لقد سبق وقلنا في مقال سابق بأن التغيير يجب أن يبدأ من الأحزاب أولا و لا يمكن أن نتحدث عن تغيير ديمقراطي في ظل وجود أحزاب غير ديمقراطية حتى مع نفسها. والنتيجة نتبوؤها اليوم ونجني ثمارها نحن من صوت على الدستور بإجماع طمعا في قبس من هواء الحرية والديمقراطية. أحزابنا اليوم تمارس علينا ديكتاتورية جديدة باسم التغيير، حيث تحتفظ بعنوان واحد لمرشحيها وإن اختلفت الوجوه، وبذلك سيبقى الوزير وزيرا والبرلماني برلمانيا ..والناخب منكوبا. هي سياسة لفرض الأمر الواقع باسم الديمقراطية عبر صناديق الاقتراع مرة أخرى وتلك الأسماء نداولها بين الناس. إن من يقرأ أسماء المرشحين بأقاليمنا الجنوبية سيرى بأن قديمهم معروف وجدديهم سمعته تزكم الأنوف. وسيستنتج جيدا أن المعيار الوحيد للحصول على التزكية هو قدرة المرشح ماديا على شراء الأصوات ، وباختصار هي سوق انتخابية مبنية على مبدأ الربح والخسارة . والغريب، أن هذا النوع من التغيير المقنع يتم بمباركة السلطة وما صمتها على تصرفات المرشحين قبل الفترة المخصصة للدعاية إلا دليل قاطع على كونها تدعم هدا التزييف الجديد وما يسمونه ديمقراطية . والسؤال المحير هو أين كل هذا من التوصيات التي جاءت في الخطاب الملكي؟ وعلى ماذا اعتمدت أحزابنا للحكم بكفاءة ونزاهة مرشحيها؟ وأين هو حياد السلطة الإيجابي في ظل ما يقع من أحداث لا تبشر بخير في القادم من الأيام ؟ خلاصة القول إنه استهزاء بوعي المواطنين ولا يمكن أن نتحدث أبد عن تفعيل ما جاء في الدستور بمثل هاته الوجوه المقترحة. إن هدا التصرف من الأحزاب بالأقاليم الجنوبية لم يأتي عبثا بالنظر إلى أهمية عدد المقاعد المخصصة لأقاليمنا لذلك فهي تراعي المعيارين الأساسيين المال والقبيلة ومن ربح الأقاليم الجنوبية ربح نسبة مهمة قد تؤهله لرئاسة الحكومة ..إنها المكافيلية السياسية بأرقى تجلياتها . إنها معادلة مدروسة جعلت العديد من النخب المثقفة والواعية تتحدث من الان عن العزوف والمقاطعة وهدا ما سنراه عند إعلان النتائج يوم 25 نونبر. إن الشعارات التي رفعت تطالب بالتغيير فبراير الماضي، جاءت مطالبة بإسقاط الفساد، وما نراه اليوم من بعض أحزابنا بأقاليمنا الجنوبية هو مباركة للفساد وحماية للمفسدين، ونتمنى أن يتم تدارك ما يمكن تداركه وإلا فالوضع سيبقى على ما هو عليه والله وحده يعلم ما ستأتي به الأيام ، والكلمة الأخير ة ستفرزها الصناديق.