بداية وقبل الخوض في فحوى هذه المساهمة المتواضعة،عبر العالم الافتراضي والولوج لأول مرة للشبكة العنكبوتية التي أضحت الوسيلة الوحيدة الخارجة عن سيطرة الأجهزة الأمنية ، بعد أن نجحت هاته الأخيرة في تكميم الأفواه وقمع الحريات والتحكم المطلق في كافة وسائل الإعلام ودواليبه مع توجيهه بما يتماشى مع أهدافها مخططاتها المغلوطة. كما ارتأيت قبل التطرق والدخول مباشرة في صلب هذا الموضوع أن أتوجه بتحية إجلال وتقدير إلى كل المغاربة الأحرار الشرفاء منهم والأبرار التواقون إلى التحرر من الاستبداد والاضطهاد الطامحين إلى الحرية والعيش الكريم ووقفة وفاء وإكبار إلى كل المغاربة الذين هبوا في ذاك اليوم المنشود 20 فبراير 2011 مطالبين بالتغيير وعلى خطى الربيع العربي الديمقراطي سائرين وضد الذل والعار والاستبداد منتفضين وللاستثناء المغربي للحراك الشعبي رافضين ولوطنهم الجريح داعمين وبمطالبهم الثلاثة المتمثلة في الحرية الكرامة العدالة الاجتماعية متشبثين وكذلك الخزي والعار لكل مستبد جبار على كرامة وحقوق الآخرين استهتر وللقيم استدار..وكذلك الذل والهوان لكل من لا غيرة له ولا يسعى إلى التحرر والعيش بكرامة خادم المستبدين الوفي الأمين وكل من على دربهم تسمك وسار..وكل من لم يركب رياح التغيير وللعبودية والمهانة خضع وركع ولم يستبين..وكل متواطئ جبان للحقيقة تنكر وللجبروت هلل واستبشر..تناسى يوما وأمثاله أن التغيير آت وان القيد لابد يوما سينكسر..يوم ينكشف أمرهم جميعا أنذلك أين المفر..؟يوم يؤاخذون بما اقترفت أيديهم وألسنتهم أولئك هم الانتهازيون الاستغلاليون المتاجرين بذمم الآخرين ولبؤسهم وشقائهم متسببين متناسين غير مكترثين أن الليل لابد سينجلي يومئذ أين المستقر...؟ ..للتعريف فقط فأنا واحد من ساكنة مدينة كلميم والتي أقيم بها ما يقرب14 سنة خلت ، وكمواطن مغربي حللت بها في إطار عمل وظيفي قبل أن أجبر على العزل قهرا بعد قضاء ثلاث سنوات في نفس الخدمة ولظروف قاهرة كنت مرغما للاستقرار بهاته المدينة الصامدة التي بها تبعثرت كل أوراقي ، كما تحولت بها حياتي رأسا على عقب ، ولي في هذا الشأن حكاية مثيرة قد أعود لسردها لاحقا ،...وكباقي المغاربة الأحرار الذين حركت مشاعرهم رياح الربيع العربي فقد كنت من أوائل الخارجين عن صمتهم في ذلك اليوم المشهود من شهر فبراير من سنة 2011،مطالبا بالحرية والعيش الكريم ، منددا بالظلم والاستبداد ، مناهضا للذل والاستعباد الجاثم على صدورنا و من سبقونا منذ زمن بعيد ،..وهكذا استبشرت خيرا بخروج هذه الحركة المطالبة بالتغيير وكنت معتزا فخورا بالانضمام إليها كما شاركت في جل وقفاتها وخرجاتها ومسيراتها ليس بكلميم فحسب, بل بمدن أخرى كمراكش ،ورززات، اكادير ، تزنيت، والدار البيضاء مهد طفولتي وعنفواني ، قد كنت وفيا لروح الحركة ،داعما لمطالبها متشبتا بمبادئها إلى أن حلت الذكرى الثانية لانطلاقها ،حيث طرأ ما لم يكن في الحسبان فبينما الاتصالات