شدد الملك محمد السادس، في الخطاب الموجه للشعب المغربي بمناسبة الذكرى 34 لانطلاق المسيرة الخضراء،على الالتزام الدستوري الذي يفرض التعاطي بطريقة مختلفة مع قضية الصحراء،وجاء التشديد في لغة تضمنت عبارات الصرامة والحزم والحسم مع ازدواجية الموقف،إما مع الوطن أو ضد الوطن،وللانتماء للوطن ثمن أداه شهداء القضية وأداه المواطنون، وكذلك للوقوف ضد الوطن ثمن الخيانة والأموال التي يقبضها المتواطئون مع العدو في شكل دعم مالي خفي أحيانا وواضح أحيانا أخرى تحت مسميات الشراكة مع المنظمات التي تقف ضد المغرب. وجاء خطاب الملك بنفس مغاير يطرح معالم التجديد في برنامج تدبير قضية الصحراء وحمل مفاهيم جديدة : متانة الجبهة الداخلية، الإرادة السيادية الوطنية، النخب ذات الغيرة الوطنية، الإشراف القانوني الحازم للولاة والعمال، مواجهة التصعيد العدواني، الوضوح في المواقف، الاستغلال المقيت للحريات والحقوق، نهاية وقت ازدواجية المواقف، التآمر مع العدو خيانة عظمى، الارتزاق الرخيص، العهد الوثيق بعدم المساومة أو التفريط. وكل مفهوم هو عنوان عريض لبرنامج متكامل يمتزج فيه التنموي بالديبلوماسي بالأمني بالدستوري. العارفون بمسارات تشكل الخطاب الملكي باعتباره ليس كلاما للمناسبة يؤكدون أنه برنامج فعلي للإجابة عن أسئلة متجددة طرحتها قضية الصحراء داخليا وخارجيا، بدأت بقطع العلاقات مع إيران وفنزويلا ولم تنته باعتقال المجموعة المتورطة في التخابر مع الجهات المعادية. ويرى الملاحظون أنه منذ مدة شرع المغرب في الحسم مع الازدواجية في الموقف، فرغم العلاقات المتميزة مع طهران اضطر المغرب لقطع علاقاته بها نظرا لعدم وضوح موقفها من مرتزقة البوليساريو وكذلك الشأن بالنسبة لفنزويلا هوغو تشافيز. الخطاب الملكي لحظة لتجاوز الماضي وأسلوبه الذي تميز بنوع من التسامح استغله أعداء الوحدة الترابية واستغله المرتزقون بقضايا الوطن وقضايا حقوق الإنسان، ولم ينس الخطاب الملكي تذكير دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان بأنه لا يوجد بلد في الدنيا يقبل بخيانة أبنائه حيث قال "هل هناك بلد يقبل بجعل الديمقراطية وحقوق الإنسان, مطية لتآمر شرذمة من الخارجين عن القانون مع الأعداء على سيادته ووحدته ومصالحه العليا ؟ ومتى كانت ممارسة الحريات تبيح تخريب الممتلكات العامة والخاصة, التي بناها المواطنون بتضحياتهم, وما ذنبهم في ذلك ؟" وجاء الجواب عن هذه الأسئلة حاسما "كلا, إن كل القوانين الوطنية والمواثيق الدولية, تجمع على تجريم العنف، وتعتبر التآمر مع العدو خيانة عظمى".