بعد احتجازه بعيدا عن العالم منذ عزله في تموز/يوليو الفائت, دخل محمد مرسي بتحدي كبير قفص الاتهام مع بدء محاكمته الاثنين معلنا باصرار انه لا يزال رئيس مصر الشرعي. جرى ذلك في نفس المحكمة ونفس قفص الاتهام الذي وقف فيه سلفه الرئيس الاسبق حسني مبارك امام القضاء ليحاكم بنفس التهم وهي قتل متظاهرين الاول في ثورة 25 كانون الثاني/يناير التي اطاحت به والثاني في ثورة 30 حزيران/يونيو التي اطاحت به ايضا. وخلافا لمبارك الذي ظهر على نقالة طبية مرتديا ملابس السجن البيضاء, دخل مرسي مرتديا بدلة زرقاء داكنة الى قفص الاتهام بتحدي وسط تصفيق المتهمين معه الذين اصفطوا مع دخوله القفص. "انا الدكتور محمد مرسي, رئيس الجمهورية", قالها مرسي ردا على القاضي الذي نادى اسمه ضمن لائحة من سبع متهمين ظهروا الى جواره في القفص. ومرسي, اول رئيس منتخب في تاريخ البلاد, اطاح به الجيش في الثالث من تموز/يوليو بعدما تظاهر ملايين المصريين في الشوارع للمطالبة برحيله متهمينه بافشال الثورة التي جاءت به الى الحكم. وبلحية مهذبة يغلب عليها الشيب, ابتسم مرسي ولوح بيديه لمناصريه وللمحامين الذين امتلأت بهم قاعة المحاضرات في اكاديمية الشرطة. ووبخ مرسي الذي لم يظهر للعلن منذ عزله القاضي رجال الشرطة المتمركزين خارج القفص ووعظهم ايضا. وخاطب مرسي القاضي "ما يحدث الان غطاء لانقلاب عسكري. انا اربأ بالقضاء ان يكون غطاءا لانقلاب عسكري". لكن قاضيه احمد صبري يوسف رد بحزم "هذا لا يجوز. هذا لا يجوز". واضاف مرسي "انا هنا دون ارادتي, وباستخدام القوة". واشتهر الرئيس الاسلامي مرسي بعناده وبخطبه الطويلة, وهما الصفتان اللتان كانتا حاضرتان خلال جلسة الاثنين. وحين سئله القاضي ما كان سيقبل بوجود محامي له في قاعة المحكمة, قال مرسي "اريد ميكروفونا". بعدها قال مرسي "هذه ليست محكمة. هذه ليست محكمة لها اختصاص محاكمة رئيس". ومن خلف قضبان قفصه, واصل مرسي خطابه "لقد كان انقلابا عسكريا. ينبغي محاكمة قادة الانقلاب امام هذه المحكمة. الانقلاب خيانة وجريمة", قبل ان يرفع القاضي الجلسة للمرة الثانية. ثم خاطب مرسي حرسه من افراد الشرطة "لا تجعلوا احدا يخدعكم". "حتى لا تصبحوا اعداء للشعب". ومع استمرار خطابه, هتف صحافيون مصريون ضده "اعدام! اعدام". وخلافا لمحاكمة مبارك, لم يذع التليفزيون الرسمي محاكمة مرسي على الهواء. لكنه اذاع على الاثر مقاطع فيديو للمحاكمة, لم يظهر فيها اي من حديث مرسي في شريط الفيديو الذي تم كتم صوته تماما. وتجهم المتهمون في القضية مع مرسي, وكلهم من مساعديه او من نشطاء جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها, حين نادى القاضي على اسمائهم, وقاطعوا اجراءات الجلسة هاتفين "يسقط, يسقط حكم العسكر". وادار المتهمون ظهورهم للقاضي رافعين باصابعم بعلامة رابعة في اشارة لمنطقة رابعة العدوية التي شهدت اعتصاما للاسلاميين من انصار مرسي فضته السلطات المصرية بالقوة في اب/اغسطس ما خلف مئات القتلى. ويواجه المتهمون مجموعة من التهم, فبعضهم متهم بالقتل العمد لمتظاهرين معارضين لهم, واخرون من بينهم مرسي متهمين بالتحريض على العنف. وتعود احداث القضية الى هجوم انصار جماعة الاخوان على متظاهرين معارضين لها ولمرسي اعتصموا امام قصر الاتحادية اللرئاسي في منطقة مصر الجديدة في كانون الاول/ديسمبر الماضي. وقتل سبعة اشخاص على الاقل, لكن مرسي والمتهمين يحاكمون بتهمة قتل صحفي واثنين من المتظاهرين المعارضين. وتؤكد جماعة الاخوان المسلمين ان اربعة من اعضائها قتلوا في الواقعة. وفي النهاية اعلن القاضي تاجيل المحاكمة الى الثامن من كانون الثاني/يناير المقبل. سامر الاطرش