الفتنة أشد من القتل كما جاء في الأثر، لأن القتل ينهي الحياة والفتنة قتل يومي مستمر. وهناك من يسعى في الفتنة قصد تحقيق أغراض سياسية ولا يهمه بعد ذلك تبعاتها. وما أقدم عليه حزب العدالة والتنمية، الذي يترأس الحكومة، لا يسير إلا في سياق إحداث الفتنة في المغرب، وضرب الاستقرار والاستثناء المغربي لأن الحزب يزعجه أن يسمع الاستثناء الذي جعله هو أيضا يدخل في هذا الاستثناء على خلاف الأحزاب الإسلامية في العالم العربي. حكومة الفتنة تتجه نحو قرارات خطيرة. قرارات لها فائدة انتخابية لكن لها تداعيات قد تأتي على الأخضر واليابس. فحكومة الفتنة تتجه نحو ما أسمته إصلاح صندوق المقاصة وذلك عبر توزيع مخصصات تصل إلى ألف درهم لمن أسمتهم الفقراء في عدد إجمالي قد لا يتجاوز مليوني مواطن. في حين المسجلون في راميد هم حوالي ثمانية ملايين ونصف وهناك غير المسجلين وهم حوالي مليونين وهناك غير مسجلين لكن هم تحت عتبة الفقر بما يعني أن العدد قد يصل إلى نصف سكان المغاربة. فهل بمقدور بنكيران أن يمنحهم مخصصات شهرية؟ نشير بداية إلى أن الغرض من هذه المخصصات هو الانتخابات. لكن عمليا لن تسمن ولن تغني من جوع. فبنكيران سيأخذ باليسرى ما يعطيه باليمنى. وبعد ذلك يتخلص من صندوق المقاصة نهائيا. لأن الألف درهم التي سيخصصها بنكيران لمن سماهم الفقراء سيأخذها من جهة أخرى عبر تحرير أسعار مجموعة من المواد. فحسب خبراء فإن قفة الحانوت ستعرف زيادة بحجم 500 إلى 600 درهم ناهيك عن أن التحرير سيضاعف المواد الاستهلاكية الأخرى بعد ارتفاع أثمنة النقل. إذن بنكيران لن يعطي لفئة الفقراء، حسب تصنيفه، أي سنتيم لكن بالمقابل سينزع مبلغ ألف درهم من باقي المواطنين. ففي قرار بنكيران فتنة مزدوجة. أولا سيرفع حدة التوتر بالتفريق بين المواطنين، خصوصا وأن من يعيشون الحياة المريحة أو حالة الغنى هم أقلية. أما باقي المواطنين فيعيشون حياة عادية حتى لو اختلفت درجاتها. فعدة ملايين تحصل على أجور زهيدة متوفرة على التسجيل في الضمان الاجتماعي والصحي لكن أجرها غير كاف ولن تحصل على "صدقات" بنكيران الملغومة. وثانيا لأن ما سيعطيه باليمنى سيأخذه باليسرى. بنكيران يريد أن يقنع الناس بأنه سيأخذ من الأغنياء ويعطي للفقراء. وهذه كذبة واضحة. ويريد أن يقول بل قال ويكرر إنه لن يؤدي ثمن البنزين على أصحاب السيارات الفاخرة. وكأن المغاربة يعيشون البحبوحة وكأن أصحاب هذه السيارات ليسوا مواطنين يشتغلون أيضا بل يقضون أوقاتهم في التجوال. بنكيران لن يعطي شيئا بل سيأخذ من المواطنين. بنكيران سيتصرف في الرأسمال العام للدولة وقد تنهار المؤسسات إذا ما تم له ما أراد. بنكيران سيقضي على السلم الاجتماعي والاستقرار والدول تؤدي الثمن عن الاستقرار. بنكيران يريد الفتنة.