توفيق الناصري شكل موضوع واقع وضعية حقوق الانسان في المغرب عموما وفي الاقاليم الجنوبية للمملكة على الخصوص, محور ندوة نظمت الاربعاء بمدينة إشبيلية (جنوبإسبانيا). وأكد الصحافي الاسباني إيغناثيو مارين أوريو خلال هذه الندوة, التي شارك فيها نشطاء حقوقيون مغاربة وإسبان, أن واقع حقوق الإنسان في الاقاليم الجنوبية للمغرب "ضحية دعاية كاذبة", مبرزا أن هذا الواقع "مختلف تماما عما يتصوره أغلبية الرأي العام الاسباني". وقال مارين أوريو المدير السابق لمهرجان السينما في بيلباو "قبل أن نصدر حكما بشأن الوضع في الصحراء , يتعين علينا أن نطلع على الواقع في هذه المنطقة من خلال مختلف الوسائل المتاحة بما في ذلك التوجه إلى عين المكان لتقييم الوضع عن قرب", معتبرا أن وسائل الإعلام هي السبب الرئيسي في نشر الأفكار المسبقة لدى الرأي العام الاسباني حول هذه القضية. وفي معرض حديثه عن الوضع في مخيمات تندوف, أعرب مارين أوريو عن أمله في أن تنتهي المحنة التي يعاني منها هؤلاء الاشخاص, والتي لا تزال مستمرة لدوافع "سياسية محضة". ومن جانبه, أكد الكاتب الاسباني ماريانو سانث نابارو, الذي ألف كتابا حول الصحراء, التقدم الذي تم إحرازه في مجال حقوق الإنسان في الاقاليم الجنوبية, وهو التقدم الذي لاحظه وتحقق منه شخصيا خلال مختلف الزيارات التي قام بها للمنطقة. وقال سانث نابارو "عندما كنت بصدد التحضير لكتابي حول الصحراء, كنت أتنقل بكل حرية في مختلف الاقاليم الجنوبية وأجتمع مع من أرغب بدون أية مشاكل" على عكس ما يروجه له البعض وقد ألف ماريانو سانث نابارو سنة 2006 كتابا بعنوان "رحلة عبر الصحراء الغربية" بهدف تقريب القارئ من هذه المنطقة في المغرب والتعريف بجغرافيتها وسكانها وعاداتهم فضلا عن عدة جوانب أخرى. وأبرزت باقي التدخلات التقدم الذي أحرزه المغرب في مجال حقوق الإنسان وذلك بفضل النقاش والتوافق بين مكونات المجتمع المغربي, مشيدة في هذا السياق بالدور الذي اضطلعت به هيئة الإنصاف والمصالحة, التي تمكنت من دراسة 22 ألف ملف لضحايا ماضي انتهاكات حقوق الإنسان. وأعرب المتدخلون عن استيائهم للاستغلال السياسي لقضية حقوق الانسان من جانب الأطراف "المؤيدة للبوليساريو", منددين بالانتهاكات العديدة المرتكبة من قبل قادة "جبهة البوليساريو" طوال تاريخها. وأبرزوا أن قادة "البوليساريو" يواصلون احتجاز السكان الصحراويين عن طريق القوة والترهيب للبقاء في السلطة, مؤكدين أنهم لا تهمهم وضعية المحتجزين بقدر ما يهمهم استغلال معاناتهم من أجل تحقيق مكاسب مالية. وتميزت هذه الندوة, التي نظمتها الجمعية الاسبانية الصحراوية "حوار", بالشهادة الحية التي قدمتها السعدني ماء العينين المبعدة السابقة من قبل "البوليساريو" في كوبا وإحدى ضحاياه حول المعاناة التي مرت بها منذ الطفولة. وقد أجبرت السعدني ماء العينين عندما كانت تبلغ من العمر خمس سنوات على مشاهدة عمليات التعذيب, التي كان يتعرض لها والدها أمام الملأ من قبل جلادي "البوليساريو" قبل أن يتم إبعادها لدى بلوغها عشر سنوات إلى كوبا, حيث ظلت منفصلة عن أسرتها لمدة 17 سنة. وشددت على أن الظروف التي تعيش فيها منذ عودتها إلى المغرب مختلفة تماما عن تلك التي عاشتها من قبل, مبرزة الحريات التي يتمتع بها المغاربة في الاقاليم الجنوبية وبباقي مناطق المملكة.يذكر أن وفدا من ممثلي المجتمع المدني في الأقاليم الجنوبية للمملكة يقوم حاليا بزيارة إلى مدينة إشبيلية تتوخى ربط اتصالات مع البرلمانيين وممثلي المجتمع المدني في منطقة الأندلس, وتصحيح بعض الأفكار الخاطئة حول قضية الصحراء, وإطلاعهم على ظروف العيش في الأقاليم الجنوبية للمغرب, فضلا عن تعزيز التعاون بين الأقاليم الجنوبية للمملكة ومنطقة الأندلس الإسبانية. .