بعد فضيحة سيدي قاسم,الكل أدلى بدلوه وحلل وناقش,واللي يعزو الأمر إلى غياب دور الشباب,واللي يتحدث عن غياب الوعي وكثرة البورنو في برامج قنوات الصرف الصحي,واللي كان لابد إلا تتخطى الواقعة دون انتقاد لبس الفتيات المثير للشهوة,التبرج الداعي إلى تجمهر الذباب الآدمي حول الحلويات اللائي اضطرتهن الظروف إلى الخروج للعمل أو الدراسة, أو لاستنشاق الهواء بعيدا عن الطناجر والمقالي.. وطبعا ولا واحد فيهم أوحت له خلاياه الرمادية أن الأمر قد يكون له علاقة بأزمة السكن,في ظل عدم الوعي بأهمية الخصوصية, إذ لا احد فكر كيف ستكون ثمرة زواج قبلت فيه المرأة السكن مع بعلها في غرفة,بعدما شاهدت عددا من المرات منشورات فيسبوكية تسألها إذا ما كانت تستطيع العيش مع من تحيه في غرفة اقل ما يقال عنها أنها مشابهة لغرف محاكم التفتيش أيام النازية,وبعد الزن على آذانها بمساوئ الفتاة المادية,والعمر يزيد ولا ينقص,وظل رجل ولا ظل حيطة,تقبل الزواج بمن عاش في بيت أهله وليس له مكان للنوم إلا الصالون,وكل ما قرع الباب ضيف,حمل بطانيته وهرب باحثا عن مكان يتوارى فيه,وكلما فتح غرفة وجدها "تنغل" بشرا,حتى إذا تعب رمى البطانية تحت الكنبة "إذا وجدت",ثم جلس بين الضيوف يتصنع المودة والترحاب,وبينه وبين نفسه قصائد ومعلقات من السب والشتم,وهالات سوداء من الطاقة السلبية تهدد حياة الضيوف بالسرطان.. والزواج يعني لعب "الاحيه" على رأي عادل إمام,والغرفة مشتركة,يعني فيه أطفال,والأطفال ماشاء الرحمن عندهم آذان وقرون استشعار أقوى من الرادارات,وليلة بعد ليلة الطفل يكبر,والوالدة غير المادية والهازبند الزاهد في عشق بلا مهادنة,فطبيعي يتخرج من تلك الغرفة أو المسكن الضيق طفل يبحث عن أي ثقب للتنفيس عن تراكمات ليالي الأنس التي عاشها رفقة والديه..
من قبل كان الرجل لا يتكلم عن الزواج إلا بعد أن يبني بيتا أو يستطيع توفير ثمن كراء منزل واسع,وكانت منازل الكراء سابقا منازلا واسعة,طويلة عريضة,لكن مع مرور الزمن انكمشت مساحة المنازل والشقق السكنية,حتى صار الواحد يجد نفسه في بيت يطبل له ويزمر في الإعلام على انه بيت الأحلام,وأول ما يلجه يجد صعوبة في الخروج من شدة الضيق.. أما الآن فتلميذ الإعدادي قد يطالب والديه بالزواج,وفي إطار حملة تحصين الشباب وتخفيض أسعار المهر ومحاربة العلاقات غير الشرعية,قد يزوجوه ويسكن معهم في البيت,ويبيض ويفرخ حتى إذا أحس بالزحام,وضع والديه في دار للمسنين أو طردهم خارجا,ليوفر غرفة يزوج فيها ابنه,وهكذا دواليك.. وطبعا المغاربة آخر شي يفكرون فيه هو غرفة للطفل,على أساس الطفل لا يفهم شيء,كل المهم عندهم هو غرفة النوم,وربما حاولوا التشبه بالأجانب وقبلوا أو لاطفوا بعضهم,متناسين أن الأجانب صحيح يقبلوا بعضهم لكن التقبيل عندهم لا يكون بشوة كتلك التي تميز المغربي,الذي يرفض أن يترك شفتي زوجته دون أن يرتكب ما يستوجب الاغتسال.