قال الفنان المغربي نعمان لحلو (53 عامًا) إن الأغنية العربية “لا تعكس ما يقع في الدول العربية، وقلة من الفنانين يتناولون قضايانا”. وأضاف لحلو، في مقابلة مع الأناضول، الأغنية الحالية “تعكس سطحيتنا وتفاهتنا، لأن الفن هو انعكاس للثقافة والاجتماع والسياسية والاقتصاد، ولكنها (الأغنية العربية) لا تعكس المقومات التي من المفروض أن تعكسها، فمقوماتنا التي تتعلق بالعمران والمطبخ والفكر والفلسفة والجمل الموسيقية والهندام لا تعكسها هذه الأغنية”. وتابع: “ممكن أن تسمع موسيقى في أي بلاد عربية ولا تعرف أين أنت، فالأغنية العربية جميلة ومحترفة ولكنها لا تعبر عن هويتنا”. وحول العلاقة بين الفن والحرية في الدول العربية، أوضح: “دعني أتحدث عن المغرب وتونس، إشكالات الحرية في الفن غير مطروحة بالمرة، وطوال حياتي، عندما كنت أغني أو ألحن أو أقدم برامج إذاعية أو تلفزيونية، لا أحد اتصل بي وقال لي هذا خط أحمر لا تتكلم عنه”. وفيما يتعلق بعدم تناوله للقضايا العربية، قال إنه “يشتغل وفق مخططات، حيث إنه يخطط في هذه المرحلة لما بعد 2021، وسيخرج من القوقعة الصغيرة إلى فضاء أرحب”. ومضى قائلًا: “المشكلة لدي هي النص ماذا سأغني ولماذا أغني، وهل أضفت جديدًا، وهل موضوعاتي متشبعة بالإنسان والإنسانية ومختلف الديانات، كما أن النص أهم قبل اللحن والموسيقى”. ** البدايات وأشار إلى أن مساره الفني بدأ منذ كان عمره 5 سنوات، عندما اكتشف والده موهبته في الفن، حيث اشترى له آلة موسيقية، ومنذ ذلك الوقت كان يتمنى ما هو عليه اليوم. وذكر أن البداية كانت في المدرسة، وعندما بلغ 11 سنة، انخرط في جمعية موسيقية تسمى نسائم الأندلس، ورغم صغر السن آنذاك، وكانت تمثل المغرب في دول كثيرة. ولفت إلى أنه خلال فترة المراهقة كان يجمع بين الدراسة والتكوين الفني. وأضاف “في سن 18 عاما تلقيت عرضًا، لكي أمثل بلادي في والت ديزني، وسافرت إلى الولاياتالمتحدة، حيث كنت أمثل الأغنية المغربية، بعد ذلك انطلقت في عوالم ومدن أمريكية أخرى، وصدفة التقيت محمد عبد الوهاب في 1987”. وعبدالوهاب، ملحن ومطرب مصري راحل، وعرف بلقب “موسيقار الأجيال” (1991- 1902). متذكرًا تفاصيل لقائه بعبد الوهاب، قال نعمان لحلو: “استمع لي عندما التقيته بأمريكا وأعجب بفني، ونصحني بالالتحاق (السفر) بمصر آنذاك، وهو ما كان”. بعد نجاح مساره الفني بمصر، حدَّثَ لحلو نفسه قائلًا: الفن تعبير عن هوية وعن مسار وفكر ولهجة ولغة، ومكانه الطبيعي في بلده؛ وذلك “على الرغم أن الساحة الفنية المصرية كانت تفوق آنذاك الساحة الفنية بالمغرب بشكل كبير”. وقال إنه “يفضل أن يكون حقيقة صغيرة على أن يكون ظلًا كبيرًا”. ** البحث عن هوية ومكان وبصمة وبشأن اختياره الغناء عن مدن بلاده، أوضح لحلو، أنه “يبحث عن هوية وعن مكان وعن بصمة لا ينافسه فيه أحد، خصوصًا في ظل اختلاط عدد من المفاهيم الفنية في هذا العصر، ولا يكاد المرء يعرف من الممثل ومن عارض الأزياء ومن المنتج (..)” وأكد أن “التجاوب الكبير الذي عرفته أغانيه الأولى حول المدن، جعله يستمر في هذا المنوال، مما جعله يكرم المكان والإنسان”. وأضاف: “الإشكالية أن الغناء عن المدينة يأخذ من وقتي عام ونصف، حيث يجب أن أعرف الموارد الطبيعية والبشرية والجغرافية والتراثية لكل منطقة قبل البدء في الكتابة عنها”. ولفت لحلو، أيضًا إلى أنه “تناول في أغانيه مواضيع أخرى مثل، الماء وسرطان الأطفال، وأطفال الشوارع، والهجرة غير النظامية، والتطرف الديني، وهي مواضيع لصيقة بقضايا الإنسان”. واعتبر أن “الغزل والحب اُختزل وابُتذل في الأغاني”. وعن تقييمه للأغنية المغربية حاليًا، مضى بالقول: “ليست هناك أغنية مغربية ولكن هناك أغنية في المغرب، خصوصًا ما بعد العولمة الثقافية، التي أنا ضدها، حيث ألقت ستارها على الفن والثقافة”. وتابع: “أصبح الكل يريد أن يتكلم لغة واحدة، سواء في الموسيقى أو في طريقة اللباس أو طريقة الميكساج أو في طريقة الفيديو كليب، ولكن الإنسان هو أسلوب وهو تميز، فما بالك بالفنان”. وزاد: “هناك تجارب لا ترقى إلى تكوين ساحة فنية في البلاد، وليس هناك أغنية مغربية بمقوماتها، والشيء الوحيد الذي نظل نتمسك به كمغاربة، والذي يحافظ لنا على الهوية، هو التراث ويتعلق الأمر بالملحون والأندلسي والعيطة (ألوان موسيقية تراثية مشهورة في المغرب)”. ** أحدث الأعمال الفنية وكشف الفنان المغربي أنه يستعد لإصدار أغنية ويضع اللمسات الأخيرة عليها، وهي تتحدث عن الديانات الثلاث، مطلعها يقول: بسم الخالق ربي العظيم، والخوا (الإخوة) والإنسانية وسارة وهاجر وإبراهيم، بسم الحق والإنسانية… الموضوع شامل يتحدث عن الإنسانية”. وأوضح: المستمعون سئموا، خلال ال10 سنوات الأخيرة، من مفاهيم جديدة تتعلق بعدد المشاهدات في مواقع (منصات) التواصل الاجتماعية”. واختتم بالقول: “الآن عدد من الأفراد يبحثون عن المضمون، وعلى مستوى الشكل، أعتقد أن مستقبل الأغنية سيقتصر على أوقات زمنية صغيرة، وربما نسمع أغنية في حدود 30 ثانية، وتكون فكرة صغيرة، لأن أوقات البث بدأت تشهد تراجعًا”.