بقلم : نجاة حمص كثير من الأدباء والكتاب تفننوا في وصف مكر المرأة وكيدها,لكنهم لا يعرفون أنها قد تضع كل أسلحتها أرضا, يشل تفكيرها وتتشابك خيوط مخها, ثم تنفجر بالبكاء إذا ظهرت في وجهها "حبة".. قد تكون على وشك تدمير العالم,أو فك لغز مثلث برمودا,لكن بمجرد ما تستفيق صباحا وتتطلع إلى مرآتها لتلقي على نفسها تحية الصباح والتي غالبا ما كانت تنتهي بإرسال قبلة إعجاب لصورتها الماثلة أمامها,وبمجرد ما تلمح تلك البقعة الصغيرة الحمراء,تعقد حاجبيها في قلق وتقترب لتدقق النظر وتتأكد أنها فعلا"حبة",تلمسها فتحس بألم, تتسع أعينها في هلع,تضرب فخذيها "ناري" ثم تنقل الضرب إلى المناطق السليمة من خديها وتخفف شدته,وهي تتفحص وجهها وتعرضه لمسح شامل ولا مسح الأشعة السينية,قبل أن تستقيم وقفتها,تزدرد صدمتها في صعوبة,ثم تتحول قبلة الإعجاب إلى بصاق غاضب,وبعد بكاء وفقدان شهية,اكتئاب ونوبات قلق,سهر الليل أمام المرآة والنظر إلى تلك الطفرة الجلدية لعلها "تحشم" فتختفي, يتحتم دخول النضال المشروع ..
أثناء المقاومة, تدخل الواحدة منا في تلك الدائرة المغلقة "بثور/ اسمرار",فأول ما تبدأ في علاج البثور وتخف حدتها,تفاجئ باسمرار لونها إن لم نقل زرقة بشرتها,ناهيك عن مشكل الآثار التي تصر على موقفها,وتظل شامخة تذكر بالذي كان من أسلافها الميامين,فتشمر الفتاة على ذراع الجد وتبدأ في تبييض وجهها,وما إن تتنفس الصعداء ويبدأ لونها في التفتح,حتى تهاجمها البثور ثانية,وهكذا دواليك,وهي النساء تشل من قليل؟ عندما نقول علاج البثور,فأكيد أن كل واحدة خلال تلك الفترة تصبح خبيرة أعشاب لا يشق لها غبار,وخريجة صيدلة ولا خريجات جامعات روسيا,أول ما تبدأ المشكلة ننظر أولا إلى احتياطي الإسعافات الأولية, والذي غالبا ما يكون فيه كحول مطهر,غسول معقم,أو حتى معجون أسنان,حتى إذا بعنا حميرنا وما أغنى عنا ما وجد,ننقل إلى المطبخ لنعد وصفاتنا الغريبة العجيبة,نطحن ما يستوجب طحنه,نغربل ما يغربل,ثم نبدأ في خلط المشرقي بالمغربي و "نطلس" لوجوهنا,غير آبهات بالروائح القادرة على إجلاء سكان القبور.. غالبا ما تكون زيارة تلك البثور الشيطانية قبل مناسبة مهمة,لذلك ترانا نفعل المستحيل من اجل التخلص منها ومن أثارها في أسرع وقت,وخلال العمل أو الدراسة نقوم بما يسمى في الميدان العسكري ب"التمويه",فنعمد إلى إخفاء ما يشوب بشرتنا بمستحضرات متنوعة,لحين عثورنا على حل لمناطق النزاع بيننا وبين تلك البثور الشحيبرية.. ومن اشد ما يحسب للناجيات من جحيم البثور في تلك الفترة,هو تلك الأسئلة التي يحلو لهن طرحها على المستجدات "مالك أختي",حتى يرى على وجه المبتلاة تلك النظرة الحائرة وتقليب اليدين في استسلام,آنذاك يشرعن في استحضار تجربتهن وسرد بطولاتهن الأسطورية أمام ذلك الغول.. والنوع الأكثر خبثا وهو ما نسميه برج "الحلوف", الناجيات اللائي يحلوا لهن دخول سؤال المصابة, في احد منتديات العناية بالبشرة, ويجبن ب"الحمد لله وجهي صافي..دخلت غير ندعي معاك".