تباينت أراء وتدخلات المشاركين في برنامج تلفزيوني تم بثه ليلة أمس على شاشة القناة الأولى، بين محبذ ومنتقد، لمشروع القانون المالي لسنة 2012، في ظل إكراهات المرحلة الراهنة،وحذروا من انعكاسات الجفاف وتأثيرات الأزمة الاقتصادية الدولية،خاصة في منطقة الأورو. وقال سعيد خيرون٬ رئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب٬ عن حزب العدالة والتنمية٬ إن مشروع القانون المالي لسنة 2012 فيه نوع من الاستمرارية وجاء بتدابير جديدة سيكون لها وقع إيجابي على المواطنين. وأضاف خيرون٬ خلال استضافته في حلقة مساء أمس الثلاثاء من برنامج "قضايا وآراء"٬ الذي تبثه القناة الأولى٬ والتي خصصت لموضوع "مشروع القانون المالي لسنة 2012 بين الإمكانيات والأولويات"٬ وفق ماأوردته وكالة الأنباء المغربية،إن هذا المشروع٬ الذي يحمل لمسات الحكومة الجديدة٬ جاء بعدد من الإجراءات والتدابير الجديدة التي ستعود بالنفع على المواطنين٬ لاسيما رفع الميزانية المخصصة لصندوق المقاصة إلى 8ر48 مليار درهم والرفع من حجم الاستثمار العمومي من 167 مليار درهم إلى 188 مليار درهم٬ إضافة إلى إنعاش التشغيل. كما ينص مشروع القانون المالي الجديد٬ يضيف خيرون٬ على الاستمرارية في مخطط الفلاحة والصيد البحري٬ فضلا عن تضمنه إحداث صندوق دعم التماسك الاجتماعي٬ وصندوق التنمية القروية الذي خصص له غلاف إجمالي يقدر بمليار درهم. من جهته٬ أكد محمد مبديع٬ رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب٬ أن مشروع القانون المالي لسنة 2012 الذي روعيت خلال إعداده الإكراهات الداخلية والخارجية٬ لاسيما ارتباط المغرب بمنطقة الأورو وتأثيرات الأزمة الاقتصادية والمالية٬ يهدف إلى تعزيز دولة القانون وتحقيق الحكامة الجيدة والعمل على إرساء قواعد نمو مستدام. واعتبر أن هذا المشروع يمكن المواطن من الوصول إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية من خلال نصه على تفعيل وتوسيع صندوق التعاون السكني وصندوق التماسك الاجتماعي وتعميم التغطية الصحية٬ وتضمنه تخفيضات ضريبية وتشجيعه المقاولات على إحداث فرص الشغل. ونظرا لارتباط الاقتصاد المغربي الوثيق بمنطقة الأورو٬ شدد مبديع على ضرورة إضفاء شروط العقلنة في التسيير وإصلاح الوعاء الضريبي بشكل منصف لضمان تفعيل الإمكانيات المحلية. أما أحمد التهامي٬ عن حزب الأصالة والمعاصرة٬ فاعتبر أن مشروع القانون المالي لسنة 2012 "يعبر عن الارتباك الحكومي ولا يحمل في طياته أي جديد" لكونه جاء بعد ثلاثة أشهر من الانتظار ولأن "جل مكوناته كانت متضمنة في مشروع المالية الذي أعدته الحكومة السابقة". وبالنسبة للتهامي٬ فإن التدابير التي جاء بها هذا القانون كالتخفيضات الضريبية "ليس لها انعكاس مباشر على الشرائح الاجتماعية الفقيرة"٬ معربا عن الأمل في أن يتم تدارك هذه "الاختلالات" مستقبلا. وتبنى عبد العالي دومو٬ نائب رئيس مجلس النواب عن حزب الاتحاد الاشتراكي٬ نفس الرؤية حيث اعتبر أن مشروع قانون المالية في صيغته الحالية لا يختلف كثيرا عن الصيغة التي كانت قد أعدتها الحكومة السابقة. وسجل أن "هناك نوعا من الهشاشة في الفرضيات التي ارتكزت عليها الحكومة في إعداد هذا القانون" حيث لم تأخذ الحكومة بعين الاعتبار حالة "الجفاف المطلق" الذي يعاني منه المغرب والذي تكبد القطاع الفلاحي من جرائه خسائر تقدر ب 13 مليار درهم٬ إضافة إلى كونها "أغفلت" ارتفاع أسعار المحروقات في الأسواق العالمية وإكراهات الأزمة الاقتصادية العالمية حيث يتوقع أن تعاني منطقة الأورو سنة 2012 من انكماش كبير٬مما سيؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني. كما دعا دومو إلى تجاوز الاختلالات في "التنزيل الترابي" لقانون المالية من خلال خلق آليات من شأنها تمكين سكان المناطق النائية من الولوج إلى الصناديق التي تم إحداثها٬ وإحداث آليات للقرب. ويرى أستاذ العلوم الاقتصادية٬ عثمان كاير٬ من جانبه٬ أنه "لم يحصل تغيير جوهري على نص مشروع قانون المالية السابق"٬ مسجلا أن مشروع القانون المالي الحالي "يستشف منه أننا أمام سنة ضائعة من الإصلاح لأنه يحمل في طياته إشارات للإصلاحات العميقة (صندوقا المقاصة والتقاعد)". وبعد أن أكد أن الوضعية الاقتصادية الوطنية والدولية جد صعبة لكون الاتحاد الأوروبي يعرف مشاكل عدة ويمر بأزمة اقتصادية ومالية خانقة٬ شدد كاير على أن المشكلة الأساسية تكمن في نمط النمو الذي تقترحه الحكومة والمرتكز بالأساس على البنية التحتية والطلب الداخلي٬ داعيا إلى تغيير هذا النمط والبحث عن حلول بديلة تمكن من تجاوز المعيقات الحالية. من جهته٬ اعتبر الصحفي والخبير الاقتصادي ٬ محمد الشرقي٬ أن الاختيارات التي تبنتها الحكومة في مشروع القانون المالي الجديد ٬ والمتمثلة في اقتصاد السوق الليبرالي٬ هي نفسها التي كانت في السابق. وثمن٬ من جهة أخرى٬ تخصيص الحكومة لمبلغ 188 مليار درهم كميزانية للاستثمار العمومي الذي يهم المؤسسات العمومية وقطاع الفوسفاط والسكك الحديدية٬ وإحداثها 26 ألف منصب شغل٬ معتبرا أن من شأن ذلك امتصاص بطالة حاملي الشواهد العليا والنهوض بالخدمات الاجتماعية الأساسية.