من المقرر أن يعلن مجلس (المكتب التنفيذي) الاتحاد الدولي لألعاب القوى بعد غد الجمعة عن البلدان التي سيعهد إليها بتنظيم عدد من التظاهرات العالمية في سنتي 2014 و2017 , من بينها المغرب, الذي يعد المرشح الوحيد لتنظيم كأس القارات( كأس العالم سابقا) . وستقدم وفود البلدان المرشحة عروضها في محاولة أخيرة بغية إقناع أعضاء مجلس الاتحاد بجدوى وقوة ونجاعة ملفاتها قبل عملية التصويت وتحديد المدن المستضيفة لهذه التظاهرات التي ستقام في 2014, وهي بالإضافة إلى كأس القارات (الرباط - مراكش), بطولات العالم لنصف الماراتون (كوبنهاغ/ الدانمارك - كارديف/ بريطانيا - شيبوكساري /روسيا - نيويورك /الولاياتالمتحدة), وداخل القاعة (زغرب / كرواتيا - سوبوت/ بولونيا), والشبان (ناسو/ باهاماس- كازان/ روسيا- أودجين/ الولاياتالمتحدة) ثم في الهواء الطلق عام 2017 (الدوحة/قطر- لندن/بريطانيا). ومن المقرر أن يتولى الوفد المغربي الذي يتكون من أعضاء من مكتب الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى برئاسة السيد عبد السلام أحيزون, ويضم ممثلين عن وزارة الشباب والرياضة واللجنة الوطنية الأولمبية المغربية, تقديم العرض الأخير أمام أعضاء المجلس صباح يوم الجمعة . لقد شكل التطور الكبير الذي عرفته ألعاب القوى الوطنية في العشريتين الأخيرتين والحضور الدائم للعدائين المغاربة في منصات التتويج بمختلف المحافل العربية والقارية والإقليمية والدولية, أكبر حافز من أجل الإقدام على هذه المبادرة التي لاقت دعما كبيرا من قبل الاتحادين القاري والدولي, علما بأن الجامعة على عهد اللجنة المؤقتة برئاسة السيد امحمد أوزال, كانت قد قدمت ترشيحها لاحتضان بطولة العالم لألعاب القوى في الهواء الطلق لعام 2009, لكنها سحبته في ما بعد لفائدة برلين التي نالت شرف التنظيم. وكانت أسرة ألعاب القوى العالمية ممثلة في الاتحادين الإفريقي والدولي, قد عبرت عن رغبتها الأكيدة في تنظيم المغرب لكأس العالم, التي تعد ثاني أعرق مسابقة ينظمها الاتحاد بعد بطولة العالم للعدو الريفي, حيث يرجع تاريخ تنظيم أول دورة إلى عام 1977 في دوسلدورف (ألمانيا) أي قبل تنظيم أول نسخة لبطولة العالم في هلسنكي عام 1983, بستة أعوام, والتي أصبحت تحمل تسمية "كأس القارات" اعتبارا من دورة 2010 في سبليت (كرواتيا). فقد أكد الكاتب العام للاتحاد الدولي الفرنسي بيير فايس, في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء العام الماضي في موناكو في ختام أشغال مجلس الاتحاد, أن لهذا الأخير "دينا معنويا إزاء المغرب" في إشارة إلى نهاية جائزة ألعاب القوى العالمية, التي كان الاتحاد قدم منح المغرب شرف تنظيمها بالرباط في شتنبر 2010, لكنه ألغاها بعد إعادة هيكلة المسابقات والملتقيات التي يشرف على تنظيمها. وقال " لهذا السبب بالذات لم يطلب الاتحاد ترشيحات أخرى ماعدا الترشيح المغربي". وكان الاتحاد الدولي قد توصل في مارس الماضي من الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى بخطاب نوايا ترشيح لاستضافة كأس القارات عام 2014 دون تحديد المدينة التي ستحتضن هذا الحدث وتم في الشهر الموالي إرسال كل الوثائق والملفات اللازمة إلى الجامعة تحدد بالتفصيل مسطرة الترشيح والتقييم (دفتر التحملات والعقد), لتؤكد الجامعة قبل فاتح شتنبر ترشيحها رسميا ويتم توقيع العقد مع الاتحاد الدولي الذي كان مشفوعا بضمانة من الدولة. وفي أعقاب ذلك جاءت مرحلة الزيارة الميدانية لتقييم هذا الترشيح حيث قام وفد عن الاتحاد الدولي لألعاب القوى, برئاسة كاتبه العام بيير فايس, يوم21 أكتوبر الماضي بزيارة للمنشئات الرياضية والفندقية بمدينتي الرباطومراكش اللتين رشحهما المغرب لاحتضان منافسات كأس القارات. واطلع أعضاء الوفد على مختلف مرافق مركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط وملعب مراكش الجديد ذات المواصفات