بعد اشهر من الشائعات المتكررة عن وفاة الرئيس المصري السابق حسني مبارك, اذهل مبارك الذي بدا قويا ومتحديا ملايين المصريين الذين تابعوا محاكمته السبت ولو بقدر قليل من الاهتمام حول مصيره. وتلقى مبارك (84 عاما) علاجا من امراض بالقلب وكسور بالضلوع ورشح بالرئتين والاكتئاب وارتفاع ضغط الدم, وذلك بحسب تصريحات لمحامين واطباء له. وفي حزيران/يونيو الماضي اعلنت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية الرسمية ان مبارك توفي اكلينيكا بعدما تدهورت حالته الصحية ودخل في غيبوبة. واحتجز مبارك لنحو ستة اشهر في مستشفى سجن طرة. قبل ان ينقل في اواخر كانون الاول/ديسمبر, الى احد المستشفيات العسكرية في القاهرة "نظرا لتدهور حالته الصحية". وثار الجدل حول اذا ما كان مبارك سيتمكن بالفعل من المثول امام المحكمة مع كبار مسؤوليه الامنيين المتهمين بالتورط في قتل والشروع في قتل المتظاهرين السلميين في الفترة ما بين 25 و31 كانون الثاني/يناير ,2011 ابان احداث الانتفاضة الشعبية التي اطاحت بحكمه لاحقا في شباط/فبراير من العام ذاته. لكن مبارك فاجأ الجميع السبت بمظهر مغاير تماما عما يتردد عن صحته في وسائل الاعلام. وظهر مبارك في القفص قويا ومتحديا وشابا, جالسا بشكل طبيعي وهو يضع نظارة شمس تحجب نظرات عينيه. ولوح مبارك وابتسم لمناصريه الذين حضروا الجلسة او شاهدوها عبر شاشات التليفزيون. كما دخل في احاديث ودية مع نجليه علاء وجمال المتهمين في قضايا فساد. وقالت هبه رضوان المقيمة بالقاهرة "توقعت ان ارى رجلا كبير السن ومريضا. توقعت ان اشعر بالاسى له", وتابعت "لكن صوره وهو يبتسم ويلوح بيديه كانت مستفزة". واللافت ان ظهور مبارك السبت كان على نقيض ظهوره للمرة الاولى في قفص الاتهام حين ظهر شاحبا ومريضا في اب/اغسطس 2011. وقالت صحيفة الاخبار المملوكة للدولة في عنوانها الرئيسي الاحد "صحة مبارك بمب (ممتازة)". وقال احمد السيد وهو عامل بمقهى في القاهرة "لقد كنت غاضبا حين شاهدته في القفص", واضاف السيد "لقد كنت نسيت امره لدرجة انني لم اشاهد المحاكمة على الهواء مباشرة.. لكن عندما رايته في التليفزيون, لم اصدق هذا الاستفزاز". وكانت محكمة النقض امرت في كانون الثاني/يناير باعادة محاكمة مبارك بعدما قبلت نقضه في الحكم الصادر ضده بالحبس مدى الحياة في حزيران/يونيو 2012. وحكم على وزير داخلية مبارك السابق حبيب العادلي بالسجن مدى الحياة ايضا, لكن مساعدوه حصلوا على احكام بالبراء بشكل اثار الجدل وفجر غضب واحتجاجات واسعة عبر البلاد في حزيران/يونيو الماضي. وتعهد الرئيس المصري محمد مرسي, الذي خاض الانتخابات مرشحا لجماعة الاخوان المسلمين, باعادة محاكمة مسؤولي النظام السابق المتورطين في قتل المتظاهرين بمن فيهم مبارك. لكن فترة ادارة مرسي شهدت حدوث اضطرابات وصدامات قاتلة بين المتظاهرين والشرطة في مدن مصرية عدة خاصة مدن القناة التي اعلنت عصيانا مدنيا وانتفضت ضد قرارات منه بفرض حظر التجول, بالاضافة الي وقوع حوادث عنف طائفي, وازمة اقتصادية مدمرة, وهي الظروف التي وضعت البلاد على حافة الفوضى. وحذر مبارك اثناء الانتفاضة الشعبية ضده في 2011 من تعرض البلاد للفوضى حال تنحيه. ويقول البعض ان شعوره بحدوث توقعاته يفسر سلوكه بقاعة المحاكمة السبت. وقالت صحيفة التحرير المستقلة الاحد في عنوانها الرئيسي "مبارك يلوح لمرسي واخوانه : شكرا يا جماعة", في اشارة منها الي الظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة للبلاد التي يحاكم فيها تحت حكم الرئيس مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين. وقالت صحيفة الشروق اليومية المستقلة "تعثرت الثورة.. فضحك مبارك". واظهر رسم كاريكاتوري في صحيفة التحرير القاضي يسال مبارك عن وجود محاميه معه, وهو ما رد عليه مبارك "وعلى ايه (لماذا) محامي ودفاع.. مرسي الله يستره قام بالواجب". جيلان زيان