لا تكاد تخلوا أي مدينة من مدن الصحراء هذه الأيام من حالة من التذمر و اليأس الذي قد يصل أحيانا إلى الاحتجاجات و الوقفات.... ، ومرد ذلك -بكل بساطة- ارتفاع نسبة البطالة بين صفوف الشباب وخاصة منهم حاملي الشهادات العليا وغياب فرص للعمل أو للمشاريع التنموية الكبرى بهذه المناطق لما لها من وقع كبير في امتصاص هذه النسبة المرتفعة من البطالة.هذه الحالة ناجمة عن فشل سياسة التدبير التي اتبعت في معالجة هذا الملف منذ أمد ليس بالقريب، فبينما عرفت نسبة التمدرس ارتفاعا -لا يمكن إنكاره- وتحديدا مع نهاية العقد الأخير من القرن العشرين و بداية الألفية الثالثة في الأقاليم الجنوبية ، نتيجة لتحسن ظروف العيش عموما ولتطور البنية التحية على وجه الخصوص. ظلت سياسة التشغيل جامدة وإن تدحرجت فإنها بفعل أحداث اجتماعية ظرفية سرعان ما يتم إخمادها بحلول ترقيعية أثبت الزمن عدم جدوائيتها. في ظل هذه المعادلة اللامتكافئة الأطراف وغياب إستراتيجية واضحة المعالم حيال هذا الملف ظل الحال على ما هو عليه، بفعل الإختلالات البينة التي تشوب تدبير الشأن العام بهذه الأقاليم – رغم تباين الحالة بين إقليم وآخر- والتي يتحمل مسؤوليتها كل من السلطات المحلية و المنتخبين ، بحيث لم يتم رسم خارطة للطريق تأخذ في الحسبان ما قد يحصل في المستقبل ، فالمشكل ناجم عن تراكمات عديد السنين السابقة . إذ كانت أعداد المتخرجين من أبناء هذه الأقاليم تتزايد سنة بعد أخرى في غياب توفير مناصب للعمل تتناسب وهذا المعطى ، ناهيك كذلك عن غياب تشجيع المبادرة الفردية (إنشاء المقاولات الصغرى و المتوسطة ، دعم المشاريع الحرة .... ) . فالمتتبع للملف يكتشف بان المشكل أصبح يتفاقم يوما بعد يوم ، فأعداد الحاصلين على الشواهد العليا من أبناء الأقاليم الجنوبية في تزايد وهذا مفخرة لساكنة هذه الأقاليم ، لان الحق في التعليم حق يكفله الدستور وكل المواثيق و الأعراف الدولية ، ولا يمكن منع الفرد من التعليم من اجل الحد من مشكلة البطالة ، كما أن عامل الوقت ليس في صالح الدولة ، فإن لم يتم تغيير نمط سياسة التدبير المتبعة حيال هذا الملف الحساس ، قد تتطور إلى ما لا يحمد عقباه. إذ أن الاحتجاج حق مشروع خاصة إذا كان لتحقيق هدف يكفله الدستور هو الأخر و المتمثل في الحق في التشغيل. ولئن لأي مشكل حل اقترح بعض الحول التي يمكن بها معالجة هذه الحالة وهي كالأتي: _ رسم خارطة للطريق تكون ذو مصداقية وجدية بخصوص مشكل البطالة بهذه الأقاليم . _ إعطاء الأسبقية في أية عملية للتوظيف لأبناء المنطقة الأصليين ، لأن أي إقليم لولى أبنائه اللذين ضحوا بالغالي و النفيس في سبيل بنائه و تشييده بعدما كان أرضا قاحلة ، لا يمكن أن يتم تجاهلهم في أية عملية كيفما كان نوعها داخله ، فالأصل أصل و الفرع فرع . _ تحديد معايير واضحة ومتفق عليها تسري على الجميع ، تكون دليلا يتبع في أية عملية للتوظيف . _ إشراك اللجان الممثلة للمعطلين الصحراويين في عملية انتقاء و اختيار اللوائح عندما تكون هناك رغبة في تسوية هذا المشكل. _ تشجيع الشباب ودعمهم للولوج إلى عالم المقاولات الصغرى و المتوسطة . _ تخصيص جزء من عائدات الثروات البرية و البحرية بهذه الاقاليم في توفير مناصب للعمل على الصعيد المحلي لفائدة الشباب أبنائها .