العالمية. وذكر بيير فايس, في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء, بأن المدينتين, اللتين سيتم اختيار إحداهما لاحتضان هذه المسابقة" تستجيبان لدفتر التحملات بشكل كبير", بيد أنه يستشف من تصريحه مفاضلته لمراكش بقوله " في مدينة كمراكش يحس المرء بالارتياح, وأن مجرد ذكر إسم مراكش من شأنه أن يستقطب بمنتهى السهولة كبار العدائين العالميين للمشاركة في هذا الموعد العالمي الذي يقام كل أربع سنوات". وتجدر الإشارة إلى أن مدينة الرباط كانت قد استضافت سباق الأمم عام 1966 حيث كان العداء المغربي الغازي الزعراوي (بنعسو) قد توج باللقب العالمي وبطولة العالم للعدو ريفي عام 1974. أما مدينة مراكش فقد استضافت بطولة العالم للعدو الريفي عام 1998, والتي اعتبرت من أنجح الدورات إن لم تكن أنجحها على الإطلاق ثم بطولة العالم للفتيان عام 2005. وأقر رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى لامين دياك, أن المغرب "يتوفرعلى البنيات التحتية الضرورية التي يتطلبها تنظيم حدث رياضي من هذا القبيل ليس فقط على المستوى الرياضي ولكن أيضا على مستوى الإيواء". وقال دياك, الذي أعيد انتخابه مؤخرا في دايغو بكوريا الجنوبية على هامش بطولة العالم لألعاب القوى لولاية جديدة تستمر حتى 2015 أن" المغرب برهن في مجال أم الألعاب عن قدراته التنظيمية باحتضانه تظاهرات أصعب من كأس القارات كبطولة العالم للعدو الريفي بمراكش عام 1998 وبطولة العالم للفتيان بمراكش أيضا عام 2005 واللتين أقيمتا في ظروف جيدة ودون أدنى مشكل يذكر", مؤكدا أن الاتحاد الدولي يراهن كثيرا على المغرب لتنظيم بطولة العالم لألعاب القوى للكبار ما بعد 2017. وفي سياق متصل عبر دياك عن أمله في أن يتم إدماج ملتقى محمد السادس الدولي لألعاب القوى ضمن جائزة العصبة الماسية "سأكون سعيدا بأن تكون الرباط أول مدينة إفريقية ضمن محطات جائزة العصبة الماسية لأن كل المقومات والشروط لتحقيق ذلك متوفرة". ومن جهته, اعتبر رئيس الاتحاد الإفريقي لألعاب القوى, الكاميروني حمد كالكابا مالبوم, أن ترشيح المغرب لاحتضان كأس القارات لسنة 2014 يعد "فرصة للقارة الإفريقية لقطع شوط آخر في تنظيم كبريات التظاهرات". وقال, في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء خلال زيارته الأخيرة للمغرب, إن " الأعضاء الخمسة الذين يمثلون إفريقيا في مجلس الاتحاد الدولي لألعاب القوى موحدون حول الترشيح المغربي لاحتضان هذه التظاهرة الرياضية الهامة في البرنامج الدولي وسيعملون على إقناع الأعضاء الآخرين على التصويت لفائدة الترشيح المغربي لإقامة هذه المسابقة لثاني مرة في إفريقيا". يذكر أن مدينة جوهانسبورغ الجنوب إفريقية كانت قد استضافت عام 1998 هذه التظاهرة العالمية في صيغتها القديمة (كأس العالم). وفي السياق ذاته, أكد كالكابا أن إسناد تنظيم الدورة ال19 لبطولة إفريقيا للكبار للمغرب عام 2014, والمؤهلة لكأس القارات, يرجع بالأساس إلى "المكانة المتميزة والسمعة الطيبة التي يحظى بها على الصعيد الدولي كبلد يتوفر على إمكانات بشرية وأطر من مستوى رفيع, فضلا عن كونه أرض ألعاب القوى بامتياز". وتابع كالكابا أن المملكة "أنجبت أبطالا كبارا تركوا بصمات واضحة على ألعاب القوى العالمية", مبينا أن المغرب" شيد بنيات تحتية هائلة بغية تطوير ألعاب القوى وبات من الطبيعي أن يبذل شباب القارة مجهودات أكبر من أجل النهوض بأم الألعاب في قارتهم". ويذكر أن منافسات كأس القارات تقام على مدى يومين, بمشاركة منتخبات تمثل إفريقيا وأوروبا والأمريكيتين وآسيا والمحيط الهادي ذكورا وإناثا, فيما كانت تشارك في نسختها القديمة ثمانية منتخبات تمثل القارات الخمس بالإضافة إلى منتخب الولاياتالمتحدةالأمريكية وأفضل منتخبين في أوروبا. ومن ناحية أخرى, تتجه الأنظار يوم الجمعة المقبل إلى مونتي كارلو حيث سيعلن مجلس الاتحاد الدولي عن أي