(إفخر يا دليم : قصيدة جميلة دبجها مهندس النفط الدكتور الشاعر عمر بدوي أبو البشر يمتدح فيها قبيلة أولاد دليم الصحراوية بعد أن أثبت انتماء عائلته السودانية الجنسية اليها) قال الشاعر : تسعى بنا الاقدار طيلة عمرنا .... طورا تسر وأدهرا تتكرب قد يكون للكرب وقعه الشديد على القلب ، لكن ما غلب الكربُ فرحتين ، فرحة بالتعارف ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) وفرحة بالتعاون ( وتعاونوا على البر والتقوى)، وقد يكون حظنا جزيلا بالاستمتاع بلطفِ الاستماع الى رجل فريد كأنه نسيج وحْدِه، قاده السؤال الوجودي عن سر كينونته الطينية النّسَبية أو الدموية الى اكتشاف حبل سُرّي يربطه بأبناء عمومته بمدينة الداخلة وبعض ربوع بلاد شنقيط التاريخية( عائلة كرّام) ، إذ أثبت ببحثه الاكاديمي الذي سيصدر بعد شهور أنه دليْمي الأصل سوداني المنشأ ، ولكيلا نستعجل الكشف للقارئ عن بعض الأدلة المعتمدة والمستندة الى وثائق ومشجرات أنساب و مخايل شبَهٍ لا تخطئها العين ، لنَرْبَع على أنفسنا و نتلبث مليّا حتى يستبين ما تمحّضَ للرجل وتمحّص له من سفره الشائق الرائق في رحلة بحثه عن ذوي القربى الذين تفرقوا في هذه الأقطار الثلاث (موريتانيا والمغرب والسودان ) قدرا مقدورا ، وفي انتظار ذلك ، لم ينتظر الدكتور عمر حتى ينضج الزرع ويستوي على سوقه كتابا يصل الماضي بالحاضر والغائب بالشاهد ، بل صدح يراعه بهذه القصيدة التي تنم عن قريحة متينة تستطيع تفتيق المعاني و تتغنى بالمجد و المعالي نسبا وكرما وايثارا ...، ويكفي هذا القصيد المنشور في كتاب " أحد عشر يوما في السودان" للاستاذ مربيه ربه ماء العينين روعةً انه يجمع بين الكلم العربي الأصيل و صنوه الحساني الأثيل ، وإذا ذكرت بعض الاقاصيص " ونّي " في سياق التعريض بالسحر والافتتان الذي أثارته أنثى في نفس عاشق وامق ، فأضحت مضرب المثل " كلها وْ وَنِّيهْ " فاني أَلمس في " ونّي " شاعرنا الكبير تغنياً بأمجاد قبيلة عربية أصيلة ورثت الكرم الذي طار بلبِّه كابرا عن كابر، و إذا كان عرفان الجميل لا يصدر إلا من طيّبِ أصل وأَرومَة ،لدرجة أن الحكيم ديلول ذائع الصيت بالصحراء يعتبر قمةَ المرارة نكرانُ الجميل ، فان العرفان إنما ينثال من عيْن التعرف على الغير حقيقةً وطويةً، ثم التعارف معه تفاكرا وتذاكرا ، وتبادلا للخواطر و المشاعر، وذلك تأسيسا للبحث عن مياسم الاشتراك والتوافق الممهد للتعاون ، وتلك عزْمةُ صاحبنا وبُغيتُه ، فقد قدم الى المغرب للمشاركة في لقاء يبحث تطوير علاقات التعاون بين بلده والمغرب ، وهو في ذلك كالحكيم في المثل القائل : أرسل حكيما ولا توصه " ، إذ دخل باب التعاون من مدخله الرحب حين استدعى من الخبرة التاريخية ما يدلل على عمق وعراقة تلك العلاقات كرحلات الحج ومسير الحجيج من شنقيط و المغرب في اتجاه البقاع المقدسة عبر السودان , وتلك أقوام حَرِيّة بأن يسَار على خطاها ومواطئ أقدامها ربطا للحاضر بالماضي الذي أحدث تمازجا وتزاوجا بين الأُمَّتين جعل فئات من مواطني السودان يدعون الى اليوم بالمغاربة ، وهذا دليل ساطع على توغل التمازج والتثافق والتوافق بين المغرب وعمقه الافريقي ، وإنما حل الدكتور عمر بوادنون تأكيدا لهذا التواصل الذي تغذيه روابط دموية قائمة ،وقد تجاذبنا معه الحديث على مأدبةٍ في" خيمة أهل بيروك" الذين خلد الشاعر سدوم أيامهم وذكرَهم ، وقد ذهب ما أعطوه،وبقي ما أعطاهم ينشدهُ المبدعون والمطربون الغادون الرائحون من وادنون الى بلاد شنقيط ، و خرجنا ونحن على مكينِ اليقين أننا شعوب بعضها من بعض.