هل ابتليتم مرة بشخص ثقيل على قلوبكم وعلى مجمعكم مقلق لراحتكم تتأففون من حضوره وتهربون من حضرته وتتمنون أن يرفعه الله عنكم وتقررون فك لقائكم وإنهاء سمركم بمجرد حلوله بينكم إنه ثقيل الظل أو ثقيل الدم أوثقيل والسلام . ثقيل الظل شخص يفرض عليك نفسه فرضا ،ويفرض عليك أن تسايره وأن تستمع إلى كلامه الذي يجتره ألف مرة كلما لقيك ، إنه عقوبة واية عقوبة إنها القهرة بعينها قد حلت بك والعياذ بالله . ونحن في عصر السرعة والإختصار حيث الأرواح تبدو خفيفة ولا تستريح إلى للخفة والعجالة حيث لم تعد أرواحنا تتقبل البلادة وثقل الحديث أو ثقل المتحدث، خاصة ونحن نعيش عصر اصبح الإنسان فيه عجولاً متوتراً شاردا فإن أردت أن تلفت انتباهه وتجرّه إلى الإنصات إليك، عليك أن تكون رقيقاً حضارياً خفيف الظل، بعيدا عن الكلام التافه الفارغ الذي لا طائل من ورائه عندما نجتمع مع بعضنا البعض او مع الآخرين فإننا نبحث عن طرد الوحدة والسأم والملل والخروج من دوائرنا الضيقة لنتبادل الخبرات والتجارب والحديث مع الآخرين علنا نفيد ونستفيد . ولكل واحد منا متعة يروم تحقيقها عند لقائه بالآخرين . ولكن تضيع أمالنا وأحلامنا وأحلامكم عندما يسلط علي مجمعكم ثقيل ظل أو ثقيل دم فتشعرون بالتبرم والإختناق وتتمنون لو لم تخرجوا ولم تبحثوا عن اصدقاء وبل وتتمنون أن تنشق الأرض لتبتلعكم أو تبتلعه معكم هذا الذي حول مجمعكم إلى دهر لا يكاد ينتهي . وثقيل الظل أنواع واصناف فمنهم الثرثار الذي لا يسكت أبدا ولا ينتظر دوره في الحديث فهو يستحوذ على اللقاء وينتقل من موضوع إلى آخر، وله دراية وعلم بكل شيء فلا قضية تخفي عليها أكان علما في السماء او في غياهب الارض ، يثرثر ساعات وساعات بكلام كله لغو وحشو ، ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد فويل ثم ويل لمن حدتثه نفسه من الحاضرين بمعارضته أو تصحيح أقواله أو التعقيب على رواياته... والصنف الثاني هو الذي يعارض كل قول وفعل عملا بمبدا خالف تعرف فرأيه هو الصائب ولو" طارت معزة "وحتى إذا جاريته في حديثه جبرا لخاطره فسرعان ما ينقلب على رأيه وينقض نفسه ويعارض أقواله ويخالفها في لمح البصر . والصنف الثالث وهو الذي بمجرد ما يسمع اسم أي مسؤول فهو يعرفه وله معه علاقة وينبري في سرد قصصه وحكاياته البطولية ومغامراته العجيبة معه.... والنوع الرابع هو الذي –إذا قدر الله – ورافقك لعيادة أحد الأصدقاء المرضى سواء في المستشفى أو في بيته فأول ما يقوم الشروع في تذوق الأطعمة والمشروبات التي تكون بجانب المريض ثم بعد ذلك في الحديث عن نوع الداء المريض وسبل علاجه ويشرع في تحقير الأطباء وفي تبخيس مجهوداتهم وبأن ما يقوم به المريض ما هو إلا مضيعة للوقت وأن عليه أن يقوم بكذا وكذا إذا أراد العلاج و يبدأ في سرد قصص لأشخاص اصيبوا بنفس المرض وكيف كانت نهايتهم مأساوية ..... .