أثارت تصريحات حول "الخلافة" أدلى بها مؤخرا حمادي الجبالي, الأمين العام لحزب حركة النهضة الإسلامية في تونس,والمرشح لمنصب الوزير الأول في الحكومة الإنتقالية الجديدة,ضجة سياسية في الأوساط السياسية والرأي العام التونسي, وأضحت تلقي بظلالها على المفاوضات السياسية الجارية لتشكيل الحكومة. فقد اتهم الرجل الثاني في النهضة من قبل حلفائه وخصومه السياسيين على حد سواء , بتكريس"ازدواجية الخطاب" لدى الإسلاميين التونسيين, خاصة في ظرف دقيق, يتمثل في استعدادهم لتولي مقاليد الحكم في البلاد إثر فوزهم في الإنتخابات الأخيرة. وكان الجبالي قد تحدث في كلمة ألقاها في تجمع جماهيري بمدينة سوسة, مسقط رأسه, جنوب العاصمة,ونشرت مقتطفات منها الصحف التونسية, عما وصفه ب "خلافة سادسة", وقال "يا إخواني أنتم الآن أمام لحظة تاريخية, أمام لحظة ربانية في دورة حضارية جديدة في الخلافة الراشدة السادسة إن شاء الله, مسؤولية كبيرة أمامنا (...)" وتفاعلا مع هذه التصريحات كانت ردود الفعل قوية سواء في الصحف أو في الأوساط السياسية, ودفعت حزب (التكتل من أجل العمل والحريات) برئاسة مصطفى بن جعفر, إلى تعليق مشاركته في لجان العمل الثلاث التي تشكلت بين (التكتل) و(النهضة) و(المؤتمر من أجل الجمهورية) للإعداد للبرنامج السياسي والاقتصادي الذي ستسير على هديه الحكومة المقبلة والمجلس التأسيسي. ونقلت وكالة الأنباء التونسية عن مصدر من حزب التكتل قوله إن المكتب السياسي للتكتل ناقش هذا الموضوع, وطالب بتوضيحات من قيادة حركة النهضة حول تصريحات أمينها العام حمادي الجبالي حول "الخلافة" كنظام للحكم في تونس. ومن جهته, اعتبر سمير بن عمر عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية في ساعة متأخرة من مساء أمس أن أمين عام حركة النهضة حمادي الجبالي "أخطأ عندما استعمل مصطلح الخلافة" في قراءته لمستقبل الأوضاع في تونس وفي المنطقة العربية. غير أن حمادي الجبالي , سارع إلى التأكيد على تمسك حركة النهضة بخيار"النظام الجمهوري الديمقراطي الذي يستمد شرعيته الوحيدة من الشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة تحترم الحريات والحقوق والتداول السلمي على السلطة". وقال الجبالي في بيان توضيحي , أصدره ليلة أمس إن حزبه سيعمل على تكريس ذلك "كخيار لا رجعة فيه في الدستور المقبل, إستجابة لمبادئ الثورة وتطلعات الشعب التونسي نحو بناء مجتمع ديمقراطي تعددي ومدني". واعتبر الجبالي في بيانه أن ردود الفعل والتعليقات التي تناولت ما ورد في كلمته حول "الخلافة الراشدة", إستندت إلى عملية "اختزال لنص الخطاب بحذف جملة منه, وإخراجها من سياقها وتحميلها غير المعنى الذي قصده مما أحدث لبسا حول مدلولات هذه الجملة". وأوضح أن "استعارة كلمة الخلافة الراشدة المقصود منه الإستلهام القيمي لتراثنا السياسي وحضارة المجتمع التونسي الذي ننتمي إليه ونعتز به والمشبع بمبادئ العدل والصدق والحرية والأمانة".