هناك أناس لا يصدقون الكذب فقط بل يكذبون ويصدقون الكذبة. بوبكر الجامعي، الذي يشتغل في الكلام المباح المؤدى عنه، نموذج لهذا الصنف. كذب كذبة قالت عنها الفنانة الشعبية هاذي "كذبة باينة" وصدقها بنفسه. قال إن الملكية في المغرب طابو كبير ولا يتم تناوله في الصحافة الورقية. ونحن نتحداه أن يهيئ أطروحة دكتوراه حول الملكية في الصحافة المكتوبة بالمغرب في العشر سنوات الأخيرة. وقد لا يتسع الحيز المخصص للبحث في احتضان كل ما كتب حول الملكية في الصحافة الورقية. قال بوبكر الجامعي "في واقع الأمر، من غير المسموح، ولا يجوز، الطعن في صلاحيات النظام الملكي، أو انتقاد طريقته في تسيير البلاد، فمن أجل إيجاد نوع من الحرية حول هذه القضايا الحساسة، يجب البحث عنها في وسائل الإعلام الجديدة على الإنترنت، وهو الأمر الذي لم يكن متوفرا من قبل. فالمواقع الاجتماعية، والصحافة الرقمية، أضحت ظواهر جديدة، ظهرت في أواخر سنوات 1990، وبداية سنة 2000، وهي الفترة، التي عرفت ازدهار ما سمي ب"الصحافة التقليدية"، وظهور "الصحف المستقلة". أكذب من هذا الكلام غير موجود. فأبوبكر الجامعي نفسه لم يصنع مجد "لوجورنال" و"الصحيفة" اللتين مازال يتبجح به سوى من خلال أغلفة نارية حول الملك. ولا يخلو أسبوع دون أن يصدر ملف عن الملك سواء تعلق الأمر بصلاحيات الملك أو ميزانية القصر والنقاش حولها والشركات الملكية وحتى مرض الملك والحياة الخاصة للملك وللأمراء، وتقع تجاوزات في بعض الأحيان لا يقبلها أي واحد من الناس، بل إن قصة الجريدة التي كتبت عن موضوع تالسينت والملك استعملت الإشاعة ولم يقاضيها القصر. إذن ما قاله بوبكر الجامعي عن الملكية وأنها طابو محرَّم في الصحافة الورقية فهو كذب محض، ولا يمكن أن يصدقه أحد بمن فيهم المعارضون للنظام الملكي لأن الأمر واضح وضوح الشمس، والمتابعات القليلة التي تمت في هذا السياق هي نادرة جدا وعندما تكون الأمور قد تجاوزت فيها الحد. وهذا الكلام ردد سابقا عندما أغلق صحيفتيه وهَمَّ بمغادرة المغرب ليلتحق بالسيد الأحمر لخدمة أهداف جمهورية الكمون، قال حينها "ليس هناك مكان للصحافة الحرة بالمغرب"، ورغم مرور وقت غير يسير على زمن هذا الكلام فإن العديد من الصحافيين والعديد من الصحف مازالت مستمرة فلم تتحقق نبوءته بموت الصحافة وموت الصحافيين. طبعا لا مكان لصحافة الابتزاز لفائدة صحافة محترفة تمارس دورها الحقيقي في المجتمع وتتحمل تبعات انزياحاتها وتخضع للقانون مثلها مثل غيرها من المهن، لا فوقها ولا دونها. ولا مكان لصحافة التلصص لفائدة سلطة رابعة تكشف الاختلالات. وهل يمكن للمبشر بخطاب النهايات أن يعترف لماذا فرَّ هاربا حقيقة دون أن يعلق ذلك على مشجب الحريات السياسية والتضييق عليه وهو الصحافي المناضل ومفروض فيه أن يكون صحافيا في المجلة مناضلا في أي حزب سياسي؟ وماذا لو تواضع بوبكر الجامعي واعترف بحجم الديون التي راكمها دون أن يؤدي منها مليما واحدا وهي تقدر ب14 مليون درهم أي مليارا و400 مليون سنتيم، منها 769 ألف درهم لفائدة بنك وفا باي، في حين أن الخزينة العامة تطالبه بأداء مبلغ 7 ملايين و7637 درهما ولفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و4 ملايين و514 ألف درهم وفي ذمته لفائدة البنك التجاري المغربي ومليون و90 ألف درهم كما أن ليديك تطالبه ب80 ألف درهم.