لماذا ننشر التفاصيل الكاملة لقضية المعتصم، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية؟ أولا لأنها قضية من العيار الثقيل، وثانيا لأن المتهم في القضية قضى أكثر من ثلاثين سنة فيما يسمى العمل الإسلامي الدعوي، وثالثا حجم الجرائم المرتكبة ينبغي أن يطلع عليه الرأي العام ورابعا لأننا في موقع فضح الفساد والمفسدين. فجامع المعتصم ليس مواطنا عاديا ولكنه قيادي في حزب إسلامي ما فتئ يشهر سيف الأخلاق في وجه خصومه السياسيين ولا يترك فرصة تمر دون أن يندد بأهل الفساد بل إنه اتهم أحد خصومه برعاية المفسدين، وجامع المعتصم رجل "دعوة" تحول إلى السياسة بفعل فاعلين ذهبوا عند الله وتقدم للناخبين على أساس أنه الرجل الصالح المصلح لكن أصبح كبيرهم الذي علمهم في خمسة أيام كيف يتم اختلاس المال العام وكيف يتم تزوير التوقيعات وتغيير التصاميم. ولا يمكن لحزب العدالة والتنمية أن يلوم أحدا قام بعرض الوقائع لأنه إلى جانب المحكمة العادية والتحقيق القضائي فإن هناك محكمة شعبية فتحها الحزب بمرافعاته في الشارع وفي إعلامه وفي ندواته يحاول من خلال هذه المرافعات تبرئة متهم قبل أن يبدأ التحقيق، وحتى تكون الكفة متوازنة يجب نقل الوقائع والاشكالات كما هي مثبتة بالأدلة والحجج وكما اعترف بها المعتصم نفسه أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. وحسب مصادر قريبة من التحقيق فإن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية توصلت بأمر من الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بسلا قصد إجراء بحث دقيق بشأن خروقات واختلالات خطيرة تكتسي طابعا جنائيا تم اقترافها والتي تقدم بخصوصها أربعة مستشارين جماعيين في المجلس الجماعي لسلا بشكاية ضد كل من نورالدين لزرق رئيس المجلس ونائبه جامع المعتصم، وتتهم الشكاية المذكورين بتبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ والتزوير وتطرقت الشكاية إلى تورطهما في عمليات تزوير مجموعة من التصاميم الهندسية وكذا تسليم رخص عقارية غير قانونية. ووفق ذات المصادر فإن نورالدين لزرق رخص على وجه الخصوص بتلك البناءات أو التجزئات السكنية في أواسط سنة 2003 حيث كان يشغل رئيس الجماعة الحضرية لباب لمريسة واتضح أن لزرق كان يعمد للتوقيع على التصاميم وعلى رخص البناء لكن بأثر رجعي أي باعطائها أرقاما وتواريخ سابقة وكان يصادق عليها دون تسجيلها رسميا بالإدارة الجماعية ثم إن مجموعة من أصحاب التصاميم أخذوا يترددون على الجماعة الحضرية لسلا، التي كان يرأسها إدريس السنتيسي ويطالبون بتسليمهم رخص السكن وشواهد المطابقة عن تلك البناءات فعمل على تفويض مجال التعمير كليا لنائبه الأول جامع المعتصم والذي أقدم اعتمادا على تصاميم الالتصاق المزورة وهو يعلم بعدم قانونية مصادقة لزرق عليها، ليوقع على العديد من رخص السكن وشواهد المطابقة المرتبطة بها وبدون احترام الاجراءات القانونية المنصوص عليها كمعاينة البناء من طرف اللجنة المختصة. ومن مفاجآت التحقيق المثيرة للغرابة هو اختفاء وثائق رسمية مهمة حيث أن عناصر التحقيق لما انتقلوا للبحث عن بعض الملفات العقارية تبين عدم توفر أية وثيقة في بعض الملفات أو أن هذه الملفات كانت منقوصة من بعض المستندات الضرورية ثم تلقت الشرطة القضائية في وقت لاحق شكاية تقدمت بها الجماعة الحضرية لسلا للكشف عن المتورطين في اختفاء مجموعة من ملفات البناء. ووقف المحققون بداية على المشروع السكني لمومو الشباني وقد تم من خلال البحث الوقوف على العديد من الخروقات حيث أنه يحمل تسمية مالكين جديدين لم يتملكا العقار بعد ولم يتقدما للجماعة بأي طلب بشأن رغبتهما في الحصول على رخصة البناء وتم حذف سرداب ركن السيارات في خرق واضح لتصميم التهيئة وتم حذف سكن بواب العمارة وتمت إعادة تهيئة الشقق وقد اتضح بأن شهادة السكنى وكذا قرار الربط بالتيار الكهربائي وقعهما جامع المعتصم رغم علمه بالخروقات والخطير في الأمر أنه قام بالتوقيع دون أن يكون قد حصل على التفويض من طرف السنتيسي وبرر ذلك بغياب الرئيس رغم أن الملف ليست له أية صفة استعجالية. وفي ملف مرية وسعيد الحجولي كان يفترض أن يتضمن التصميم عمارات من طابقين إلا أن لزرق رخص ببناء عمارات ذات ثلاث طوابق دون عرض الملف ليحظى بموافقة اللجنة المختصة وفي خرق سافر لتصميم التهيئة ورغم ذلك قام جامع المعتصم بتسليمه رخصة السكنى رغم أنه لم يكن يتوفر على تفويض بالتوقيع. وفي تطور خطير قام جامع المعتصم بانتحال صفة رئيس المجلس الجماعي لسلا حيث قام في ملف عبد الحفيظ بنبراهيم بتسليم المنعش العقاري شهادة السكنى وشهادة المطابقة دون الحصول على أي تفويض من الرئيس وزعم أنه لم يشر إلى الصفة بدقة فقط سهوا من طرف الموظفين المكلفين بوضع الأختام. وقام جامع المعتصم في ملف محمد بناني ومن معه بتسليم قرار السكنى زاعما بأنه كان ينوب عن رئيس المجلس الجماعي وبجانب ذلك لم يتم الإدلاء بمحضر معاينة الأشغال المفترض أن تنجزه لجنة من الجماعة الحضرية مما يؤكد عدم قيام هذه المهمة وبخصوص عدم وضع المهندس المشرف على قسم التصاميم تأشيرته على قرار السكنى قبل توقيعه ادعى أنه لم يكن على علم بهذا المانع. وفي ملفات عديدة قام جامع المعتصم بالتوقيع على رخص السكنى ورخص المطابقة ورخص الربط بالتيار الكهربائي ويتعلق الأمر أيضا بملف الزبيدي عائشة التي وقع على رخصة السكن والربط مع علمه أن توقيعات لزرق غير قانونية وادعى في الملف نفسه أن الرئيس لم يكن حاضرا رغم عدم استعجالية الموضوع والشيء نفسه يذكر بالنسبة لمشروع أحمد الشرقاوي المرسلي وملف أحمد الكنبوي وملف يونس اشماعو وملف عبد القادر بنعزي وملف رشيد الزلاجي وملف شركة السفياني للإنعاش العقاري وبلغ مجموع الملفات 32 ملفا. وصرح جامع المعتصم أمام المحققين أنه كان على علم بتزوير لزرق لملف الطالب المهدي وأن لزرق صادق على التصميم بصفة انفرادية زكى هذا الإجراء غير القانوني واستغنائه عن تأشيرة المهندس المشرف على مصلحة التصاميم. يذكر أن جامع المعتصم وخلال كافة مراحل التحقيق لم ينف تورطه في هذه الخروقات ولكن حاول تبريرها دون تقديم دليل على ذلك.