تدخل أطوار المحاكمة العسكرية لمعتقلي إكديم إزيك فصول مرحلة جديدة، فبعد تجاوز مرحلة الاعتقال الاحتياطي الحد المسموح به قانونا، مثل أخيرا معتقلي إكديم إزيك يوم الجمعة فاتح فبراير 2013 أمام المحكمة العسكرية بالرباط، التي اصدرت قرارها في القضية منتصف ليلة الاحد 17 فبراير الجاري .. وعادت حليمة،الإعلام المغربي، إلى عادتها القديمة، في تثبيت ثقافة الكراهية تجاه الصحراويين وعليه نقول للاتجاه الرسمي وللناطق الرسمي باسم الحكومة نعم كلنا اكديم ازيك. فما طبيعة التهمة الموجهة لمعتقلي إكديم إزيك؟ وما هي مزاعم الرواية الرسمية أثناء إبادة مخيم اكديم ازيك؟ وما مدى التزام السلطة بذلك؟ وهل تم توجيه عائلات الضحايا توجيها قانونيا ام سياسيا؟ وما مدى شرعية المحكمة العسكرية وفق الدستور المغربي الجديد؟ يمثل معتقلي اكديم ازيك أمام المحكمة العسكرية بالرباط بتهمة ما تضمنته الورقة التأطيرية ل (C E S E) هذه الأخيرة التي تعترف بفشل مسلسل التنمية بالصحراء الغربية وهو اعتراف ضمني بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالصحراء الغربية، وبالتالي اعتراف ضمني بحق الشعب الصحراوي في العيش بكرامة، واستغلال مشروع لثرواته الطبيعية وتسيير نفسه بنفسه، وهذا ما يبحث عنه روس، فيما يعرف بالصيغة النهائية لإيجاد حلقة الوصل المفقودة بين أطراف النزاع بشكل يضمن استمرار الملكية بالمغرب، فالمحاكمة بديهيا هي سياسية بامتياز. وحسب مزاعم الرواية الرسمية فان تفكيك مخيم اكديم ازيك كان بناءا على وجود أشخاص لهم سوابق قضائية ، يحتجزون النساء والأطفال، وعليه كان يفترض حسب هذا الزعم، الاحتفاظ بالخيام وما احتوت مشمعة كمحجوز وإحالتها رفقة المتهمين على المحكمة وبالتالي يحق لأصحابها استرجاعها بناءا على طلب استرجاع محجوز مقدم للسيد الوكيل العام للملك لكن ما حصل هو خلاف هذا بحيث تم الاستيلاء على الخيام وما احتوت كغنيمة وهذا يعني حسب الأعراف الدولية بان الجيش المغربي كان في حالة حرب ضد عدو إسمه الشعب الصحراوي، وبالتالي حين يرفع شعار "احذروا المغاربة إنهم لصوص" في انتخابات إحدى الدول الأوربية فلا يجب أن نواجه هذا التصرف بعاطفية، وحتى بعد تفكيك مخيم اكديم ازيك فلا يوجد من يقر بأنه كان محتجزا ولا حتى من يتواجد حاليا بالضفة الأخرى وهذا تفنيد صريح للرواية الرسمية. فالجيش الذي اكتفى فقط بالتوثيق على متن المروحيات من خلال التصوير، هو متهم، من وجهة نظر قانونية، بعدم تقديم مساعدة لأشخاص في حالة خطر، وعليه بإمكان عائلات الضحايا رفع دعاوي قضائية ضد الدولة المغربية في شخص الجنرال الذي كان يشرف على هذه العملية، بعيدا عن الرهان على الاتجاه الرسمي في التوجيه والإملاءات والتبعية، وإلا كيف نفسر تزامن عملية التفكيك مع انطلاق جولة جديدة من المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو؟ هل لإرغام هذه الأخيرة عن العدول عن طرح مقترحها للنقاش؟ سؤال نطرحه على تنسيقية عائلات الضحايا ومحاميهم لتتضح اللعبة السياسية التي راح ضحيتها كل من الشعب المغربي (عائلات الضحايا) والشعب الصحراوي (معتقلي اكديم ازيك)، فلا يد للصحراويين في القتل وهم منه براء براءة الذئب من دم يوسف. وهنا نتساءل عن أسباب تواجد القوات العمومية ، بتجمع سلمي اكديم ازيك مطلبه اجتماعي بالدرجة الأولى، هل استجابة للواجب الوطني؟ وهل الواجب الوطني هو الذي دفع القوات العمومية إلى قتل المسمى قيد حياته الكارح الناجم الذي لم يبلغ الحلم بعد، رميا بالرصاص أمام مرئى ومسمع العالم قبل تفكيك مخيم اكديم ازيك بتاريخ 24/10/2010؟ ولماذا لم يمثلوا قتلته أمام المحكمة العسكرية؟ وهل الواجب الوطني هو الذي دفع بأسلاف هذه القوات إلى رمي الصحراويين أحياءا من المروحيات ودفنهم احياءا؟ وهل الواجب الوطني هو قصف الصحراويين بالقنابل المحرمة دوليا وطردهم من أرضهم وتشريدهم 1975؟ فالثابت هو أن الدولة المغربية تكون خصما وحكما في نفس الوقت بالنسبة للمحاكمات السياسية، وهذا ما يعاب عليها من قبل خصومها والمنظمات الحقوقية المحلية منها والدولية، لكن المتغير في هذه المعادلة هو الضحية، فبعد ما كان الضحية هو اليسار المغربي جاء الدور بعد 1975 على الشعب الصحراوي، وبإسقاط هذه الثنائية على القضية التي نحن بصددها نجد أن المتغير في هذه الحالة هو الشعب المغربي والشعب الصحراوي معا، والثابت يبقى ثابت. أما عن مدى شرعية المحكمة العسكرية، فأوضح السيد مصطفى الخلفي الناطق الرسمي باسم الحكومة على أن القضاء العسكري هو الذي ينظر في الجرائم التي يكون احد ضحاياها من قوات الأمن العمومي، فعن أي قضاء عسكري يتحدث ذ/ مصطفى الخلفي! عن القضاء الذي لا يوفر مبدئيا المحاكمة العادلة وفق مبادئ واحترام حقوق الأفراد وصون حرياتهم، ألا يعلم السيد الخلفي بأن المحكمة العسكرية الدائمة تكتفي بدرجة واحدة للتقاضي وهذا من شانه تضييع الحقوق، مثلا حرمان المتقاضي من مناقشة مجموعة من المستجدات ووسائل الإثبات التي قد تبرئ ساحته، ودرجة التقاضي الواحدة هذه هي ضرب لمبدأ دستوري يتمثل في مبد المساواة بين الموطنين، فالمحكمة العسكرية الدائمة هي محكمة إستثنائية، تصدر أحكاما في واقع الحال بقضاء فردي، هو مستشار لدى محكمة الاستئناف بالرباط على اعتبار أن المستشارين المشكلين لهيأة الحكم ليسوا قضاة وإنما هم ضباط أو ضباط صف، ليس لهم تكوين حقوقي أو قضائي. وجل القضايا المعروضة على هذه المحكمة ليست عسكرية صرفة، وإنما تندرج ضمن الأفعال المنصوص عليها بموجب القانون الجنائي، مما يستعصي معه على هؤلاء المستشارين ملامسة العناصر المادية والمعنوية للفعل الجرمي بل ولكل مبادئ القانون الجنائي والمسطرة الجنائية عامة. فلا غرابة أن ينهج الناطق الرسمي باسم الحكومة الحالي، نهج خلفه في اليسار المغربي وعضو ائتلاف حكومته الحالية، في محاولة منه لتصدير أزمة فشل تدبير حكومته نحو الصحراء الغربية وذلك بهدف خلق إجماع وطني يؤكد بأن الصحراويين قتلة ومجرمين، قتلة لأنهم قتلوا ما في البحر ومجرمين لأنهم نهبوا ثروات الصحراء الغربية. ومن المفارقات العجيبة التي تطرح أكثر من علامة استفهام، هي أن المحجوزات المرتبطة بهذه القضية لم تتم إحالتها من قبل محكمة الاستئناف بالعيون على المحكمة العسكرية الدائمة، إلا يوم 29/01/2013 بناءا على طلب مدير العدل العسكري بالرباط، فكيف تمت مراحل التحقيق وعلى أي أساس تم الاستناد، في ظل غياب التوصل بهذه المحجوزات؟ ففي الوقت الذي يقوم فيه روس بجولات مكوكية لتقريب وجهات النظر المتباعدة، يضع المغرب يده على الزر الذي يشعل فتيل النار بالصحراء الغربية، وعليه تحمل مسؤولياته فيما سيؤول إليه الوضع بعد صدور أحكام جائرة، ومهما تكن الأحكام فهي في النهاية مرتبطة بالملف الأم، لأن أول شرط في الحل النهائي لقضية الصحراء هو الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين الصحراويين بما في ذلك طبعا معتقلي اكديم ازيك.