جارية لأحياء ذكراها الخالدة ،فوجئنا بأجهزة القمع والترهيب تجهز على هذه المباردة وذلك بتوجبه قرارين رسمين ،صادرين عن باشا المدينة ،الأول وجه إلي بمقر سكناي كناشط بالحركة والأخر إلى مقر عمل أحد الموظفين بنفس المدينة ويتضمن هذا القرار الذي أتفضل بنشره بعد تجاهله من لدن وسائل الأعلام المحلية،عبارات التهديد والوعيد والتخويف والترهيب استنادا إلى بنود وظهائر مستهلكة تكاد تعود إلى عهد الحماية ،وموقعة من باشا من طينة " لكلاوي" حاكم الجنوب في عهد الحماية والذي بموجبهما تم إجهاض الوقفة الاحتجاجية في مهدها وبالتالي تم تسخير كل الأجهزة الأمنية بمختلف تلاوينها يتقدمها والي الجهة وكبار المسؤولين الأمنيين وكأنهم في مواجهة "حركة طالبان" حتى أضحى جليا أن تحتج بدمشق وريفها ويستحيل ذلك بكلميم ونواحيها..، وبذلك تم إخلاء الشارع الرئيسي للمدينة ومحاصرة جميع المنافذ المؤدية لمكان الوقفة المعلن عنها مع إخلاء المنطقة من المارة وتفريق كل التجمعات ابتداءا من الساعة الخامسة عصرا ،من يوم الذكرى إن لم نقل أنه بهذا الإنزال الأمني الكثيف تم حظر التجوال غير معلن نهارا، مع القيام بتمشيط الشارع ذهابا ومجيئا،وقد كان هذا المشهد المثير للسخرية ،اعترافا ضمنيا بقوة ومواقف الحركة ومطالبها المشروعة والتي بها بعثرت أوراق المخزن المهيمن ،كما تسببت في ارتباكه وهذيانه فأضحى بذلك يخشى خروجها للشارع بعد أن فشل في إسكات صوتها وكبح جماحها رغم تسخيره لكل إمكانياته المادية والمعنوية ،وهو يواجه مواطنين عزل مسالمين على الظلم والاستبداد حاقدين لا يحملون بين أيديهم سوى يافطات ويرددون شعارات فاضحة للطغيان والفساد،حاملة لمطالب مشروعة نصت عليها المعاهدات والمواثيق الدولية ،ومعمول بها في سائر المجتمعات الديمقراطية عبر العالم... (فانظر يا عالم... كيف تستباح الكرامات وتنتهك الحقوق والحريات في دولة الحق والقانون كما يدعون ،وفي عز الربيع الديمقراطي بالمنطقة ،....) ....بالعودة إلى ما خلفه هذا القرار من تداعيات وردود أفعال باهتة ،كان لزاما علي فضح ما أقدمت عليه السلطات المحلية بالمدينة من تجاوزات في مجال الحريات بعدما تحفظ الناشط الأخر وتكتم عن الأمر كما تنصل لانتمائه وصلته بالحركة ،كما فعل من قبله وبعده كثيرون ،...ممن تنكروا لمبادئهم وعلى مواقفهم زاغوا وللتضليل انصاعوا ولتهديد ووعيد المخزن استكانوا ،متجاهلين أن التضحيات بالأفعال لا بالشعارات ،..وأمام صمت وتواطؤ بعض إن لم نقل جل فعاليات المجتمع المدني ، لم أجد وسعا وبمجهود فردي عمدت إلى إصدار بيان تضامني والذي أتفضل كذلك بنشره للرأي العام ،والذي بعد جهد جهيد لم أحظى سوى بمساندة خمس هيئات حقوقية وسياسية منهم حزب واحد "الحزب الاشتراكي الموحد " الذي من خلال هذا المنبر أحيي مناضليه وأشد على أيديهم بحرارة كما أحيي فيهم روح التضامن الصادق ...