تواصل الصين حملة شاملة أطلقتها قبل أشهر على مستوى البلاد لتطهير دوري كرة القدم المحلي المتهالك بعد أن أصبح مجالا خصبا للقمار والرهانات, وانتشار ظواهر أبرزها تحديد نتائج المباريات قبليا, واستشراء العنف والفساد وتراجع مستوى المنافسة واللعب النظيف. ووعد وزير الرياضة الصيني ليو بينغ, أمس الثلاثاء, ب"سحق شبكات القمار" التي تتلاعب بمباريات كرة القدم في أقوى رد فعل من لدن السلطات منذ بداية هذه الحملة في غشت الماضي. ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن ليو بينغ قوله إنه يشعر بالحزن والذهول لفضائح التلاعب في مباريات كرة القدم في الدوري المحلي, وقال إن وزارته "لا يمكن أن تتهرب من المسؤولية" عما حدث في الكرة الصينية. ومضى مخاطبا رؤساء المكاتب الرياضية المحلية " نحن في غاية الحزن ونشعر بصدمة عميقة نتيجة المشاكل الخطيرة التي كشفت مؤخرا في عالم كرة القدم. إنه درس قاس يتعين علينا تعلمه". وأقالت السلطات نان يونغ رئيس الاتحاد الصيني لكرة القدم من منصبه في وقت سابق من الشهر الجاري ويوجد حاليا رهن الاعتقال والتحقيق رفقة كل من نائبه يانغ يمينغ وجان تيانشيان رئيس لجنة الحكام بالاتحاد الصيني للعبة. وجاء ذلك بعد اعتقال 21 شخصا على الأقل من مسؤولي الرياضة في الصين من لاعبين ومسيري الأندية الرياضية خلال الأشهر الثلاثة الماضية بعد اتهامات حول عمليات واسعة لترتيب نتائح مباريات كرة القدم سلفا, وتنظيم شبكات رهانات ومقامرات على مباريات الدوري. وتستشري عمليات القمار والمراهنات التي تعد ثقافة آسيوية عادية بشكل كبير في الصين لكن في الباطن فقط حيث تحظر الدولة بشكل قاطع إقامة الكازينوهات ونوادي القمار فوق برها الرئيسي, باستثناء هونغ كونغ وماكاو اللتين لديهما وضع إداري خاص. وأضاف وزير الرياضة الصيني في تصريحاته التي نقلتها وسائل الإعلام الرسمية إن "جذور هذه المشكلة تمتد بعيدا. إنها تحذير لنا مفاده أن أمامنا مسيرة طويلة من أجل القضاء على الفساد في صفوف المسؤولين الرياضيين وقال ليو إن وزارته ستتعاون تماما مع تحقيقات الشرطة الجارية من أجل القضاء على الفساد في عالم الكرة مضيفا "كرة القدم رياضة تتمتع بتأثير اجتماعي هائل. إنها تحظى باهتمام زعماء الدولة وأفراد الشعب". وذكرت وسائل إعلام محلية أول أمس الإثنين أنه طلب من جميع مسؤولي الاتحاد الصيني لكرة القدم على المستويين الأعلى والأوسط , عدم مغادرة بكين حتى يتم الانتهاء من التحقيقات الجارية في هذه الفضيحة. واعتقل نان يونغ رئيس الاتحاد الصيني لكرة القدم في 15 يناير الجاري, وأقيل من مهامه على رأس الاتحاد الخميس الماضي . وقالت صحيفة " تشايانا ديلي" اليوم الأربعاء إن شكوكا تحوم حول تورطه لوقت طويل في أمور مالية مريبة مع شركة "إيفوكس" البريطانية المحتضن السابق لدوري كرة القدم في الصين. وأضافت الصحيفة أن نان حصل على رشى بقيمة 500 ألف يوان (73 الف دولار) من نادي محلي فاز بلقب دوري كرة القدم. كما تحدثت صحف صينية عن وجود قائمة محددة الأسعار لشراء رتب داخل الدوري الصيني . ورغم أن الصين تتفوق في عدة رياضات واحتلت الصف الأول من حيث الميداليات على المستوى العالمي خلال أولمبياد بكين عام 2008, إلا أن كرة القدم ما تزال رياضة ذات مستوى متدني, فالفريق الوطني الصيني يحتل الرتبة أل 93 عالميا خلف دول من مثل إيسلاندا وهايتي كما لم يتمكن من التأهل إلى نهائيات كأسي العالم 2006 و2010. وخلفت هذه الفضيحة ردود فعل قوية داخل الرأي العام الصيني وفي وسائل الإعلام المحلية التي طالبت بتدخل قوي للدولة لتصحيح الاختلالات في القطاع الرياضي وضمان تطوره السليم. وقال ما ديسينغ رئيس تحرير صحيفة "تيتان الرياضية" في تعليق له "إن هذه الحملة هامة جدا للبدء في إصلاح قطاع كرة القدم". أما ران تيي رئيس الجمعية الصينية لمناهضة الرهانات على المباريات الرياضية فاعتبر " أن ترتيب نتائج المباريات مسبقا والفساد الذي أصبح يستشري في كرة القدم راجع لعمليات القمار والرهانات واسعة الانتشار التي أضحت تحيط من كل جانب بالقطاع الرياضي".عبد الرزاق الطريبق