يدخل مشروع قانون المالية لسنة 2012 اليوم الإثنين مرحلة المناقشة العامة في انتظار المصادقة عليه يوم الأربعاء المقبل، في ظل استمرار الجدل حول هذا القانون الذي لا يعدو بنودا مستنسخة من القانون الذي أنجزه صلاح الدين مزوار على عهد حكومة عباس الفاسي، وقالت مصادر مهتمة، إن الحكومة الحالية تكاد تدخل المغرب في أزمة حقيقية بسبب ما تضمنه المشروع من تعديلات تهدف إلى إرهاق المالية العامة، خاصة، على مستوى صندوق المقاصة الذي ستبلغ حصيلته عند متم هذه السنة أزيد من 60 مليار درهم، إضافة، إلى قرار الحكومة الزيادة في الضريبة الخاصة بمجموعة من المنتوجات، مما يهدد بحالة جمود حقيقية، وأوضحت المصادر ذاتها، أن حكومة بنكيران وجدت نفسها في مواجهة كثير من التحديات المالية المرتبطة أساسا بالأزمة الاقتصادية، لكنها فشلت في مواكبة الإكراهات التي رافقت القانون المالي. وكان عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، قد وجه انتقادات لاذعة لحكومة بنكيران، واصفا، إياها بالتلميذ غير النجيب، وفرضت تدخلات والي بنك المغرب على حكومة بنكيران تخفيض توقعاتها بشأن النمو إلى أقل من 3 في المائة، مما أدخلها مرحلة الشك في الأرقام المقدمة. وكانت المعارضة بمجلس النواب وجهت انتقادات لاذعة لحكومة بنكيران، حين اعتبرت، أن مشروع قانون المالية مجرد إدارة لأزمة٬ مسجلة، أن الحكومة كانت عاجزة عن تقديم أية قوة اقتراحية للخروج من هذه الأزمة. وسعى بنكيران وفق تصريحات لعدد من نواب المعارضة، إلى تقديم حلول غير حقيقية لبعض الأزمات من قبيل أزمة الفلاحة، التي دخلت منذ مدة مرحلة العد العكسي بسبب الجفاف الذي عصف بكثير من الزراعات الخريفية خاصة الحبوب، وهو الأمر الذي جعل حكومة بنكيران تعيد النظر في كثير من توقعاتها بشكل أثار استخفاف المراقبين، وقالت المصادر ذاتها، إن مشروع القانون تراجع فيما يتعلق بمجموعة من القطاعات الحيوية كالسياحة والصادرات والواردات والفلاحة التي تعاني أزمة٬ مسجلة، أن المشروع لم يتضمن إشارة لصندوق الكوارث، وذهبت إلى حد القول، إن المشروع هو عبارة عن إنتاج لنفس القانون المالي الذي أعدته الحكومة السابقة في ظروف مغايرة تماما عن السياق الحالي٬ معتبرة، أن المشروع ليس فيه تصورا جديدا ولا يستجيب للبرنامج الحكومي ولتطلعات المواطن، خاصة، أن حزب العدالة والتنمية لعب على كثير من الأرقام في برنامجه الانتخابي والتي تأكد بعدها عن الحقيقة، محذرة، من انعكاسات الجفاف وتأثيرات الأزمة الاقتصادية الدولية، خاصة في منطقة الأورو والتي قد تعصف بما تبقى من خصوصيات الاقتصاد الوطني الذي يعاني نوعا من الهشاشة التي زادت حدتها مع تعيين حكومة بنكيران التي فشلت في تدبير المرحلة الراهنة. وقالت المصادر، إن التدابير التي جاء بها هذا القانون كالتخفيضات الضريبية لن يكون لها أي انعكاس مباشر على الشرائح الاجتماعية الفقيرة٬ وسجلت المصادر ذاتها، أن هناك نوعا من الهشاشة في الفرضيات التي ارتكزت عليها الحكومة في إعداد هذا القانون حيث لم تأخذ الحكومة بعين الاعتبار حالة الجفاف المطلق الذي يعاني منه المغرب والذي تكبد القطاع الفلاحي من جرائه خسائر قدرتها ب 13 مليار درهم٬ إضافة، إلى كونها أغفلت ارتفاع أسعار المحروقات في الأسواق العالمية وإكراهات الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث يتوقع، أن تعاني منطقة الأورو سنة 2012 من انكماش كبير٬ مما سيؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني. وأشارت المصادر، إلى أن قانون المالية لم يحصل فيه أي تغيير جوهري على نص مشروع قانون المالية السابق، مسجلة، أن مشروع القانون المالي الحالي يستشف منه أننا أمام سنة ضائعة من الإصلاح لأنه لم يحمل في طياته أي إشارة للإصلاحات التي طالبت بها الهيئات السياسية والحقوقية، خاصة، على مستوى صندوق المقاصة وأنظمة التقاعد، مشددة، على أن أكبر إشكال تعانيه الحكومة الحالية هو في نمط النمو الذي تقترحه والمرتكز بالأساس على البنية التحتية والطلب الداخلي٬ داعية، إلى تغيير هذا النمط والبحث عن حلول بديلة تمكن من تجاوز المعيقات الحالية.عبد المجيد أشرف