من العاصمتين القطرية الدوحة والبريطانية لندن ستحظى بشرف تنظيم النسخة 16 من بطولة العالم عام 2017 وبالتالي فإن المفاضلة بينهما لن تكون بالمهمة اليسيرة. وترغب الدوحة, في محاولة لتجنب درجات الحرارة العالية, في استضافة البطولة في شهر شتنبر بدلا من موعدها التقليدي في غشت وهو الاقتراح الذي ناقشه مؤخرا الاتحاد الدولي الذي أكد رئيسه لامين دياك أنه لا توجد قاعدة تنص على ضرورة إقامة البطولة في شهر غشت. وحظيت المنشآت القطرية المرشحة لاستضافة بطولة العالم لألعاب القوى في عام 2017 بإعجاب لجنة التقييم التابعة للاتحاد الدولي, ما يشكل بوادر ايجابية مشجعة للمعنيين بالملف القطري لاستضافة البطولة. وقال النائب الأول لرئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى رئيس وفد لجنة التفتيش والتقييم التابعة للاتحاد الأمريكي روبرت هيرش, إن ما أثار إعجابه في الملف القطري إضافة إلى الملاعب والمنشآت, التزام اللجنة المنظمة ورغبتها في إحضار هذه البطولة لأول مرة إلى منطقة الشرق الأوسط. وذكر هيرش, في مؤتمر صحفي في ختام جولة الوفد, أن بطولة العالم لم تقم في المنطقة في الفترة الأخيرة وهو ما سيساهم في نشر اللعبة في مناطق جغرافية جديدة, مؤكدا أنه لا يمكن للطقس الحار في قطر أن يؤثر في استضافة البطولة إذ سبق للعديد من المدن مثل بكين واشبيلية أن استضافت العديد من الأحداث الرياضية للاتحاد الدولي في طقس شديد الحرارة, خالصا إلى أنه لا توجد عوامل أخرى سترجح كفة ملف عن آخر. والأكيد أن لجنة التقييم التابعة للاتحاد الدولي أبدت "إعجابها الشديد بالملفين وبحماس المسؤولين بهما الذين التزموا بالانتهاء من جميع الترتيبات الخاصة بالبطولة في الوقت المحدد (...) لندن لديها ملعب أولمبي جديد والدوحة لديها ملعب خليفة الذي وعد العاملون في الملف بتطويره بشكل أكبر قبل البطولة في حالة الفوز". وقال الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي عهد قطر ورئيس اللجنة الأولمبية " لقد وضع فريقنا ملفا متميزا يزخر بالعديد من المواصفات والأفكار الفريدة. ملف الدوحة يضمن المصداقية والابتكار ويوفر فرصة لرياضة ألعاب القوى لكي تكتسب من خلالها الكثير من الممارسين والمعجبين الجدد, ولكي تجعل من هذه المنطقة الجغرافية منطقة تنبض بحب أم الألعاب, لتكون سوقا جديدا ينبض بالإثارة باحتضان أعظم بطولة لألعاب القوى". ويستفاد من دراسة حكومية بريطانية نشرتها مؤخرا صحيفة "لندن إيفننغ ستاندرد", أنه من المنتظر أن تحظى العاصمة البريطانية, لندن, بدفعة اقتصادية تصل قيمتها إلى 100 مليون جنيه إسترليني (مايفوق 1116 مليون أورو), إذا تفوقت على الدوحة ونجحت في الفوز بحق استضافة بطولة العالم لألعاب القوى عام 2017, متوقعة أن يزداد الإنفاق السياحي بصورة كبيرة. وقال مسؤولو ملف لندن إن الإقبال الكبير الحاصل على تذاكر أولمبياد لندن عام 2012 دعم مساعيهم الرامية للظفر بالحق في استضافة هذا الحدث الرياضي الضخم, حيث بيع مقدما ما يقرب من أربعة ملايين تذكرة, بما في ذلك 800 ألف تذكرة مخصصة للسباقات والمنافسات الخاصة بألعاب القوى, وهو الأمر الذي رأت الصحيفة أن من شأنه أن يبعث برسالة طمأنة للمسؤولين في الاتحاد الدولي لألعاب القوى. ونقلت الصحيفة في هذا الشأن عن وزير الرياضة البريطاني, هيو روبرتسون, قوله :" الرسالة التي بعثنا بها للخارج هي أن بمقدورنا الترويج للأحداث الرياضية الكبرى في هذا البلد. فإذا وضعت إحدى منافسات رياضة ألعاب القوى في ملعب يستوعب 60 ألف مشجع, فسيكون هناك إقبالا كبيرا". وقد انبهر الاتحاد الدولي لألعاب القوى انبهارا شديدا بالإقبال الحاصل على تذاكر أولمبياد لندن 2012". يذكر أن النسخة الأخيرة لبطولة العالم أقيمت في مدينة دايغو الكورية الجنوبية (26 غشت-4 شتنبر2011) فيما تقام النسختان المقبلتان في موسكو عام 2013 وبكين عام 2015.محمد بن الشريف