كشفت الاتفاقيات الخمس، التي تم توقيعها مساء أول أمس السبت برئاسة جلالة الملك بمدينة العيون، عن مشروع ضخم لتأهيل الأقاليم الصحراوية حتى تتحول إلى محور اقتصادي ونموذج رابط بين إفريقيا جنوب الصحراء وأوروبا. وقال محمد حصاد، وزير الداخلية في تقديمه للمشروع التنموي لأقاليمنا الجنوبية، إن هذا المشروع سيضع هذه الأقاليم في مقدمة الجهات في مجال إرساء الجهوية المتقدمة. وأشار حصاد إلى أن تنفيذ النموذج التنموي سيعتمد على مقاربة تعاقدية جديدة بين الجهة والدولة بموجبها يتم رفع الاعتمادات المرصودة والإمكانيات المتاحة حتى يتم خلق كل فرص نجاح هذا المشروع. وأوضح حصاد في رقم جديد يظهر لأول مرة أن دخل الفرد في الصحراء يفوق مؤشر دخل الفرد في باقي المناطق المغربية بحوالي 20 في المائة، كما أن الولوج إلى خدمات الماء تعادل 99 في المائة في الصحراء مقابل 92 في المائة في باقي المناطق. وأكد وزير الداخلية أن هذا النموذج التنموي "يأتي كآلية مهمة لتسريع الجهوية المتقدمة، وهو ما سيستوجب ضرورة العمل، كباقي جهات المملكة، على الالتزام بمبادئ الحكامة المسؤولة تكريسا للثقة وترسيخا للديمقراطية عبر مقاربة تعاقدية بين الدولة والجهات تقتضي مصاحبة ومواكبة دقيقة للوكالات الجهوية لضمان حسن تنفيذ المشاريع". وحسب الوزير فإنه سيتم إعطاء رؤية واضحة وشفافة حول الموارد المرصودة لصالح مجالس الجهات، حيث سيتم تعبئة 7 ملايير درهم لجهة العيون الساقية الحمراء و6,6 ملايير درهم لجهة الداخلة وادي الذهب و5,5 ملايير درهم لجهة كلميم واد نون. ولم يفوت وزير الداخلية الفرصة ليشير إلى الدور الكبير الذي يلعبه المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه الجهوية في المقاربة الدائمة لحقوق الإنسان في كافة أنحاء المغرب. بدوره قال محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية في تتمة تقديم المشروع التنموي لأقاليم الجنوب، إنه تم تخصيص غلاف مالي بقيمة 77 مليار درهم لتمويل المشاريع التي تضمنها النموذج المذكور. ووفق ما قاله الوزير فإن هذا النموذج سيساهم في مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي وسيمكن من خلق 120 منصب شغل، مما سيؤهل المنطقة لتكون قطبا اقتصاديا إفريقيا وجسرا جهويا وحلقة وصل مع أوروبا. وشدد على أن هدف المشروع هو المواطن في هذه المنطقة، وسيتم تفعيل هذه الخطة عبر دعامات تتعلق بتقوية محركات التنمية ومصاحبة القطاع الإنتاجي وإدماج المقاولات الصغرى والمتوسطة وتطوير التنمية الاجتماعية وتثمين الثقافة الحسانية والتدبير المستدام للموارد الطبيعية وحماية البيئة وشبكات الربط والتواصل والتهيئة وتوسيع صلاحيات الجهات وتمكينها من آليات الاشتغال وخلق وإحداث آليات مبتكرة للتمويل. وأكد الوزير على أن البعد الاقتصادي للنموذج التنموي الجديد يهدف إلى إعادة هيكلة محركات النمو والتنمية وفق برنامج لدعم القطاعات الإنتاجية، الفوسفاط والفلاحة والصيد البحري والسياحة الإيكولوجية. ولأول مرة سيتم تدشين مشروع ضخم خاص بقطاع الفوسفاط، وباستثمار يبلغ 16,8 مليار درهم يسعى مشروع فوسبوكراع للتنمية الصناعية إلى تثمين الفوسفاط محليا ودمج كل حلقات السلسلة الإنتاجية إلى غاية التصدير بما يمكن من التثمين الأمثل للموارد وبالتالي تقوية استفادة السكان المحليين منها. وتهدف مشاريع التثمين الفلاحي (la valorisation)، إلى تحسين الظروف المعيشية للسكان من خلال خلق فرص الشغل (11 ألف فرصة عمل) وتنويع مصادر الدخل والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية وذلك من خلال التثمين الفلاحي لمنطقة الداخلة باستثمار يقدر ب 1,3 مليار درهم على 5 آلاف هكتار عبر تحلية مياه البحر بغية المحافظة على الفرشة المائية للأجيال القادمة، فيما سيتم على مستوى إقليم بوجدور استثمار 465 مليون درهم لتهيئة 100 هكتار. وأجمعت توقعات أعيان الصحراء ومنتخبوها، التي استقتها "النهار المغربية" عقب توقيع الاتفاقيات، على أن هذا النموذج سيؤهل الصحراء للتحول نحو مجال يحقق كرامة الإنسان الصحراوي، التي لا يبحث عن غيرها.