،كما لا يسعني إلا أن أتقدم بخالص الشكر والامتنان لباقي الجمعيات الحقوقية المتضامنة وفي مقدمتها "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" فرع كلميم ... كما لا يفوتني أن استنكر وأدين بشدة المواقف الخجولة والمحتشمة لباقي الجمعيات الحقوقية والتي لا تمت للحقوق بصلة من هذا الإجراء التعسفي في حق نشطاء الحركة والذي أعتبره في حد ذاته تواطئا فاضحا مع الجهات المعنية ...هؤلاء الذين كانوا بالأمس للحركة داعمين ولمطالبها مساندين أضحوا اليوم بعد انكشاف أمرهم لأسيادهم خانعين ولأوامرهم خاضعين وللأهداف النبيلة التي أسسوا لحمايتها والدفاع عنها بشرف غير آبهين ، اخذين من مبادئ حقوق الإنسان شعارا ومطية لحماية مصالحهم اذ هم بذلك دمى بيد من يحركهم من حيث لايشعرون... فكيف يعقل ..؟ أن جمعية حقوقية من خيرة الجمعيات الممثلة بالإقليم ولها صيت عال وأخص بالذكر جمعية" أطاك المغرب" والتي ظلت داعمة للحركة منذ نشأتها مساندة لمواقفها كما احتضنت اجتماعاتها وأنشطتها وهي التي وعدت فأخلفت وعن مسارها انحرفت ولمقرها أغلقت ،تضامنت قولا وليس فعلا مع هذا الناشط المغترب في موطنه ،وعن وضع طابع الجمعية ترفعت وترددت، ولأمال نشطاء الحركة خيبت ، وبموقفها الخجول هذا تكون قد هدمت ما بنت وشيدت... فيما كان الأمر مدعاة للسخرية والهزل فيما يتعلق بالجمعية الأخرى وأقصد بذلك "المركز المغربي لحقوق الإنسان" وأي إنسان هذا ...؟جمعية خارج السرب غردت وعن أهدافها ومراميها انحرفت وهي التي قررت بعد أن استشارت بعدم قبول الدعوى ..خالت نفسها هيئة قضائية لاحقوقية والمذنب هنا ناشط بالحركة لمشاعره جرحت وفي حقه بالرفض القاطع لحكمها أصدرت..ويا ليتها لمراكزها أغلقت ومن العمل الحقوقي البناء انسحبت وعن أنظارنا ومسامعنا اختفت وتوارت... كم لا يفوتني أن أنتقذ من هذا المنبر مع توجيه اللوم كله لوسائل الأعلام المحلية والمكتوبة منها والإلكترونية والتي عن دورها تغاضت وعن مواقفها لهاته الحالة تجاهلت وعن مكاسبها المهنية في تعميم الخبر تخلت...طمعا في كسب عطف ورضى من يوجهها بنفسها تناءت ويا ليتها ما فعلت ومع تيار الإعلام الموجه انحرفت وانساقت.. وخير ما أختم به مساهمتي هاته وتضامنا مع شهداء الحركة ممن قضوا أثناء التدخلات الهمجية للأجهزة الأمنية ، وممن أحرقوا ذواتهم دفاعا عن كرامتهم من مواطنين مستضعفين ولكل معتقلي الحركة الذين هم بسجون الذل والعار عن الطعام مضربين ، والذين لأجلهم رفعت هذا الشعار بمناسبة عيد الشغل "فاتح ماي" والذي به أختم مقالي هذا تاركا الإنصاف للتاريخ وحركيته ، كما أتقدم بجزيل الشكر لكل من ساعدني في الصدح بصوتي في هذا العالم الافتراضي الذي جادت علينا به التكنولوجيا وما كنا له بمتوقعين ، وأخص بالذكر الناشط بالحركة "ع.ح" الذي ضحى بوقته وأسدى كل الخدمات وقدم كل المساعدات كي أسمع صوتي للعالمين... وهذا مضمون الشعار ......وقفة اجلال وإكبار ....لشهداء الحركة الأبرار ....وتحية اعتزاز وافتخار ....لمعتقلي الحركة في سجون الذل والعار