في عصر القرن الواحد والعشرون، وليس في العصر الحجري القديم ولا في عصور ما قبل التاريخ، تحدث مجازر وإبادة جماعية لمسلمي بورما (الروهينجا) (عيني عينك) أمام الهيئات الدولية المختلفة وأمام عدسات وسائل الإعلام المختلفة، غير اغتصاب المسلمات و(لا حس ولا خبر) للعالم المتحضر ولا لدول العالم المسمى (بالعالم الإسلامي)! إن مسلمي ولاية آراكان في بورما يواجهون حربا شاملة تهدف إلى إبادتهم جماعيا منذ عدة عقود وليس في هذه الأيام فقط. لقد لقى حوالي 400 مسلم مصرعهم منذ بداية الأحداث الإرهابية البورمية الأخيرة، وفر منهم 27 ألف إلى بنجلاديش، وغرق الكثير أثناء الفرار، غير العشرين ألف العالقين على الحدود مع الدول المجاورة، فضلا عن الآلاف الذين يعانون من قبضة الجوع المؤلمة؛ لأنهم بلا طعام ولا شراب وطبعا، بلا دواء! لقد هدم وحرق الجيش البورمي الحاقد الإرهابي حوالي 820 منزلا في خمس قرى في الأحداث الأخيرة. إنها حرب على الهوية؛ فلو كان المسلمون بوذيين، ما تعرضوا لثمة أذى! ولو كانت هذه الإبادة الجماعية لغير المسلمين لقامت الدنيا ولم تقعد، ولنتذكر كيف وقف العالم كله أمام الهجوم على دار شارلي إبدو في باريس، وكيف قامت الدنيا كلها ولم تقعد على هذا الحادث؟ وكيف سار رئيس فلسطين محمود عباس بجوار نتنياهو (صاحب المجازر الجماعية في لبنان وغزة) في المظاهرة الشهيرة تنديدا لهذا الحادث الأليم؟ وحين يكون المسلمون هم الهدف للإبادة الجماعية فلا حس ولا خبر للعالم المتمدين (التمدين الكاذب)، ولا للهيئات الدولية مثل الأممالمتحدة ولا مجلس الأمن ولا غيرهما. وطبعا، لن يسير رئيس فلسطين ولا غيره في مظاهرة تندد بالمذابح. ولو تركنا الهيئات الدولية، فأين الدول المسلمة من هذه المجازر؟! وأين الهئيات الإسلامية مثل الأزهر الشريف وغيره؟! إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى ) [1]. فأين التواد والرحمة والتعاطف لإخواننا المسلمين الذين يبادون جماعيا؟!
وبالنسبة للحكام المسلمين: فجلهم قد اغتصبوا السلطة، وفي الوقت نفسه، هم عملاء للدول الكبرى وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ فلا وزن لهم ولا حتى صوت معارض لهذه المذابح، ولا نتوقع منهم ذلك أبدا! فهؤلاء الحكام لا أمل فيهم ولا يرجى منهم أن يحركوا المجتمع الدولي لوقف هذه المجازر، والأفضل أن نصلي عليهم (صلاة الجنازة)؛ لأنهم في عداد الموتى بالنسبة للوقوف بجانب الحق ولرفع الظلم عن المظلومين؛ لأنهم أصلا حكاما ظلمة جبابرة طغاة ولهم القوة والبطش والطغيان على شعوبهم المغلوبين على أمرهم، وأيديهم ملوثة بدماء شعوبهم، وبعضهم قام بمذابح تشبه مذابح البوذيين للمسلمين! والحاكم العادل والمنتخب ديمقراطيا من شعبه، يكون دائما قويا وله المهابة والقوة والغلبة والصوت المسموع في المحافل الدولية. أما الحاكم المغتصب لكرسي الحكم، فلا وزن له ولا يسمع له!
المسلمون: كيف يقفون موقف المتفرج لهذه المجازر؟ وكيف لا يعترضون ولا يحركون حتى ساكنا لوقف هذه الفظائع؟ كيف لم تتحرك ولا مظاهرة واحدة قوية تندد بهذه المذابح التي تحدث لإخوانهم المسلمين؟!
البوذية: ما علاقتها بهذه المجازر؟ وما علاقة أتباع بوذا الذي دعا إلى تحرر النفس والوصول إلى الاستنارة أو النيرفانا بهذا التخلف والهمجية والوحشية واغتصاب المسلمات؟! أي نيرفانا هذه؟ وأي استنارة هذه؟ إنها ليست استنارة، إنما (استظلامة) وسواد في سواد!... وكيف يأمر (راهب بوذي) البوذيين بذبح المسلمين؟ وكيف يقوم الرهبان البوذيون (المتدنيون) بالإشراف على هذه المجازر؟ وأين تصنيف هذه الإبادة الجماعية في باب الإرهاب؟! أم الإرهاب مصنف فقط لدين الإسلام وللدواعش المصنوعين على أعين عدة مخابرات غربية مختلفة؟!
https://www.youtube.com/watch?v=N2F7A85zyrk راهب بوذي العقل المدبر لمذابح المسلمين في بورما
ماذا علينا أن نفعل؟ يجب على زعماء الدول المسلمة طرد السفير البورمي من بلادنا. ويجب علينا مقاطعة المنتجات الصينية؛ لأن الصين تقف بجوار بورما وتمنع إدانتها دوليا، بل تؤيد هذه المذابح؛ لأن البوذية هي ديانة الصينيين أيضا. يجب علينا أن ننشر صور المجازر. لابد لنا أن نعترض وأن يصل صوتنا إلى منظمات حقوق الإنسان. لابد لنا أن نتظاهر. أن نصرخ حتى يصل صراخنا إلى درجة أن يصم أذني رئيسة وزراء بورما (أونغ سان سي تشي) التي تشرف على مذابح المسلمين هناك، والعجيب أنها حاصلة على جائزة نوبل للسلام!
كيف تكافيء رئيسة وزراء بورما بجائزة نوبل للسلام وهي تقوم بالمجازر الجماعية لأصحاب الديانة الثانية في بورما بعد البوذية؟! وكيف تكافيء (سفاكة متعطشة للدماء) بجائزة بوبل للسلام، وفي الوقت نفسه، تشرف على مذابح طائفة من المواطنين ووجودهم بإسلامهم في بورما أصيل ويعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي حينما دخل الإسلام إلى هناك على يد التجار العرب؟ ما هذه الجائزة النوبلية الغريبة؟ وأي سلام هذا؟! إن حصول هذه السفاحة على جائزة نوبل للسلام، يبين لنا بوضوح الوجه الآخر القميء للمجتمع الدولي والذي يدعي التحضر والتمدين والتنوير. وبدلا من أن تقدم هذه السفاحة إلى محكمة العدل الدولية مع قادة جيشها البورمي المخضبة أيدهم بالدماء، إذا المجتمع الدولي يكافئها على سفك دماء المسلمين بجائزة نوبل للسلام! إن كل منْ حصل على هذه (الجائزة المشبوهة)، لابد أن نتفحص سيرته وأعماله جيدا. وإن مكافئة جائزة نوبل للسلام لهذه السفاحة البورمية، يذكرنا أيضا بالقبر الذي حفته الزهور من فوقٍ ومن أسفل عفن دفين. [1] رواه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير.