ذكر مصدر وثيق محسوب على وزارة المالية والاقتصاد أن الوزارة المذكورة قررت اعتماد سياسة التقشف الصريح لمواجهة تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية التي تضررت منها العديد من القطاعات على الرغم من كون الخطاب الرسمي ظل يردد لازمة عدم تأثر الاقتصاد المغربي بالأزمة التي ضربت معظم الاقتصادات العالمية. وبإعلان الدخول الرسمي في سياسة التقشف، يتأكد فشل لجنة يقظة الاستراتيجية التي أحدثها الوزير مزوار قبل قرابة عامين لتطويق تداعيات الأزمة الاقتصادية وتضرر الاقتصاد المغربي من مخلفات أضرار الاقتصادات المرتبطة به. وأضاف ذات المصدر أن مشروع قانون 2011 الذي سيتم تقديمه بداية السنة التشريعية للمصادقة عليه في قبة البرلمان بمجلسيه يتضمن العديد من الفقرات والبنود التي تؤشر على ضرورة اعتماد سياسة التقشف الذي أملاه التضرر من الأزمة. وعلاوة على محتويات مشروع قانون المالية المذكور، أكد المصدر ذاته أن توجيهات صارمة من وزارة المالية شددت على التقليص من مهمات المسؤولين وما يرافقها من نفقات مالية تختلف باختلاف رتب المسؤولين والموظفين في الوزارات ودواوينها، وفي دوالب مراكز القرار والمسؤوليات، كما شددت التوجيهات الوزارية المذكورة على الحد من تحركات الموظفين، إن لم يكن إلغاؤها وإلغاء شراء السيارات وباقي معدات التجهيز اللوجستي الضروري والكمالي، إضافة إلى التخفيف من ميزانيات التسيير في جميع مرافق الدولة والجماعات مع الاعتماد على عقلنة ميزانية الاستثمار. وعلى الرغم من الخطط الاحترازية المتخذة من طرف الحكومة وعلى رأسها لجنة "اليقظة الاستراتيجية" التي تم إحداثها في أعقاب تفشي الأزمة الاقتصادية قبل عامين ونصف، وعلى الرغم من أن وزارة المالية شددت بحر السنة المالية على العقلنة والترشيد وتقليص الصفقات بالحد من التوظيف، فإن تداعيات الأزمة العالمية وتأثيرها في الاقتصاد الوطني أمليا ضرورة دخول المغرب عهد التقشف الواضح ارتباطا بالعجز الحاصل في الميزان التجاري في النصف الأول من السنة الجارية، وارتباطا كذلك بمؤشرات ضعف مداخيل وتحويلات العملة الصعبة واستقرار نسبة البطالة من دون نمو ملموس في نسبة التوظيف، وهو الاستقرار الملغوم الذي يرتقب أن يرتفع بعودة العديد من أبناء الجالية المغربية المقيمة في إسبانيا وإيطاليا عودة نهائية إلى أرض الوطن، حيث ارتفع عدد العاطلين في اليد العاملة المغربية في الأوراش والخدمات في إسبانيا إلى 43٪، مما ينذر بتفاقم البطالة في المغرب بعودة المتضررين في الشهور المقبلة. وأضاف مصدر "النهار المغربية" أن دخول سياسة التقشف بات أمرا لازما على الرغم مما يحققه الفوسفاط ومشتقاته من عائدات، خصوصا أن نتائج الموسم الفلاحي لم تكن في مستوى الموسم السابق بإنتاج 75 مليون قنطار من الحبوب مقابل قرابة 120 مليون في نفس الفترة من السنة السابقة، وتلك كلها مؤشرات تنذر بالعديد من التخوفات، خصوصا مع تأثيرات الاحتباس الحراري وتحولات المناخ التي أصبحت هي هم كل الدول المنتجة والمصدرة للحبوب، وفي مقدمتها الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدةالأمريكية وكندا. وشدد المصدر المذكور على أنه لولا سياسة التقويم الهيكلي المعتمدة في بداية عقد ثمانينيات القرن الماضي التي جعلت المغرب يعيش نتائجها الإيجابية اليوم، لكان المغرب عاش الأزمة الخانقة الحقيقية قبل عامين أو ثلاث سنوات من الآن.محمد عفري