يحق لنا أن نفتخر بمشروع "نور" الضخم الذي يعتبر أكبر وأعظم محطة شمسية في العالم، والذي خرج إلى الوجود ليزيد هذا البلد الأمين نوراً على نور. يتعلق الأمر بمحطة ورزازات لإنتاج الطاقة الشمسية بطاقة إجمالية تبلغ 580 ميغاواتا. إنه مُرَكّب "نور الأول" في انتظار "نور الثاني" و"نور الثالث" و"نور الرابع" الذي يجعل المغرب يتوفر على أكبر مُرَكّب للطاقة الشمسية في العالم بإمكانه تزويد ستة ملايين منزل بالكهرباء. إنجاز تم بفضل الأدمغة والكفاءة المغربية وبمهارة وسواعد مغاربة يستحقون كل التحية وكل التقدير والتنويه والإعجاب. مثل هذه المنجزات هي التي تبقى على الأرض، خاصة أن المغرب لا يتوفر على احتياطات مهمة من المحروقات، لكنه يملك من الطبيعة التي حباه الله بها ما يكفي من الأيام المشمسة التي جعلته يخوض، بكل عزم وإصرار، غمار استغلال الطاقات المتجددة عبر مخطط طموح من شأنه أن يُوَفِّر له ما يقرب من نصف حاجياته الطاقية. ومن شأن رؤية ما يقرب من نصف مليون مرآة مُثْبَتَة على شكل صُحُون أسطوانية تتحرّك وتتبع بِبُطْءٍ حركة الشمس لتلتقط أشِعَّتِها. إنها مزرعة من نوع خاص تُطِّل على مدينة ورزازات، تلتقط أشعة الشمس لِتُحَوِّلَها إلى طاقة كهربائية يَعُمّ نورها البلاد والعباد. ومن المؤكّد أنه باستكمال هذا الْعِقْد النُّوري، الذي يُزَيِّن ويُلأَْلِئُ به صدره، سيجعل المغرب نموذجا لبلد يُجَدِّدُ نفسه من خلال البحث والعمل على إيجاد وتوفير البدائل الممكنة لأبنائه في أفق العُقُود المقبلة، اعتمادا على عزيمة وإرادة وكفاءة أطره الوطنية من عمّال وتقنيين ومهندسين وخبراء في المجال. النبوغ المغربي لا يقف عند عتبة إشاعة النور من مُرَكَّب "نور" للطاقة الشمسية، الأضخم في العالم، بل هناك مُرَكّب الطاقة الريحية بمدينة طرفاية الذي يعتبر الأكبر على صعيد القارة الإفريقية، حيث من المنتظر أن ينتج المغرب أكثر من 2000 ميغاوات من هذه الطاقة في أفق سنة 2020، من دون أن ننسى المشروع الضخم المتعلق بالغاز الذي يرمي إلى تقليص الاعتماد الوطني من حاجياته الطاقية المستوردة التي تمثل 94 في المائة. مع إصرار المغرب على الذهاب بعيدا في تطوير الطاقات المتجددة، البديلة، النظيفة عبر الاستفادة من الطاقات الشمسية والرِّيحية والكهرومائية التي يفيد استغلالها في تخفيض انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون التي تقض مضجع العالم لدرجة جعلت كل الدول تلتئم في باريس للانكباب على دراسة أحوال المناخ في كوكب الأرض، والعمل على احتواء وخفض ارتفاع درجة حرارة هذا الكوكب الذي نعيش فيه. وليس من قبيل الصدفة أن يصف الخبراء المشاركون في مؤتمر باريس حول المناخ مُرَكّب "نور" الضخم بأنه "ثورة نوعية" في هذا المجال، خاصة أن المغرب يستعد من الآن لاستضافة المؤتمر العالمي للمناخ الثالث والعشرين على أرض مراكش الحمراء. وستكون الفرصة مواتية للمشاركين من رؤساء الدول والحكومات والتقنيين والمهندسين والخبراء والفعاليات العالمية المعنية بالمناخ والبيئة للوقوف على الإنجاز المغربي الأكبر بمركّب "نور" بورزازات الذي يبقى نوراً على نور في هذا البلد الأمين.