تناولت عدد من وسائل الاعلام الوطنية وتصريحات مسؤولين بحدوث عملية تصل الى مستوى المؤامرة ضد الاقتصاد المغربي بإقدام أبناك مغربية على المضاربة في العملة الصعبة لتحقيق أرباح غير شريفة استباقا للتحرير الجزئي لصرف الدرهم. وكانت الدولة المغربية قد قررت تحرير صرف الدرهم خلال الشهر الجاري، ولكنها بأيام معدودة تراجعت بشكل مفاجئ نتيجة ما رصدته من تلاعب بالعملة الصعبة وصلت وفق التقارير الإخبارية الى قرابة ملياري يورو. وترتب عن هذا التصرف من طرف الأبناك المغربية تراجع احتياط المغرب من العملة الصعبة بشكل ملفت بل وخطير. وفي الوقت ذاته، ترتب عنها رؤية المؤسسات المالية الى الاقتصاد المغربي بنوع من الهشاشة لأنه يفتقد للصرامة المالية. ومنذ ثلاثة أسابيع والأخبار تتراكم حول هذه الجريمة الاقتصادية المفترضة، لكن الدولة المغربية بأمنها وقضاءها تلتزم الصمت حتى الآن ولم تصدر أي بيان توضيحي للرأي العام باستثناء تصريحات يتيمة من طرف بعض المسؤولين. إن صمت الدولة على ما يفترض أنه جريمة اقتصادية ارتكبتها أبناك مغربية يثير الكثير من الشك والريبة حول فعالية القضاء المغربي والانتقائية التي يتعامل بها مع القضايا سواء السياسية أو الاجتماعية. ولعل أي متتبع أو مواطن عادي سيتساءل: لماذا لا تبدي الدولة الحزم نفسه في ملف التلاعب بالعملة الصعبة كما تبديه في أزمة الحراك الشعبي في الريف؟ على الرغم من أن قرار التحرير الجزئي لصرف الدرهم هو خطئ لأنه سيحمل انعكاسات سلبية على غالبية الشعب المغربي وستنتفع منه فئة محدودة للغاية لا تتعدى 2%، كان على الدولة المغربية تقديم توضيحات للرأي العام. وعليه وأمام هذا الغموض: في المقام الأول، الدولة المغربية مطالبة بتقديم توضيحات للرأي العام المغربي حول عملية التلاعب بالعملة. في المقام الثاني، على الدولة فتح تحقيق قضائي مع المسؤولين الذين تسببوا في تراجع احتياطات البلاد من العملة لاصعبة. في المقام الثالث، الدولة مجبرة أخلاقيا على التدخل لأن سؤال الوطنية والشرعية سيطرح أمام: لماذا العنف المؤسساتي ضد الحراك الشعبي في الريف الذي طالب بالصحة والتعليم والشغل وذهب ضحيته نشطاء مثل جلول والزفزافي وسيليا وإعلاميون مثل الأبلق والمهداوي ولماذا السكوت عن جريمة اقتصادية يبدو أنها متكاملة الأركان؟ هل من جواب مقنع من طرف المسؤولين أم سيصمتون رغم ما تشكله هذه الجريمة من مس بأمن الأمة المغربية وسلامتها؟