضد احد". وقد قلل احد الخبراء الذين استشارتهم فرانس برس من التهديد المحتمل, اذ قال ان حاملة الطائرات "ربما كانت منصة تدريب بسيطة, وسيستغرق الامر سنوات قبل ان يكون لدى الصينيين طاقم حاملة قتالية فاعل".