ننشر مقتطفات من مرافعة احد افراد مجموعة اكديم ايزيك "الشيخ بنكا" امام القاضي بمحكمة سلا خلال محاكمة مجموعة اكديم ايزيك , المرافعة دون اي تعديل : بعد أن مثل المعتقل في حدود الساعة الحادية عشر و عشرين دقيقة أمام هيئة المحكمة مرتديا الزي الصحراوي الأصيل و هو يردد ''إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر" سأله القاضي عن التهم الموجهة اليه , فأجاب المعتقل : "أشكركم السيد الرئيس, و من خلالكم الشكر موصول للسادة المستشارين وألتمس منكم منحي الوقت الكافي لتبسيط وجهة نظري و البوح بما يخالج صدري .فكما تعلمون من شروط المحاكمة العادلة التي ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالإضافة الى العهدين الدوليين للحقوق المدنية و السياسية و الحقوق الاجتماعية والإقتصادية والثقافية فالى جانب الحق في علنية الجلسة و تكوين و إعداد هيئة الدفاع هناك الحق في الدفاع , و لقد قضيت ست سنوات و خمسة أشهر أرقب هذه اللحظة لذلك رجاءا لا تحرموني من صفائها . أود بهذه المناسبة و المناسبة شرط أن أحيي تحية إجلال و إكبار كل شهداء القضايا العادلة و الكلمة الحرة عبر العالم, و كل المضطهدين و المعذبين و المشردين و الكادحين فوق هذا الكوكب. تحية المجد و الخلود لشهداء ثورة العشرين اًيار الخالدة و على رأسهم الظاهرة و الأسطورة الولي مصطفى السيد و كل الشهداء الأبرار. تحية إباء و شرف لشباب الربيع العربي ذياك العوسج و الريحان الذي داسته الديكتاتورية و الإمبريالية و الكولونيالية الجديدة فحرمت بذلك رٍئة الشعوب المقهورة من استنشاق النسيم المقدس فتركت لهم بؤس الواقع المدنس.كذلك,أتقدم بعميق الشكر و الإمتنان للأساتذة الأجلاء و الأستاذات الجليلات الذين يرافعون واللواتي يرافعن عنا و الذين قضى البعض منهم سنوات طوال بالمخابئ السرية المغربية و رغم ذلك لم يستسلموا , خرجوا واستكملوا تحصيلهم العلمي ووصلوا الى ما هم عليه الآن . إنني أنحني إجلالا لهم و أقبل جباههم الطاهرة و أعتبرهم قدوة و مثالا أحذو حذوه لتسلق شعاب التكوين الأكاديمي . و للجمعية المغربية لحقوق الإنسان عظيم الإمتنان هي التي انتدبت خيرة رجالها للدفاع عنا . لكل المراقبين و المؤازرين أقول شكرا لتشجمكم عناء السفر من أجل تسجيل موقفكم الإنساني النبيل والتصدي لكل محاولات اغتيال حقنا في الوجود . كذلك,السيد الرئيس, أحيي المحامين المدافعين عن الضحايا, و أحترم فيهم استماتتهم في الدفاع عن موكليهم من منطلق الدارس للقانون, وإن كنت من منطلق المدافع عن حقوق الإنسان أستنكر عليهم إعدام قرينة البراءة التي هي الأصل و هي مبدأ دستوري لتسريحاتهم التي أدانتنا حتى قبل إصدار حكمكم السيد الرئيس و المعروف أن كل متهم بريء حتى تثبت إدانته... -إنني أنفي هذه التهم الملفقة لي جملة و تفصيلا, و أجدد تضامني المطلق مع عائلات الضحايا و هذا ليس موقفا لحظيا فقد عبرت عن ذلك أمام المحكمة العسكرية وقلت أنني أتألم لألمهم و أبكي لبكائهم و أني بريء من دماء أبنائهم برائة الذئب من دم يوسف , فذاك يوسف النبي تكالبت عليه الإخوة و