لن نجانب الصواب إذا قلنا، إن هناك مخطط يتم التحضير له للسيطرة على الإعلام، المرئي والمسموع والمكتوب والرقمي، من طرف مليارديرات حزب العدالة والتنمية، الذي يترأس الحكومة، وهو مخطط يهدف إلى جعل الصحافة بصوت واحد وبألسنة متعددة، ولا نقصد هنا بالألسنة اللغات، ولكن نعني بها الحقول الإعلامية، أي حتى يصبح هذا الصوت مترددا في الصحف المكتوبة والرقمية وفي الإذاعات وحتى التلفزات. وقد نجح حزب العدالة والتنمية فيما فشلت فيه الكتلة الديمقراطية عندما تركت صحافتها، المناضلة والثورية والتي شكلت لعقود متتالية الذراع الاستراتيجي للنضال الديمقراطي، تنهار مباشرة بعد دخولها صالونات السلطة وممارسة الشأن العام بكل أشكاله، وتحولت هذه الصحف، التي كان مفروضا فيها أن تبث رسالة الحزب، إلى المنافسة على أخبار الحوادث. فحزب العدالة والتنمية، الأداة الوظيفية لحركة التوحيد والإصلاح السلفية، ليس كما يعتقده بعض محترفي السياسة بأنه حزب ساذج، فهو أخطر مما يمكن أن يتصوره الكثيرون، فهو يعتمد عنصرين أساسيين في نضاله، فهو يعتمد الكمون والاختباء عندما تشتد الأمور، ويتقن أساليب النعامات في التعاطي مع الأزمات والظروف مثلما حدث بعد 16 ماي، وأسلوب الشعبوية الممزوج بالخطاب الديني. لقد استوعب حزب العدالة والتنمية مصير الكتلة الديمقراطية وفهم دور الإعلام والتطور الحاصل فيه فعمل على السيطرة عليه بكل مكوناته، فكان أن تحول إلى مساهم رئيسي في أكثر من صحيفة، بالإضافة، إلى يومية التوحيد والإصلاح ومساهم في العديد من المواقع الإلكترونية من بينها موقع يحتل الصدارة في المغرب وكان في ملكية أحد المهاجرين المغاربة. لقد فهم حزب العدالة والتنمية دور الإعلام وحتى الإعلام الرقمي ودخل بالقوة في هذا المجال، وليس من قبيل الصدفة أن يخطط الحزب الإسلامي لدعم الإعلام الرقمي وفق مواصفات يعرفها هو فقط، لأنه يعي جيدا، أن مواقع مهمة في ملكيته، وبالتالي، فإن الدعم المهم والأساسي سيعود إليه. وبينت الطريقة التي تناولت بها وزارة الاتصال الموضوع، على أن هناك محاولة للتسطيح والتتفيه، وكلما أصبحت الأمور سطحية وتافهة تسنى للحزب الإسلامي السيطرة عليها، فعملية التجميع العشوائي التي قام بها الخلفي توحي بأنه لا رغبة له في إيجاد صيغ موضوعية للتعاطي مع الإعلام الرقمي ولكن بعد تسطيح العملية يسطو عليها من خلال لجنة تكون مقربة من الحزب الذي يترأس الحكومة. لقد عودنا الحزب الإسلامي على تسطيح الأمور كل الأمور حتى ينعدم النقاش الموضوعي ويزول الحوار العميق، وكلما كانت الأمور بهذا الشكل كلما سهل على حزب العدالة والتنمية الإمساك بالأمور، لأنه كلما جد الجد كلما ظهر عواره وبانت ضعفه، وبالتالي، فإن انعدام المشروع وغياب البرنامج يتم الاستعاضة عنهما بلعبة التسطيح قصد السيطرة. أليس حزب العدالة والتنمية هو من أبدع السطحية في كل شيء؟، وهي لعبة يمارسها حتى كباره من وزراء وقادة، وهي التي تتجلى اليوم في مشروع افتراضي لإصلاح الإعلام يبغي السيطرة عليه.