أعلن وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، السبت بمدينة العيون، عن تخصيص غلاف مالي بقيمة 77 مليار درهم لتمويل المشاريع التي يتضمنها النموذج الجديد للتنمية بالأقاليم الجنوبية للمملكة. وقال محمد بوسعيد في كلمة بين يدي صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بصاحب السمو الملكي الامير مولاي رشيد، بمناسبة ترؤس جلالته حفل إطلاق استراتيجية تنفيذ النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، إن من شان تفعيل هذه الرؤية الطموحة المساهمة في مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي وخلق 120 ألف فرصة شغل وهو ما من شأنه الرقي بالأقاليم الجنوبية للمملكة حتى تضطلع بدورها كاملا كجسر جهوي وقطب اقتصادي إفريقي وحلقة وصل مع أوروبا. وفي تقديمه لمحاور هذا النموذج التنموي الجديد ، أوضح وزير الاقتصاد والمالية ، أنه يستند على ركائز رئيسية ، تتمثل في إحداث أقطاب تنافسية قادرة على خلق دينامية جديدة للنمو وخلق فرص الشغل الكافية خاصة بالنسبة للشباب والنساء، وتعزيز التنمية المندمجة وتثمين البعد الثقافي بالاستناد على الحكامة المسؤولة في إطار الجهوية المتقدمة وتكريس ثقافة حقوق الانسان لتعزيز الثقة وترسيخ الديمقراطية، وضمان التنمية المستدامة وتحسين شبكات الربط بين الاقاليم الجنوبية وباقي ربوع المملكة من جهة، والدول الافريقية جنوب الصحراء من جهة أخرى. وتابع أن هذه الأرضية ستؤهل المنطقة للانتقال إلى نموذج تنموي جديد يجعل المواطن في هذه الأقاليم منطلق وهدف كل البرامج والمشاريع، مبرزا أن هذه الخطة سيتم تفعيلها أيضا عبر دعامات تتمثل في تقوية محركات التنمية ومصاحبة القطاع الانتاجي وإدماج المقاولات الصغرى والمتوسطة وتطوير التنمية الاجتماعية وتثمين الثقافة الحسانية والتدبير المستدام للموارد الطبيعية وحماية البيئة وتقوية شبكات الربط والتواصل والتهيئة وتوسيع صلاحيات الجهات وتمكينها من آليات الاشتغال وخلق وإحداث آليات مبتكرة للتمويل. وفي هذا الصدد، أشار إلى أن البعد الاقتصادي للنموذج التنموي الجديد يهدف إلى إعادة هيكلة محركات النمو والتنمية وفق برنامج لدعم القطاعات الانتاجية (الفوسفاط والفلاحة والصيد البحري والسياحة الايكولوجية). فالنسبة لقطاع الفوسفاط ، يوضح بوسعيد، وباستثمار يبلغ 16,8 مليار درهم يسعى مشروع فوسبوكراع للتنمية الصناعية إلى تثمين الفوسفاط محليا ودمج كل حلقات السلسلة الانتاجية إلى غاية التصدير بما يمكن من التثمين الامثل للموارد وبالتالي تقوية استفادة السكان المحليين منها. أما مشاريع التثمين الفلاحي، فتهدف إلى تحسن الظروف المعيشية للسكان من خلال خلق فرص الشغل (11 الف فرصة عمل) وتنويع مصادر الدخل والاستغلال الامثل للموارد الطبيعية وذلك من خلال التثمين الفلاحي لمنطقة الداخلة باستثمار يقدر ب 1,3 مليار درهم على 5 ألف هكتار عبر تحلية مياه البحر بغية المحافظة على الفرشة المائية للاجيال القادمة، فيما سيتم على مستوى اقليم بوجدور استثمار 465 مليون درهم