يرى المهنيون المشاركون في الدورة 32 لسوق السفر العالمي بلندن, أن قطاع السياحة بالمغرب أبان عن صمود حقيقي طيلة السنة التي تشرف على الإنتهاء, مجسدا بذلك الإختيارات التي تم تبنيها في إطار رؤتي 2010 و2020 جاعلا من القطاع قاطرة للنمو. ولم تكن سنة 2011, التي طبعتها أجواء عدم الاطمئنان الإقتصادي بأوربا, باعتبارها سوقا رئيسيا من حيث تصدير السياح بالعالم, علاوة على الاضطرابات السياسية, ببلدان الجوار الشمال افريقي والشرق الأوسط, إذ إن سنة سهلة بالنسبة لجميع الأسواق السياحية بما في ذلك السوق المغربية. وأكد المدير العام للمكتب الوطني المغربي للسياحة السيد حميد عدو, في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش هذه الدورة التي ستتواصل الى غاية يوم غد الخميس القادم بمركز عرض (إكسيل) بشرق لندن, أن المغرب نجح في مقاومة آثار الأزمة. وتدل الأرقام المتوفرة بخصوص أداء السياحة بالمغرب خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة الجارية عن الوضعية المريحة للقطاع. فقد استقبل المغرب أكثر من 385 ألف سائح قدموا من بريطانيا, التي تعد سوقا سياحية استراتيجية بالنسبة للمملكة, أي ما يمثل زيادة بنسبة 8 في المائة بالمقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية. ويعبر مهنيون بالقطاع, من بينهم رئيس الفيدرالية الوطنية للسياحة السيد علي غنام, عن قناعتهم بأن التقدم القوي الذي تحقق في شتنبر وأكتوبر الماضيين يتعين أن يتواصل في ما تبقى من شهور السنة الجارية وفي السنة القادمة أيضا. ويوافق هذا التحليل ما كانت قد ذهبت إليه, قبل أسابيع, مجموعة (أوكسفورد بيزنيس كروب) التي أشارت الى أنه بعد النمو الكبير الذي سجل سنة 2010, تتأهب السياحة المغربية لتشهد خلال 2011 سنة جديدة "استثنائية". واستنادا الى المجموعة, فإن ثقة المهنيين تبقى مرتفعة بالرغم من عدم الإستقرار الإقليمي والفعل الإرهابي الذي وقع في أبريل الماضي بأحد مقاهي مراكش, والذي كانت نتائجه محدودة. وبخصوص إقبال السياح البريطانيين بشكل خاص على وجهة المغرب, يشير المهنيون الى أن ذلك يعزى الى سياسة التواصل الجادة والمحددة الاهداف في آن واحد التي ينهجها المغرب على مستوى السوق البريطاني. وينضاف الى هذه السياسة التسويقة تطوير منتوج سياحي يستجيب لمتطلبات الزبناء البريطانيين. ذلك أن المغرب يوفر مجموعة واسعة من الخدمات يطلبها البريطانيون, المعروفون بحبهم للسفر, من ضمنها الثقافة والشواطئ والرحلات الجبلية والإستراحات. وتعزز مجموعة من العوامل الأخرى الاقبال على الوجهة السياحية المغربية كالقرب الجغرافي (3 ساعات من الطيران فقط) وانخفاض ثمن الرحلات. من جهة أخرى, يراهن المدير العام للمكتب على ثقة السوق السياحية الوطنية بفضل السياسة والامكانيات التي يعتمدها المغرب تجاه شركائه وذكر السيد عدو, كمثال على هذه الثقة, ولوج شركتي طيران بريطانيتين مرموقتين السوق المغربي وهما الخطوط الجوية البريطانية و(بريتش ميدلانز انتيرناشيونال). واعتبر أن دخول المجموعتين الجويتين الكبيرتين في فترة تتميز بأزمة إقتصادية وسياسية دولية هو "دليل ثقة", مبرزا أيضا جودة المنتوج المغربي والعمل الذي تم القيام به للحفاظ على هذا التميز وتعزيزه. من جهة أخرى, أوضح مسؤول المكتب الوطني أن 2012 ستكون سنة صعبة بالنظر الى استفحال الأزمة المالية بأوروبا وعدم اليقين السياسي ببعض بلدان المنطقة, مشيرا إلى أن الأزمة الإقتصادية بأوروبا تترجم بانخفاض عدد سياحها. وتشير الأرقام المتداولة بمناسبة سوق السياحة المنعقد بلندن, إلى أن عدد السياح البريطانيين انخفض بنسبة 5 في المائة سنة 2011 وهو ما سيتواصل خلال السنة المقبلة, حيث أصبح المواطن الأوروبي أكثر انشغالا بمعيشه اليومي بدل هواياته. ويواصل المغرب بثقة سياسته مراهنا على امكانياته ومميزاته التنافسية الواضحة وعلى حملة تواصلية شاملة بالسوق البريطاني حيث تستغل الحملة, التي أطلقت في بداية نونبر الجاري, العديد من الوسائط الإعلامية كالملصقات الإشهارية والقنوات التلفزية ومحطات الإذاعة وقاعات السينما والصحافة الشعبية والانترنيت بهدف ضمان الإطلاع على المنتوج المغربي من طرف أكبر عدد ممكن من البريطانيين. وذكر السيد عدو أنه من المتوقع أن تحقق الحملة الحالية أرقام جيدة خلال فترة أعياد نهاية السنة وشهري يناير وفبراير المقبلين. ويطلق المكتب في فبراير المقبل حملة جديدة بهدف تأمين فترة موسم الذروة الذي يتواصل الى غاية يونيو 2012. وأوضح أنه "سيتم تسخير وسائل مهمة بالسوق البريطانية لتعزيز الحضور المغربي بها", مبرزا عمل العلاقات العامة خاصة تجاه العديد من المؤسسات الصحافية على أساس مقاربة نوعية وفعالة. وأشار المسؤول في هذا الصدد إلى معرض "إنسبايرين موروكو", المنعقد حاليا بالمتجر اللندني الشهير هارودز, كمثال بليغ لتظاهرة كبرى تعزز صورة المملكة. وقال إن معرض فن العيش المغربي يضمن إطلاعا واسعا على الوجهة السياحية المغربية والتأثير الجد إيجابي على قطاعات الصناعة التقليدية والسياحية.عبد الغني عويفية