للحقيقة كل ماجاء به خطاب جلالته جميل وسليم ولا يختلف حوله الا جاحد، كما أن الأمر لايحتاج الى كل هذه المشاعر الفياضة وكل هذه العبارات الرومانسية التي تخاطب القلب وليس العقل في الحقيقة -وعلى أي هذا ما يحبه جلالته -. جلالته شخص وحلل وبنى مواقف ونظر وأوصى وأورد كل ما كان يجب أن يرد في الخطاب....فهو يتساءل، يستغرب، لايشرفه، غير مرتاح، غاضب، صارم، حاسم، وازن لكلامه جيدا، مفكر بشكل عميق، لم يخطر بباله، غير متشاءم....كل هذه تعابير وعبارات جميلة، رائعة، قوية كل شيء فيها... لكن ليسمح لنا جلالته بقليل من "عدميتنا"، وليسمح لنا بمحاولة تفكير موازية لنسعي إلى جانب جلالته في عملية التشخيص والتحليل والتنظير تلك، لأننا في الأخير رعايا جلالته وما يهمه يهمنا أيضا.... الحقيقة التابثة الأولى هي أن الملك لايريد ولايحب من يقول له الحقيقة، مع عدم وجود الشجاعة الكافية من جلالته لتسمية الأشياء بمسمياتها فالعبارات وإن كان بعض منها جديدا إلا أنها لا تحمل أية إشارات مباشرة لأي طرف أو تيار كيفما كان، حتى وإن كان كل تيار يجتهد في تأويل بعض من عباراته التي فيها مؤاخذة أو نقد ويرى على أنها موجهة لخصمه بالذات.... أما التابث الآخر فهو دائما تنمر على الحلقات الأضعف (الموظف، السياسي، المواطن غير المسنودين بظهور تحميهم..)، أما الأمني والعسكري والدركي فلهم دائما رب يحميهم وألف مبرر ومبرر لكل الصولات والغزواة.. فالأحرى من جلالته أن يوجه “تعليماته” أولا إلى وزارة الداخلية التابعة له مباشرة والتي يعلم الجميع أنها هي أكبر عائق وأكبر مشكل في تخليق ودمقرطة العملية السياسية والانتخابية وهي الشيطان الأكبر في البلد ، و الأجمل هو لو وجه الجزء الأكبر من سهام نصائحه وتوجيهاته تلك إلى من هي الجزء الأكبر من المشكل والتي لم يأتي ذكرها على لسانه إطلاقا. الملك قبل غيره يعرف حق المعرفة ان برامج التنمية البشرية يكون المشرف الحقيقي عليها هو وزارة الداخلية ومختلف مصالحها، وهو يعرف كذلك أن الموظفين العموميين فوزارة الداخلية تعرف حق المعرفة ملفات وتفاصيل كل واحد لكنها تتحرك فقط عندما يتعلق الامر بتصفية حسابات سياسوية كما حدث مع موظفي العدل والاحسان في انتهاك صارخ لكل المبادئ والقوانين. أما عن قضية المراكز الجهوية للاستثمار فليسأل صاحبنا اي مقاول في اي منطقة واي قطاع في البلد كم من مسؤول في وزارة الداخلية يطلب "كاميلته" قبل التأشير على البدء بمشروعه، فمشروع اكادير الملغى من قبل الوالي المتواطئ مع لوبيات خير نموذج). بالطبع لايجب على الملك الاقتناع بالطريقة التي تمارس بها السياسة والكل يعرف ماتقوم به وزارة الداخلية في العملية الانتخابية فقط، بل ان جلالته لايحتاج الى تذكيره بمختلف غزواتها وصولاتها فترات الانتخابات اللهم اذا كان له رأي اخر. كما ان جلالته لايحتاج الى تذكيره بمن قام بتعطيل وتوقيف المشاريع لحسابات سياسوية وانتخابية، فليسأل وزارة الداخلية عنده عن بقية القصة. أما عن قضية أن الكل يختبئ وراء القصر فتلك حقيقة لاينكرها أحد، لكن لماذا تلوم السياسيين ولاتلوم من يحيطون بكم ممن جعلوا حجابات بين المواطن ومؤسساته وممثليه، وهل يمكن أن ينكر جلالته أن لا أحد بستطيع حتى مجرد التجرأ على تبني أي مشروع أو مبادرة تفوق اشعاعا أي من تلك التي أشرف عليها الملك أو سميت باسمه، ببساطة لأن جلالته هو من كان حريصا أشد الحرص على تسويق صورته بمنطق "أنا بوحدي مضوي البلاد، أنا زوين اللي ضايرين بيا اللي خايبين". والليبارك فعمر سيدي, واتقوا الله انتم ايضا في هذا الشعب.