لتهيئة 100 هكتار. وفي إطار تطوير الفلاحة التضامنية بالأقاليم الجنوبية سيتم إنجاز 50 مشروعا ب 1,5 مليار درهم سيستفيد منه 16 ألف و 800 مستفيد. أما بالنسبة لقطاع تثمين منتجات الصيد البحري وتربية الاحياء المائية، فسيتم إنجاز مشاريع كبرى على صعيد جهة الداخلة واد الذهب ستمكن من خلق 8 ألف فرصة عمل عبر مشروعين رئيسيين يتعلقان بتثمين المنتجات البحرية (1,2 مليار درهم) وتطوير قطاع تربية الاحياء المائية في ثلاث مناطق جغرافية (3,7 مليار درهم). وفي مجال السياحة الإيكولوجية، أكد الوزير أنه سيتم إحداث قطب سياحي جديد وتقديم عرض سياحي مبتكر، يجمع ما بين البحر والصحراء والثقافة والبعد الايكولوجي، مع تطوير عرض تكميلي مرافق حول الثقافة والبيئة والمنتجات المحلية. ويهم البرنامج السياحي إحداث 84 مشروعا سياحيا باستثمار يبلغ 2,1 مليار درهم. أما على مستوى البعد الاجتماعي فيهدف البرنامج إلى تحقيق نقلة نوعية في مجال التأهيل البشري وتعزيز البعد الثقافي بما يضمن للمواطن الانصاف وتكافؤ الفرص في الاستفادة من ثمرات الثروات المحلية ومن فرص الشغل والتجهيزات الاساسية والخدمات الاجتماعية ذات الجودة العالية. وفي هذا السياق سيتم تفعيل برامج أقطاب التميز من خلال إنشاء المركز الاستشفائي الجامعي للعيون باستثمار يقدر ب 1,2 مليار درهم بغية تحسين ولوج المواطنين الى الخدمات الصحية ذات الجودة العالية وتعزيز فرص المنطقة في الانفتاح على إفريقيا جنوب الصحراء، وإنشاء مشروع تكنوبول بمنطقة فم الواد ب 2 مليار درهم باعتباره قطبا للتكوين والتطوير والابتكار التكنولوجي والثقافي. أما بخصوص البعد البيئي فشدد الوزير على أنه تم تحديد ثلاثة محاور للتنمية المستدامة والمحافظة على النظم الايكولوجية الهشة من خلال المحافظة على الثروات البحرية والموارد المائية وتنمية الطاقات المتجددة والمحافظة على النظم الايكولوجية. وتابع أن إنجاز سد على واد نون بإقليم كلميم سيمكن من تدارك الخصاص في التزود بالماء الشروب وسيسمح بتعبئة المياه اللازمة لسقي الاراضي الفلاحية بسافلة السد وسيساهم في حماية المنطقة من الفيضانات. وفي نفس السياق يولي النموذج التنموي أهمية كبرى لتحسين الربط المجالي للإقليم الجنوبي سواء مع باقي الأقاليم أو بقية العالم حتى تتمكن من الاستفادة من جميع الفرص التي يتيحها الموقع الجيواسترايجي للمملكة. ولتحقيق ذلك ستتم تقوية توسيع تغطية الهاتف النقال من الجيل الثاني والثالث والرابع باستثمار مالي يبلغ مليار درهم، حيث يقوم المشروع على انجاز روابط جديدة للألياف البصرية والتحديث المستمر للشبكات. وفضلا عن ذلك، يقول الوزير، سيتم إنجاز الطريق الاطلسي السريع تزنيت – العيون – الدخلة بهدف تحقيق ربط مجالي أفضل للاقاليم الجنوبية بما يضمن تعزيز التجارة مع الشمال وتطوير وسائل النقل وتحسين السلامة الطرقية، حيث سينفذ هذا المشروع في مرحلة أولى باستثمار مالي أولي يقدر ب 8,5 مليار درهم. كما سيتم إنجاز ميناء الداخلة الاطلسي على الواجهة الاطلسية ب 6 مليار درهم.