اعلن جمال الغاربي (62 عاما) العضو في المجلس المحلي لمدينة لو مان في غرب فرنسا انه تقدم بشكوى في تونس بعد ان تعرض للضرب في مدينة بيزرت شمال تونس على ايدي ناشطين اسلاميين سلفيين كانوا يعترضون على اقامة مهرجان ثقافي. وكان جمال الغاربي العضو الاشتراكي في المجلس المحلي لمدينة لو مان يتنزه بصحبة زوجته وابنته البالغة الثانية عشرة من العمر في احد احياء بيزرت التي يتحدر منها مساء الخميس الماضي عندما تعرض للاعتداء. وروى ما حدث معه قائلا "التقينا نحو خمسين سلفيا توجهوا بكلامهم مباشرة الى زوجتي وابنتي بحجة ان ثيابهما غير لائقة مع ان ما كانا يرتديانه لا يوحي باي استفزاز". وتابع انه طلب من زوجته وابنته الهرب فيما انهال عليه المهاجمون ب"الضرب بالهراوات. ولم انج بنفسي الا نتيجة تمكني من الهرب ولو كنت وقعت ارضا لقتلوني بالتاكيد". وكانت وزارة الداخلية التونسية اوضحت ان الاعتداء كان عند اختتام مهرجان بيزرت الثقافي "من قبل نحو 200 شخص من التيار السلفي" بحسب ما افاد شهود اكدوا انهم كانوا مسلحين بالعصي والهراوات والسيوف. كما سقط خمسة جرحى اخرين. واثر اصابته برضوض توجه الغاربي الى مقر للشرطة حيث قدم شكوى قبل ان يعود بشكل عاجل الى فرنسا مع عائلته بالتعاون مع السفارة الفرنسية في تونس. وقال الغاربي ان وزير الخارجية لوران فابيوس "اتصل بي تعبيرا عن تضامنه معي". واصدر رئيس بلدية باريس الاشتراكي برتران ديلانويه المولود في تونس بيانا ندد فيه "بهذا العمل المشين والجبان الذي قامت به مجموعة متطرفة ما يتعارض مع قيم تونس". تشريع للفوضى هاجم الشيخ عبد الفتاح مورور حكومة الائتلاف الثلاثي الحاكم الذي تقوده حركة النهضة مشددا على أن "سكوتها على تجاوزات السلفيين هو تقنين للفوضى واستباحة لحق المواطنة" وأكد أن "الدولة مطالبة اليوم بفرض تطبيق القانون والتصدي للسلفيين" واصفا إياهم ب "الفوضويين". وقال الشيخ الذي أسس معية راشد الغنوشي في بداية الثمانينات من القرن الماضي حركة الاتجاه الإسلامي، النهضة حاليا "إن الإشكال الذي تعيشه تونس اليوم يتمثل في أننا نخشى من إمكانية أن يصبح العنف شكلا من أشكال التعامل العادي بإسم الإسلام". وأضاف في مقابلة مع صحيفة "الصريح" أن ما تشهده تونس اليوم من تنام لعنف السلفيين "خطير جدا في بلاد تعيش مرحلة الديمقراطية الناشئة" ملاحظا أن "استعمال السلفيين العنف لفرض أفكارهم وآرائهم من شأنه أن يلغي الديمقراطية من أساسها". وكان مورور تعرّض يوم 6 غشت الحالي لاعتداء بالعنف من قبل السلفيين أثناء مشاركته في ندوة فكرية نظمتها "شبكة تونس للحقوق والحريات والكرامة" في مدينة القيروان الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر جنوبتونس العاصمة. ووصف "الظاهرة السلفية ب "الحالة المرضية" مشددا على أن "الوقت قد حان لأن يولي التونسيون أهمية أكبر لهذه الظاهرة وعدم الاكتفاء بشجبها فقط" ودعا إلى "ضرورة التطرق إلى معالجة الظاهرة السلفية من منظور علمي اجتماعي نفساني وقانوني وسياسي". الفوض تصل إلى المساجدتحوّلت المساجد في تونس إلى مسارح للعنف والصراعات، حتى باتت الفوضى بداخلها جزءا من المشهد اليومي الذي تعيشه البلاد بعد الثورة. وتتمثل حالات الفوضى في عزل الأئمة وإنزالهم من المنابر وتنصيب أئمة متشددين، وتبادل الشتائم والعنف، الذي يصل إلى حد استعمال السلاح الأبيض والغاز المشلّ للحركة بين مجموعات مختلفة فكريا. وتوجه أصابع الاتهام إلى أطراف محسوبة على التيار السلفي، الذي يسعى -حسب بعض المراقبين- إلى البروز على الساحة الدينية وبسط نفوذه على المساجد، التي كانت إدارتها تحت قبضة نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. ويقول مستشار وزير الشؤون الدينية صادق، إن المساجد في تونس عاشت بدورها ثورة بعد سقوط النظام، مشيرا إلى أن الناس "ثاروا" على الأئمة، الذين نصبوا "على أساس الولاء لا على أساس العلم". وحمّل المنتمين للتيار السلفي مسؤولية تواصل حالة الاحتقان، قائلا "هذا الطرف يعمل على فرض إرادته وتواجده بالقوة في المساجد وهو مدفوع إمّا بقناعات عقائدية أو تعصّب مذهبي أو حسابات سياسية". ويقسّم العرفاوي التيار السلفي في تونس إلى ثلاث جماعات إحداها تتبنى فكر "القاعدة" وتسمّى "السلفية الجهادية"، وجماعة "متشددة" لا تتبنى القوّة وتدعى "السلفية العلمية"، وجماعة "تكفيرية" يطلق عليها "المداخلة"، نسبة للشيخ الوهابي ربيع المدخلي.