رموه في الجب و نحن يوسف البشر تكالبت علينا خفافيش الظلام و زوار الفجر و دبجوا لنا وابل التهم الكاذبة و الواهية لحجز تأشيرة عبورنا الى المقصلة –يقاطعه النيابة العامة - "احترم الضابطة القضائية و لا تصفها بخفافيش الظلام " يرد الشيخ بنكا :"من اعتقلوني خفافيش و ليست ضابطة قضائية لأنهم لم يقدموا لي أنفسهم و لا الإذن بالإعتقال بل إنهالوا علي فجرا و أنا نائم بالعصي و الدبابيس مشهرين في وجهي أسلحتهم الرشاشة. _لقد اعتقلت فجر الثامن نونبر من سنة ألفين و عشرة بمخيم اكديم إيزيك للنازحين الصحراويين, و تم اقتيادي لثكنة الدرك الملكي بالعيونالمحتلة أين سأقضي خمسة أيام هناك طالتني خلالها شتى أصناف التعذيب و المعاملة الحاطة من الكرامة الإنسانية, مما تسبب لي في الإغماء ثلاث مرات .لقد خضعت للإستنطاق حول مواقفي السياسية من قضية الصحراء الغربية ,و زياراتي لمخيمات اللاجئين الصحراويين و التي تأخذ هذه الصفة القانونية من المفوضية السامية لغوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بإعتبارهم لاجئين لأسباب سياسية و ليست إنسانية , و كذا لقائي بقيادة البوليساريو الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الصحراوي ,و عن علاقتي بمجموعة من المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان. و لم أسأل قط عن ما وقع من أحداث بمخيم اكديم ايزيك' و لم توجه لي أي تهمة و كل ما تضمنته محاضر الضابطة القضائية هو محض افتراء و بهتان من وحي خيال واضعيه . لقد أبصمت تحت الإكراه على المحاضر دون الاضطلاع عليها و نفس الشيء حدث مع دفتر التصريحات . كما قلت لكم خضعت لشتى أصناف التعذيب :كتجريدي من ملابسي و سكب البول علي و حرماني من النوم و ضربي بالعصي و الدبابيس على مختلف أنحاء جسدي و تعليقي و تعرضي لشتى المعاملات القاسية مما تسبب لي بكدمات و جروح على مستوى الرأس و الجبهة و الأنف و باقي مختلف أعضاء الجسد. _أستسمحك السيد الرئيس هنا لإستعمال صيغة الأنا: أنا مناضل تقدمي أؤمن و أعتقد بمشروع سياسي وطني يتمثل في وجود دولة صحراوية مستقلة قائمة الذات بكامل مؤسساتها على ربوع الوطن المحتل . لكن و انسجاما مع دفاعي عن حقوق الإنسان فإنني أعمل و أطالب لتمكين الصحراويين من حقهم الغير قابل للتصرف في تقرير المصير. ليقرروا أنذاك هل يريدون الإستقلال أم الحكم الذاتي أم حتى الإنضمام الى المغرب , كل هذا شريطة احترام إرادتهم عبر إدلاءهم بأصواتهم . كما أنني أنتمي للصرح الحقوقي تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان الذي ترأسه المناضلة المعروفة أمنتو حيدار و المعروف اختصارا بالكوديسا CODESA , و كذلك عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع آسا , و رئيس اللجنة الصحراوية لمراقبة حقوق الإنسان بآسا. _إننا منذ إعتقالنا و نحن عرضة لحملة شوفينية عنصرية ممنهجة تهاجمنا صباح مساء عبر كل وسائل الإعلام المغربية , لقد قالوا فينا ما لم يقله مالك في الخمر . و لم يبقى وزير و لا برلماني و لا مسؤول إلا و جرمنا في انتهاك سافر لمبادئ الأممالمتحدة