بقلم كمال طه يدرك عماد العبادي احد ابرز مقدمي البرامج التلفزيونية العراقية ان عمله في العراق لم يكن يخلو من الخطورة لكنه اكد ان نجاته بأعجوبة من محاولة اغتيال لن تمنعه اطلاقا من مواصلة عمله في بلد يعد الاخطر بين بلدان العالم بالنسبة للصحافيين. وكان العبادي (36 عاما) وهو خريج كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد وأب لاربعة اطفال تعرض في تشرين الثاني/نوفمبر لمحاولة اغتيال اثر اصابته باربع رصاصات في الرأس والرقبة. وقد خضع مؤخرا لعمليات جراحية في العراق والمانيا لاستخراج الرصاصات. ويقول في مقابلة مع وكالة فرانس برس من عمان حيث يقضي فترة نقاهة "كنت اتلقى شتى انواع الرسائل والمكالمات والتهديدات مجهولة المصدر من أناس مجهولين يتوعدونني بالقتل, كنت أشعر بالخطر يحوم حولي, لكن هذا لم يمنعني يوما من مواصلة عملي الصحافي". واضاف "لا يمكن ان نتخلى عن رسالتنا الانسانية وعملنا بمجرد ان هناك من ينزعج مما نقوله او نكتبه والا فلن تكون هناك صحافة حرة". وبحسب مرصد الحريات الصحافية, المنظمة التي تعنى بالدفاع عن الصحافيين, فان 248 صحافيا وعاملا في مجال الاعلام بينهم 22 اجنبيا قتلوا في العراق منذ الغزو الاميركي لهذا البلد في 2003. وبين هؤلاء 185 قتلوا خلال ممارسة عملهم بينما قتل آخرون لاسباب طائفية او في اعمال عنف عشوائية. كما تعرض للخطف 14 صحافيا, بحسب المنظمة نفسها. وبالنسبة للعبادي فان "الفقر الذي يعيشه العديد من ابناء العراق يقابله الاستهتار بالمال العام" هي من المواضيع التي لطالما كانت تستفزه وتدفعه لكتابة المقالات الناقدة الجريئة. واضاف "انا اعتقد ان الغاية من الصحافة هو تشخيص وتحديد مواطن الضعف والخلل في الدولة حتى تكون لدى اصحاب القرار الرؤية الواضحة عن الاماكن التي لايتمكنون من الوصول اليها او مراقبتها او ملاحظتها, الصحافة تفتح عيونهم, تساعدهم وتدلهم لا تقف عقبة في طريقهم". وبالاضافة الى عمله كمقدم لبرنامج "أفكار بلا أسوار" الاسبوعي الذي يتضمن حوارا سياسيا عن آخر المستجدات السياسية على الساحة العراقية في قناة "الديار" الفضائية العراقية يقوم العبادي بكتابة مقالات جريئة تنتقد خصوصا الفساد الاداري والمالي والسياسي في العراق على موقع "كتابات" الالكتروني. ويتذكر العبادي جيدا 23 تشرين الثاني/نوفمبر, ذلك اليوم الذي تلقى فيه اربع رصاصات واحدة اخترقت رقبته وثلاث استقرت في رأسه وكادت تنهي حياته. ويقول "كانت الساعة تشير الى 20,19 مساء, كنت حينها في شارع العرصات وسط بغداد في سيارتي وحين توقفت انحنيت لاخرج هاتفي النقال الذي كان في درج السيارة, ثم فجأة اطلق احدهم النار علي". واضاف وقد بدا عليه التأثر الشديد "لحسن حظي انني لم افقد الوعي حينها رغم اني كنت اشعر بالدم يفور في رأسي قدت سيارتي مسرعا الى مقر قناة +الديار+ واتذكر اني تجاوزت اكثر من اربع نقاط تفتيش دونما يسألني احد عن سبب الدماء التي تسيل من رأسي ورقبتي". واضاف "لدى وصولي مقر القناة نقلني العاملون الى مستشفى +اليرموك+ حيث فقدت الوعي وعلمت بعدها انه تم نقلي الى مستشفى الكاظمية (في بغداد ايضا) حيث تمكن الاطباء من استخراج رصاصة واحدة فقط". وتابع "بعد عشرة ايام تم نقلي الى مستشفى +غروسهاديرن+ في ميونيخ بالمانيا على حساب احدى المنظمات الانسانية العاملة في العراق حيث تم استخراج الرصاصتين الاخريين من رأسي". ويقول العبادي "لقد نجوت من الموت بأعجوبة انها مشيئة الله ان يكتب لي عمر جديد ان احيا وان اعود الى عائلتي واطفالي والى مواصلة عملي الذي لطالما احبتته". وكتب العبادي في آخر مقال له في موقع "كتابات" الالكتروني في 14 شباط/فبراير الماضي والذي جاء بعنوان "ديمقراطية الكواتم", "اعتذر لجمهوري عن غيابي عن الكتابة واعدكم بأني سوف اعود اليكم في اقرب وقت ممكن". قبل ان يضيف "لا يوجد قرار نهائي بالعود بعد فلقد تلقيت عروض عمل في قنوات اخرى خارج العراق". ويأمل العبادي الذي يتهم "احزابا متنفذة" بالوقوف وراء محاولة اغتياله, في "الا ينزعج احد في العراق من رأي الصحافي او يستفز مما نكتبه والا يكون ثمن الكلمة الصادقة التي نقولها او نكتبها رصاصة في الرأس من مسدس كاتم للصوت, فهذه همجية وسوء تقدير للامور". واعلنت لجنة حماية الصحافيين ومقرها نيويورك في تقريرها السنوي الذي نشرته في 16 شباط/فبراير الماضي ان 70 صحافيا على الاقل لقوا مصرعهم اثناء ممارستهم المهنة في 2009, ما يجعل هذا العام الاكثر دموية على الاطلاق بالنسبة الى الصحافيين. ولا تزال المنظمة تحقق في ظروف مقتل 24 صحافيا آخر حول العالم في 2009 لتبيان ما اذا كان لمقتلهم علاقة بمهنتهم ام لا.وتعود الحصيلة القياسية السابقة الى العام 2007 حين قتل 67 صحافيا لاسباب تتعلق مباشرة بممارستهم مهنتهم. وكانت لاحداث العنف في العراق مساهمة كبيرة في تلك الحصيلة.