تمكين الجامعة من أداء دورها كفاعل أساسي في إعداد النخب القادرة على خدمة بلدها ومصدرا لإبداع الفكر المتنور وقوة اقتراحية بناءة في مرحلة تاريخية مطبوعة بشتى التحولات العميقة والمتسارعة، ذلك هو الطموح الكبير الذي عبر عنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالنسبة للجامعة في العالم العربي. ويكتنف ثنايا إنجاز هذا الورش الكبير العديد من الصعوبات ما يجعل الجامعة في المغرب وفي العالم العربي على العموم٬ ضحية لتداخل العديد من الأسباب والمعوقات الذاتية والموضوعية٬ تنعكس على وضعية البحث والإبداع وتكوين الأطر. وجاءت رسالة جلالة الملك للمشاركين في الدورة الخامسة والأربعين للمؤتمر العام لاتحاد الجامعات العربية التي انطلقت أول أمس الثلاثاء بمدينة فاس، لتبرز ضرورة "الانخراط الإيجابي" في دينامية المتغيرات العربية والتحولات العالمية كرصد موضوعي لواقع جلي للعيان. وأبرزت الرسالة الملكية، أن هذه الوضعية جعلت مكانة الجامعات العربية في الترتيب الدولي للجامعات، من حيث البحث العلمي وتخريج الكفاءات العالية والاستحقاقات العلمية في ميادين الابتكار والتكنولوجيا، توجد مع كامل الأسف٬ في مراتب متأخرة. هذا التحدي الصعب يفرض٬ في منظور جلالة الملك٬ تعزيز استقلال الجامعة في العالم العربي ووضع آليات للتنسيق والتكامل والتفاعل فيما بينها بما يؤهلها لتأهيل الشباب العربي الرصيد الحقيقي للبلدان العربية. فالجامعات العربية مدعوة٬ في هذا السياق٬ إلى تكريس قيم ومبادئ الديمقراطية والحكامة الجيدة والمشاركة الإيجابية والعقلانية والفكر النقدي المتنور وحرية التعبير والاجتهاد والانفتاح على محيطها الاقتصادي والاجتماعي. ودعا جلالة الملك في هذا الصدد، إلى تضافر جهود الجامعات العربية ودعم تطوير أدائها وتعزيز استقلالها والاستثمار الأمثل لإمكاناتها ووضع آليات للتنسيق والتكامل والتفاعل فيما بينها. ومن هذا المنظور دعا جلالة الملك أيضا، إلى تحقيق أهداف اتحاد الجامعات العربية وخاصة ما يتعلق منها بتشجيع إنشاء مراكز البحوث ودعم البحوث العلمية المشتركة وتبادل نتائجها. ويتعلق الأمر٬ كما أعرب جلالة الملك عن ذلك٬ في تمكين المؤسسات الجامعية بما يمكنها من أن تساير مستجدات العصر وتقنيات التعليم وأنماطه الحديثة.