المتعلقة باستقلالية القضاء خاصة المادة 2 التي تحرم كل ضغط أو تشويش أو تأثير على السلطة القضائية عند فصلها الواقعة المعروضة عليها , وفي كل مرة يشهرون معاناة عائلات الضحايا في وجه براءتنا جاعلين منها قميص عثمان و هم بذلك يجعلون من حزن عائلات الضحايا حق يراد به باطل . لذلك أقول نحن الأبرياء الذين زج بنا ظلما و عدوانا بدهاليز السجون لنا عوائل تتألم و تبكي بحرقة . أكثر من نصف الرفاق توفى اباءهم و أمهاتهم حزنا و فجعا -(وهنا عم الصمت أرجاء القاعة و جلجل صوت الأسد بحشرجة اقشعرت لها الأبدان و بكت لها الدموع) و استرسل- أمي , السيد الرئيس, تتألم و تتوجع بل و جفت مآقيها حزنا , أبي بللت لحيته الدموع أخواتي يتألمن إخوتي يتألمون , بنات أخواتي و أبناءهم يتألمون, أصدقائي و رفاقي عائلتي يتألمون,المرأة التي أحب تتألم,رمال الكثيب تتوجع . و قد أنسى كل ما مر علي من فظاعة و عذاب و لكن لن أنسى ما حييت تلك اللحظة الموغلة في الألم عندما زارتني أمي أول مرة و منعوها بفعل الشباك المسيج في الزيارة من حضني و عناقي لن أنسى تلك الدموع التي ذرفت –تقاطعه النيابة العامة فيرد الأسد بقوة مزلزلة –دعني أعبر, دعني أصرخ صدري يختنق ألما. نحن أيضا لنا بواكي سيدي هل حتى معاناة عوائلنا تريدون طمسها ؟ كل هذا من أجل ماذا ؟ أمن أجل فكرة و حلم ندافع عنه بنضال سلمي نزيه ؟ الأفكار يا صاح لا تقارع إلا بالأفكار, فالتعذيب و التنكيل و تلفيق التهم و الزج بنا في السجون لن يقتلع الفكرة من رأسي بل سيكون كل هذا تربة تنمو فيها الفكرة و تترعرع. _إن الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف الدولة المغربية في الجزء المحتل من الصحراء الغربية و المؤرخة منذ 1975 تاريخ الإجتياح المغربي , مؤطرة و محكومة بخلفية مصادرة مطلب تقرير المصير, و إنها ليست صددا في استعمال السلطة أو حالات معزولة , بل هي انتهاكات مورست على نطاق واسع و شملت كل الحقوق و وصلت حد الفظاعة. ان الصحراويين دفنوا في مقابر جماعية , و تم رميهم أحياءا من الطائرات, و تم قصفهم بالنابالم و الفسفور الأبيض, و كل هذا مسجل و تقر به اللجان التي زارت الإقليم . كلجنة تقصي الحقائق عن البرلمان الأوربي و المفوضية السامية لحقوق الإنسان عن الأممالمتحدة و منظمة العفو الدولية أمنستي Amnesty و هيومن رايتس واتش , و فرونتلاين ,و الجمعية المغربية لحقوق الإنسان , مركز روبرت كينيدي للعدالة بل الأكثر من ذلك حتى خليهنا ولد الرشيد و هو مسؤول مغربي حكومي سابق و شخصية عمومية مغربية , أقر أمام هيئة الإنصاف و المصالحة في شهادة و هي موثقة سيدي الرئيس , أن الصحراويون تم رميهم أحياءا من الطائرات و دفنوا في مقابر جماعية . _سيدي الرئيس,إن مقاطعة النيابة العامة المتكررة لي تريد جعل قفص الإتهام إناء ماء و تقول لي غص فيه و تأقلم . وقد جرد ذلك أحمد مطر في القصيدة, لكن الإناء ضاق به و تحطم , فاحذروا صدري بركان نارلا يخمد و صوتي لن يخرس فاللحظة لحظة مفصلية أستنطق مكنوناتها و أصبرأغوارها و أستوقف التاريخ من أجل التأريخ لمواقف عز و