بعض الناس تغييبها عن الأذهان عندما ينعتون حزب العدالة و التنمية انه حزب طاهر و يجمع النزهاء و نظاف الأيدي والسريرة والاستقامة الخ من الصفات الدعوية التي نصادفها في كتاب التربية الإسلامية و دفاتر المتعلمين في هذه المادة،وعندما يتعلق الأمر بدرس الأخلاق أو عندما نسمعها في خطب الجمعة أو خطب العيدين. و الحقيقة التي يعرفها الخاص و العام أن هؤلاء القوم الذين لبسوا لباسا دينيا يمارسون به السياسة (وهي طريق للخديعة في العالم الثالث المتخلف )مثلهم مثل غيرهم تجلبهم ملذات الدنيا و إغراءات الشيطان و المال و الجاه و السلطان وحلاوة الحكم و التسلط على الرقاب ، والولع بالكراسي و الأوامر و النواهي . و لن يختلفوا عن بقية البشر في البحث عن المكاسب و الغنائم والطحن غير الرحيم لرقاب المواطنين (حتى لا نقول المؤمنين )، طحنا جعل حياتهم بين مطرقة الفقر و الجهل و البطالة و مطرقة المرض و البؤس.بعد أن طبق هؤلاء القوم نظرية البيع (بيع المؤسسات الاجتماعية من مدارس و مستشفيات ، وجعل الخواص يتحكمون في الرقاب هم يحددون أجور العمال لديهم وهم من يحدد أسعار المواد بالاحتكار، ومن يحدد تكاليف التسجيل في المؤسسات التعليمية التي يملكونها في غياب تام لمراقبة المسئولين عن القطاع تاركين الحبل على الغارب بعد الإجهاز على المؤسسة التعليمية العمومية و إفراغها من شحنتها القوية التي كانت تتمتع بها ومنزلتها العليا في العلم و الأخلاق و الانضباط التي كانت مضرب المثل و...الخ . و لا ينسى المغاربة أيضا أن هؤلاء القوم الطاهرون المطهرون من الدنس و الذنوب أنهم اغرقوا البلاد و العباد بالديون الخارجية و الداخلية ( راضين أو مكرهين لا يهم ذلك عندنا، كل المهم أنهم انغمسوا في اللعبة غير مكترثين كيف يعيش المواطن المغلوب على أمره ).و فرضوا على العامل في الوظيفة العمومية الزيادة في سنوات العمل و الزيادة في الاقتطاعات من الأجر و الزيادة في الضرائب و الزيادة في الاقتطاعات من معاش المتقاعدين، و سد باب التوظيف و العمل في وجه الشباب...فأبواب الرحمة البشرية كلها موصدة و مغلقة في وجه المواطنين من الدرجة 2الثانية...أليس هذا دفع الناس إلى ما لا تحمد عقباه من ابواب التطرف و الكفر (كاد الفقر أن يكون كفرا ) و قد قيل في السابق (قطع الأعناق و لا قطع الأرزاق...أليس كذلك يا متدينون العارفون بقيم الاسلام؟ ) و لا ينسى المواطنون أن هؤلاء القوم، كلما احتج المواطنون لسبب من الأسباب و المواطنون لا يحتجون رغبة في الاحتجاج ، بل عندما تصل الخنجر إلى مستوى العظم كما يقولون و يريدون الصراخ : "اللهم إن هذا لمنكر"، بفعل الزيادات الفاحشة التي تنهجها المؤسسات الخاصة في الماء و الكهرباء والتحفيظ العقاري و البنوك و التأمينات و المؤسسات الطبية الخاصة و المؤسسات التعليمية و الإنتاجية ، وتحدد الأثمان التي تريد كيف تريد بدون تدخل أهل التقوى و الورع و لا أهل الهراوات (التي يختار أصحابها من تنزل على رؤوسهم فتهشمها بلا رحمة ) معبرين عن عجزهم فقط و شكواهم، و رفع شعار المظلومية: (أن القوم ظلموهم ).. و لا ينسى المعطلون عدد الضربات –بلا عدد الموجعة و الدامية لهراوات رجال الأمن بأصنافها المختلفة ، التي تنزل على رؤوسهم كحبات البرد، لأنهم عبروا عن شكواهم للبشر، بالأوضاع التي يعيشونها. أية قيمة لإنسان لا يجد عملا عندما يبحث عنه ولا يجد درهما واحدا في جيبه و ينتظر من والديه المساعدة إذا تمكنوا من ذلك؟ أية صفة مواطنة و أية صفة وطنية إذا عاش المواطن رقما مجهولا لا قيمة له في نظر نفسه و لا في نظر أسرته؟ أي ذل و احتقار ذلك الإحساس الذي يشعر به كل من فرغ من دراساته و لا يجد إلا الأبواب المسدودة أمامه عندما يبحث عن عمل؟... بل حتى إذا وجد عملا في الوظيفة العمومية باحثا عن الاستقرار، فان أهل الحسنات من الحكومة المتدينة النزيهة و النظيفة ، تجعل عمله مقيدا بعقدة محدودة في الزمن ومهددا بالطرد في أية لحظة،و بهذا يذهب عنه الإحساس بالأمان و الأمن النفسي،بل يذهب عنه حتى التفكير في إنشاء أسرة كبقية البشر ؟ و الخلاصة قبل أن يتيه بنا التفكير إلى إخراج كل الملفات السيئة و القذرة التي أمطرتنا بها الحكومة النظيفة و النزيهة، وما أكثرها،رغم الفضائح الكبيرة من بعض وزرائها و من بعض رؤساء الجماعات و الجهات و المدن...وهي فضائح من العيار الثقيل التي تمس تدبير المال العام (أليس هذا أكل أموال الناس بالباطل؟ وهو حرام عندنا في الدين الذي ندين به، و مع ذلك يتجرأ كثير من أحبابنا وكبار القوم على التطاول عليه جهارا و نهارا، وبدون خوف ولا فزع من المحاسبة )... المغاربة ليسوا محتاجين إلى من يعرفهم بإلههم و بقبلتهم، و لا بكتابهم كيف يقرؤونه و لا بالصلاة كيف يقيمونها و لا من يذكرهم باسم نبيهم ، و لا ينتظرون الجنة الموعودة في السماء عندما يموتون بالغبن، و هم ينظرون إلى غيرهم يتمتعون بالجنة في الأرض وهم أحياء. و لا يقبلون أن يعيشوا في فقر مذقع (8ملايين من المغاربة تحت سلم الفقر أي ثلث الساكنة،تعيش بأقل من 20 درهم في اليوم، وأكثرهم يتغذى و يتعشى من قمامة المترفين )... و المغاربة أيضا من الفقراء لا ينتظرون من ينصحهم بالصبر و انتظار الفرج الذي لن يحدث وهم أحياء يرزقون... بل قد ينتظرهم في الآخرة، و هم يرون أعالي القوم في الترف و البذخ ينعمون و يتنعمون ... و أخيرا ومن باب الإنصاف فان المغاربة قد يئسوا – وفقدوا الأمل – في كل الذين يكذبون و يعدونهم بغد أفضل في كل مناسبة من الانتخابات (وهم سياسيون من مختلف الاتجاهات (متدينون وعلمانيون و يمينيون و يساريون و اشتراكيون ورأسماليون.. ).فليس في تفكيرهم إلا الوصول إلى منبع المال و المكاسب و الغنائم وقضاء المصالح و المأرب.الغد الأفضل حلم الضعفاء و السذج،و لن يأتي في يوم من الأيام.. فهو سراب و سحابة صيف. المغرب كما نعرفه ليس وطن المساكين و مرضى الفقراء و لا البؤساء و لا الضعفاء و لا الأميون (الأمية الأبجدية )... المغرب وطن الأثرياء و الأقوياء...هذا ما نعرفه...وهذا ما نصدقه...و ليست هناك حقيقة أخرى...و ليس لنا مكان فيه،و لا مكان لأولادنا..