وما إلى ذلك من قاموس الياس والإحباط والتشاؤم .. والنوع الخامس وهو الذي يهاتفك بعد منتصف الليل بعد أن تكون غارقا في النوم ليسألك سؤالا تافها أو يوقظك من عزّ قيلولتك ليخبرك خبرا لا قيمة له أو ليخبرك بأن أحدهم تحدث عنك بسوء ، وهناك أنواع أخرى لا تعد ولا تحصى قد تصادفونهم في حياتكم ... وثقيل الظل، يفرض نفسه فرضا.. يدخل بلا استئذان و يجلس بيننا، فيتركنا بلا حديث و بين التأفأف و الكآبة.. نهرب من .. تعليقاته السلبية السخيفة والمصيبة العظمى إذا كان ثقيل الظل زميلك في العمل إلى أين المفر ، فهو يسكنك كالفيروسات التي تسكن كمبيوتر مكتبك تتمنى أن تنقضي ساعات العمل لتهرب إلى بيتك أو تختبيء عند احد معارفك ومع ذلك فهو ملتصق بتلابيبك . وأنت تهرب إلى بيتك وتجلس إلى شاشتك فتجد من هم أثقل من صاحبك وقد احتلوا شاشة تلفازك ببرنامج مملة وسخيفة تعاد للمرة الألف ....ولتروح عن نفسك تبحث عن اسكتش هزلي محلي مغربي في خزانة أقراصك المدمجة ولمفاجاتك فإن أثقلهم ظلا في انتظارك مشاهد درامية، فكاهية، اجتماعية تكاد تزهق لها روحك .. .. ثقيل الظل .. هو الذي يزورك في وقت تريد أن تنعم فيه بالراحة مثلا لكي يتحفك بحكاياته التي تقتلك ومع كل ذلك فأنت مجبور على أن تستمع إليه في وقت تتمنى فيه أن يزول من الوجود لكي يتركك وحدك .. وهو الذي يأتيك للزيارة في وقت ومكان غير مناسبين ... ومع ذلك أنت مضطر لمجاملته والترحيب به إما لكبر سنه أو مخافة أن تجرح شعوره او لحسن عشرتك وطيب خلقك وجمال طباعك .. وهو الذي يأخذ الجلسة كلها متحدثا عن نفسه وعن (بطولاته) وكرمه وأريحيته وحسن عشرته في وقت يعلم فيه المتلقي أنه غير ذلك .. وهذا النوع من الثقلاء يطلق عليه الكذاب عوضا عن ثقله .. وهو الذي يدخل نفسه (خيطه في الشريط ) في كل وقت .. فان رأى اثنان يتحادثان تدخل فيما بينهما ليعطي رأيه .. والثقيل عادة لا يدري انه ثقيل .. بل يعتبر نفسه أخف من نسمة الهواء .. وعلاماته انه يداهمك في مكان عملك أو في بيتك مثلا دون الاتصال بك مسبقا .. أو يستوقفك في طريق عام وأنت مهرولا لتقضي بعض حاجاتك فيصر على أن يحدثك قصة لا تنتهي .. فان أظهرت تأففك قال لك بقيت دقيقة واحدة فقط .. وقد تمتد الدقيقة إلى ساعة أو اكثر .. ثم من بعد ذلك يشيع انك متكبر ولا تتحدث مع الناس بلباقة .. أو يحدثك في الهاتف عن مشكلة بينه وبين صاحبه تستمر دهرا فتضطر لإلغاء كل مكالماتك والاستماع إليه كرها أو طوعا دون أن تقفل الخط في وجهه .. وهو الذي يريد أن تستمع إليه قسرا في وقت لا ترغب فيه الاستماع إليه .. ولقد سئلت مرة احدى زوجات احد الثقلاء عن تصرفه في المنزل فقالت : انه وباء .. وكانت هذه الكلمة تكفي لأن أدعو لها بالرحمة وهي ما تزال على ذمته . وأخرى قالت انه مرض وبائي يصيب اطفاله عندما يكبرون .. الثالثة قالت : أعوذ بالله .. فلنتحدث في موضوع آخر غير ما يوصف به زوجي . وثقيلو الظل على عكس الذين يتمتعون بذكاء مُطعّم بخّفة الظّل وحلو الحديث هؤلاء يغتالون الوقت فهم بارعون في تقليص الساعات إلى ثوان، تتمنى أمامهم لو طال الوقت وطال العمر وأنت بقربهم، هم كالنسمة العليلة في ليلة صيف فائق الحرارة، يُبّردون أعصابك حين يفرشون لك سجادة من حرير الكلمات فتتهيأ للدخول في عالم الصحبة الطيبة وفردوس الصداقة.. يتصف خفيف الظل بالذكاء لأنه يعرف متى يتحدث وماذا يتحدث وكيف يتحدث ؟ لا يكون مُدعّياً مغرورا ولا ساكناً مغمورا، ينقش حديثه نقشاًعلى جدران الروح ويُطرّزه بجزالة الألفاظ وبعض الإبتسام فتشعر أمامه بالسلام الذي يفّك عقدة لسانك، تدخل أبوابه بلا إستئذان مستأنسا فرحا, وكأن رابطا يربطك به فلا تُنهي الجلسة إلا بموعد يُقربك منه أكثرفأكثر.. خفيف الظل هو من يبتعد عن كشف عورات الآخرين والتوغل في خصوصياتهم،بل ينقلك إلى عوالم سحرية تُجدد نشاطك وتخلعك من رتابة الأحاديث وملل الجلسات، هو من ينأى عن التفاهات والسخافات ويدخل في مواضيع تبعث البهجة في النفس والمتعة للروح،تستأنس به وتسلمه مقاليد القيادة على عكس ثقيل الظل الذي تبدأ بعّد خساراتك بمجرد الإنعتاق عن جلسته..من نعم الله على عباده هذا التنوع الذي جعلنا نمّيز ما بين الإثنين ونختار الأذكى والأخف على نفوسنا لننعم بلحظتنا..!! خفة الظل ...
قال اريك بريسلر من ويستفيلد ستيت كوليدج في ماساتشوستس "توضح النتائج التي توصلنا اليها أن خفة الظل يمكن ان تؤثر بشكل ايجابي على قبول شخص ما كشريك في علاقة لكن هذا التأثير من المرجح انه يحدث عندما يستخدمه الرجل وتقوم المرأة بتقييمه." وعرض بريسلر وسيجال بالشاين من جامعة ماك ماستر في اونتاريو بكندا في تجربة ان تمتع الرجل بخفة الظل يحدث فارقا كبيرا لدى النساء. وعرض الباحثان على مجموعات من النساء صورتين لرجلين يتمتعان بنفس القدر من الجاذبية وقدما اليهن سيرة ذاتية لكل منهما واحدة مكتوبة بصيغة مرحة والاخرى بصيغة جادة. وأعاد الباحثان التجربة بشكل عكسي بعرض صورتين لامرأتين على مجموعات من الرجال وطلبا من الجنسين اختيار من يفضلونه شريكا في علاقة غرامية. واختارت النساء الرجل المرح في حين لم يختر الرجال المرأة الخفيفة الظل. وقال الباحثان في الدراسة التي نشرت في دورية التطور والسلوك البشري "تختار المرأة الرجل الذين يتمتع بخفة الظل على الرغم من انه عادة ما يعتبر اقل أمانة وذكاء." واضافا ان الرجال المرحين عادة ما يتم تفضيلهم حتى وان كانت خفة ظلهم تتسم بالسطحية. وهكذا اصبح لزاما على الرجل ان يتمتع بخفة الظل لأنه بعكس ذلك سيفقد نصفه الآخر، او على الاقل لا يحصل على المرأة التي تتقبله كنصف ناجح تبني معه حياتها القادمة ، ولكم الخيار أيها الرجال!!!. فحاول عزيزي القاريء أن تكون خفيف الظل لكي تصبح مقبولا بين الأصدقاء .. ولطيف المعشر في بيتك .. وابتعد عن الخوض في شئون الناس وعن الإدعاء بما ليس فيك فإن كنت لا تعرف نفسك فإن الناس يعرفونك عز المعرفة فكفى كذبا على الناس وعلى نفسك .