لم يجد بنسالم حميش، الكاتب ووزير الثقافة، من شيء يختم به حياته الوزارية سوى إصدار كتاب مكلف حول ما أسماه الإصلاح الثقافي موقعا بإسمه وبصفته التي غيبت صفته ككاتب ومشتغل بالفلسفة، وعاد حميش، الذي كان من المفروض أن يضع هذا المخطط يوم وضع رجله في الوزارة، للقواميس المتوفرة ليشرح مفهوم "ثقافة" وكأنه يخاطب تلاميذ صغار في الوقت الذي تحتاج فيه أزمة الوزارة إلى علاج حقيقي، وإلى مخطط واضح لتصبح الثقافة جزءا من الحراك الاجتماعي والسياسي بدل أن تتحول إلى وكالة لمنح الدعم للأصدقاء والأقارب. وما غاب عن بنسالم حميش، الناقد للفكر والتراث، أن المطلوب هو الإصلاح الثقافي لكن الخطة التي وضعها في الواقع تهم إصلاح وزارة الثقافة والتي اتضح منذ وصولها إليها أنه لا توجد بوادر إصلاح حقيقي بل تردي خصوصا وأنه اختار عناصر لا علاقة بالعمل الوزاري للاشتغال إلى جنبه لاعتبارات متعددة، وحتى لو انصلحت الوزارة هل بإمكان الجمل الإنشائية للوزير قادرة على الإصلاح الثقافي. ومما يجعل الوزير بعيدا عن تحقيق مراميه هو أولا انه قريب من باب مغادرة الوزارة لأنه من المستبعد رجوعه إليها حتى لو ضمن الاتحاديون وجودهم في الحكومة وثانيا لأنه خلق عداوات شتى في المشهد الثقافي واختزله في تعابير الثقافة دون غيرها.