هيَ أكويدير شاهِدَة وتيغمرت كانَت حاضرةً, والكصابي هيَ الأخرى مُراقبَة. كُلميم هذه مدينة ظَهرت تِجارةً حيثُ كانَت مُجرَّد مُجمَّعٍ تجاري لتُجارٍ أتوْ من الصحراء وآخَرونَ من الساحِلِ والشمال. شَهِد التاريخُ لهذه المدينة ولأهلها بالجُود والكَرم, حيثُ كانَت في ماقَبل بيُوتُها مفتوحَةٌ لكل وافِدٍ وزائرٍ, كانت مدينة آمنة دُون شُرطة ولا مَخزَن, آمنة برجَالها, و نسائهَا فرَغم إختلاف الثقافات المُقيمة بها وتنوع القبائل المُحيطة بها, إلا أنُّها مدينة تَحَدَّتْ كُلَّ هذه الإختلافات وجَعَلَت من ذاتها مدينة أمنٍ ووِئام..فما إن يُقبض على السَّارق في سُوقها أمحيريش مثلا إلاَّ وجعَل أهلُها من هذا السَّارق عبرةً لكُلِّ من فكَّر في السَّرقة.. وما إنْ يُقبَض على القاتِل أو الزَّاني إلاَّ وحُكم عليهِ بأشَدِّ العُقوبات..حتَّى يظلَّ ذلك الحُكم صورةً ينظُرُ لهُ كلُّ من فكَّر أو نوى على فسادٍ أو حرامٍ... يدايَ ترْتَجِف, عينايَ تَدمعان ورأسي كاذَ أن يشيبَ رغْمَ صِغَرِ سِنِّي .. لأنني أكتُب عن تاريخ تَمَنَّيتُ لو كُنت رجُلاً من رجاله, عن عَهدٍ مُشتاقٌ أبي لحاله, عن جيلٍ كانَ جدي من أهلِه...تاريخٌ كَريم, وعَهدٌ عَظيم,وجيلٌ فضيل..جيلٌ فيهِ كانَ الطَّالب يرتَجِفُ أمامَ الفقيه, والطفلُ لا يتَّكئ أمامَ أبيه, جيلٌ نسوَتُه حشمة ووقار, وعُلُوٌ في الأخلاق, يُشاركنَ الرجال في السرَّاء والضراء, حقا هُم نسوَةٌ يحتاجُ لهُم عَهدُنا اليومْ .. عهدُنا في كلميم اليوم تَغَيَّر, وإنقلبَ الحال وتَغَيَّر كُلُّ شيء, لقد أصبَحنا نَسمَع في كُل أسبوع "فلان قَتَل آخر" "فلان سُرق" "أغتُصبت فلانة", "إنتَحَر فُلان".., وأصبحْنا نجدُ لدى قاضي الأسرَة بمحكَمة المدينة ما لا يعدّ من حالات الطلاقِ والصراع الأسري... سيدي سيدتي إنَّ هذا الشيء عُجاب, ففي كلميم تلْك أصبَح مدغُ العلكة والإتِّكاء أمام الوالدين شيء فاضي والتَّدخين والسَّب والشَّتم ووضعُ الكالة في الفم أمرٌ عادي.., تدنِّي في الأخلاق حيثُ لا إحترام لكبير ولا توقيرَ لصغير.