مجد. التاريخ سيدي الرئيس لا أعتبره مجرد كذبة متفق عليها كما قال نابليون بونابرت بل أعتبره ذياك المجلد الضخم الذي يحوي تجارب و مواقف و شجاعة الرجال الرجال ,كما قال كاميكاز الحبر غسان كنفاني. _السيد الرئيس , وجب التنبيه لمسألة بالغة الأهمية , إن أتهامنا بالعمالة من قبل أزلام النظام و أبواقه هو ليس جديدا ,فهذا الوصف لطالما استعمله النظام مع معارضيه أو أي أحد له موقف مخالف من قضية الصحراء,فالمعارضة المغربية بشقيها الإصلاحي و الجذري لطالما وصفت بالعمالة للجزائر و ليبيا و الاتحاد السوفياتي و بقدرة جاهل كانت تتحول الماركسية اللينينية الى الماركسية الليبية , بل الأكثر من هذا السيدة كجمولة منت أبي و هي نائبة برلمانية سابقة وعضو قيادي في حزب التقدم الإشتراكي و قد قطعت مع فكر البوليساريو بداية التسعينات و موقفها الرسمي يتطابق و يتماثل و يتماهى مع النظام في قضية الصحراء , عندما أدانت و عبرت عن رأيها النقدي لما وقع بإكديم إيزيك تعالت الأصوات و نعتتها بالعميلة , و أنها تحن الى البوليساريوو و ما إلى ذلك من النعوت. (و يقول المعتقل للقاضي بالدارجة المغربية: و هادي راه قطعت مع فكرالبوليساريو بداية التسعينات سيدي الرئيس و فين انتاقدت وصفوها بالعميلة) _سيدي الرئيس, القديس أوغسطين يقول : 'قانون ليس عادل هو ليس قانون بالمرة' لذلك أقول لكم اذا كانت هذه المقاطعة المتكررة لي بمبرر الإلتزام بقانون المسطرة الجنائية ومناقشة التهمة تعتبرونه قانونا عادلا ,و تطلبون مني مناقشة تهم لم أرتكبها و ملفقة لي و لا ترغبون في سماع السبب الحقيقي لإعتقالي , لكوني معتقل رأي و معتقل على خلفية سياسية , إن كان هذا القانون هو كذلك و هو ما ستناقشون معي فقلها لي سيدي الرئيس و سأنسحب و أعود الى مكاني ... (يأمره الرئيس بالمواصلة فيواصل المعتقل و يقول) : إنني ذكرت أمامكم الحملة الشوفينية التي تطالنا ممن يتشدقون باحترام حقوق الإنسان و لكن هناك نقطة مهمة يجب التطرق لها لأن ذاكرتنا ليست مثقوبة . السيد الرئيس, إنني عندما ذكرت كل المغاربة الذين يتكالبون علينا لزام علي أن أشيد و أذكر هنا بفخر المناضلين الشرفاء الأطهار من الشعب المغربي الشقيق من منظمة الى الأمام و من النهج الديمقراطي الإمتداد الشرعي لها ,دافعوا عن حقنا في الوجود و أدوا مقابل ذلك الضريبة سنوات من السجن. إنني أذكر بالكثير من الفخر و الإعتزاز الشهيدة سعيدة المنبهي , عبد اللطيف زروال, مصطفى بلهواري ,الدريدي مولاي بوبكر, أمين التهاني , جبيهة رحال , مصطفى لحمزاوي , محمد كرينا, أيت الجيد بنعيسى وغيرهم من رموز الشعب المغربي الشقيق , و إنني سيدي الرئيس لأفتخر أيما فخر و إعتزاز بتأثري باليسار المغربي الجذري.'' **و استفاض المعتقل في سرد تفاصيل تعذيبه في مخفر الدرك و في المحكمة العسكرية عند مثوله أمام قاضي التحقيق و فند كل الإدعاءات و التهم و الأقوال الزائفة في محاضر الضابطة القضائية و محضري الإستنطاق التمهيدي والتفصيلي أمام قاضي التحقيق و كذلك تعذيبه في السجن و رفعت الجلسة الى يوم الإثنين ليستكمل إستنطاق الأسد**