حاول الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاربعاء استعادة هيبته الرئاسية التي اضعفتها فضيحة وزير الميزانية السابق جيروم كاهوزاك, معلنا عن مكافحة حازمة للتهرب الضريبي وسعيه "للقضاء" على الجنات الضريبية, غير ان نجاعة هذه الاجراءات محل شك. وسعى هولاند الى اظهار حزمه من خلال التاكيد على مكافحة "لا هوادة فيها" ضد "انحرافات المال" والقضاء على الجنات الضريبية في العالم وذلك في مواجهة طلبات متكررة من المعارضة باجراء تعديل حكومي بعد اعترافات جيروم كاهوزاك بشان حيازته حسابا سريا في الخارج. لكن رئيس الكتلة النيابية لحزب التجمع من اجل حركة شعبية (يمين) كريستيان جاكوب اعتبر ان الاجراءات التي اعلنها هولاند "ليست بالمرة في مستوى الفضيحة التي تطال الحكومة" وعلق على هامش جلسة صاخبة في الجمعية الوطنية بان "عملية تحويل الانتباه مستمرة". وتجسد التراجع الكبير في شعبية الرئيس الفرنسي هذا الاسبوع من خلال عناوين بارزة بالصفحات الاولى للاسبوعيات. وتساءلت لوبوان "هل هو في المستوى ?" في حين عنونت لكسبريس "السيد الضعيف". واعلن هولاند في ثاني تدخل له في اسبوع ان المصارف الفرنسية ستلتزم لاحقا بنشر لائحة بفروعها في الخارج وطبيعة نشاطاتها. وهو يريد "تطبيق هذا الالزام كذلك على مستوى الاتحاد الاوروبي وتوسيعه لاحقا ليشمل الشركات الكبرى". وقالت منظمة اوكسفام غير الحكومية ان هذه الاجراءات تمضي في الاتجاه الصحيح لكن يتعين تفعيلها "باسرع ما يمكن" في "مستوى فرنسا واوروبا" ودوليا. غير ان شكوكا تحوم حول فعاليتها بل وحتى في مستوى طابعها الواقعي. وفي هذا السياق انتقدت نقابة القضاء (تصنف يسارية) والاتحاد النقابي للقضاة اكبر منظمة للقضاة, احداث نيابة مالية وطنية واعتبروا ان ذلك ليس "تجديدا" ولا "تقدما". وبالفعل توجد منذ سنوات عديدة تشريعات خاصة في مجال الانحراف المالي والاقتصادي تشمل بالخصوص قضاة تحقيق, كما لاحظت المنظمتان. اما الاجراءات الخاصة بمكافحة الجنات الضريبية فانها براي المختصين ليست جديدة تماما حيث توجد لائحة سوداء منذ 2010. وعلى مستوى فرض المعايير الاخلاقية على الحياة السياسية الفرنسية استبعد هولاند عودة كاهوزاك الى الجمعية الوطنية التي يجيزها القانون والتي يرغب بها الوزير السابق بحسب مصادر برلمانية. كما ابدى هولاند موقفا حازما حيال وزرائه الذين يجيزون لانفسهم انتقاد رئيس الوزراء او التشكيك في سياسته الاقتصادية. وقال الرئيس الذي يحيي في ايار/مايو الذكرى الاولى لتوليه الرئاسة "لا يمكن لا ي وزير طرح تساؤلات حيال السياسة المطبقة". واضاف مشددا ان "الجدية هي البوصلة, والنمو هو الهدف, والتوظيف هو المطلب. هذه السياسة اقرت ولن اغيرها" مؤكدا انها ليست سياسة تقشف كما ينتقد بعض الوزراء والجناح اليساري في الحزب الاشتراكي. ويتوقع ان تترجم هذه الاعلانات في مشروع قانون في 24 نيسان/ابريل. وقد ادت قضية كاهوزاك التي اثارت زوبعة سياسية في فرنسا, الى جدل حاد في المجتمع الفرنسي حول نشر ممتلكات النواب. وبدأ الوزراء بايعاز من الرئيس, بالكشف عن اموالهم, ما اثار احيانا سخرية على المواقع الاجتماعية وشماتة واحيانا احتقار المعارضة. كما يريد الرئيس الفرنسي منع الجمع بين الطموح الانتخابي وبعض المهن مثل محامي الاعمال. ولئن اشاد مارتن هيرش العضو السابق في حكومة ساركوزي بخطة "اخلقة" الحياة السياسية "الاهم خلال الربع قرن الاخير", فان نواب المعارضة مثل برونو لي مار اتهموا الرئيس بانه "يخلق شيئا فشيئا جمهورية الريبة والحسد بين الفرنسيين".ماتيو فولك