أضحت حقيبة وزارة التربية الوطنية بالمغرب، أحد الحقائب الوزارية التي تمنح لإرضاء الخواطر بين الفاعليين السياسيين. بعد أن أصبح وزير التربية الوطنية الأسبق محمد الوفا منبوذا، من لدن الأطر التربوية، الأساتذة منهم و المدراء و النقابات، استغلت بعض الجهات التعديل الحكومي الذي تمخض عنه، تعويض حزب الاستقلال بحزب التجمع الوطني للأحرار... أسندت مهمة تسيير الشأن التربوي للسيد رشيد بلمختار . اعتقد الجميع بأن السيد بلمختار سيكون رجل المرحة بامتياز، الذي سيتمكن من إنقاد سفينة المنظومة التعليمية المغربية المغرقة منذ سنوات. فبعد التجربة التي قضاها كوزير التربية الوطنية بين 1995 و 1998، و افتخارا بالوسام الذي وشح به ( وسار ألبير إنشتاين للسلم و التربية)، إضافة لرئاسته لجامعة الأخوين بإفران... تفاءلت الأطر التربوية خيرا، ظنا منها بأن معالي الوزير سيأتي بخبر سار لرجال السفينة المغرقة، لكن و للآسف خاب الظن و حل محل التفاؤل اليأس. بدأ معالي الوزير مساره مع التجربة الجديدة، بخرجات إعلامية تكاد تشبه خرجات الوزير الأسبق. هذه الخرجات لا يتوخى منها إعادة هيكلة أليات الاشتغال، أو إعطاء المدرسة العمومية الأهمية التي تستحقها ماديا و معنويا، ولا ضخ دماء جديدة في نفوس الأطر التعليمية التي أصبحت محطة استهزاء و استهتار لعامة الناس، بل يهدف من خلالها إلى تحميل الأستاذ المسؤولية الكاملة إلى ما ألت إليه المنظومة من تدهور و ركوض دائمين. سعيا منه لتزكية ما قام به، أصدر معالي الوزير مذكرات يفعل من خلالها مجموعة من الإجراءات التي تهدف من جهة إلى الرقي بمستوى التلميذ، و من جهة أخرى إلى الإطاحة من قيمة الأستاذ داخل القسم، فأصبت المدرسة العمومية ملاذا للشغب و الاستهتار، إضافة إلى إصداره مذكرة منع من خلالها الأساتذة من القيام بالساعات الإضافية، كل هذه الإجراءات تلقتها الأطر التربوية بصدر رحب، ظنا منها بأن سيكون لها دور في بداية إصلاح المنظومة التعليمية التعلمية المغربية. قام الوزير بخرجات إعلامية هاجم من خلالها أطر المدرسة العمومية، ما زاد الطين بلة هو التصريح الأخير الذي أدلى به، و الذي نعت من خلاله رجال التعليم بعديمي الكفاءة رغم استحواذهم على 27 بالمائة من ميزانية الدولة. عذرا معالي الوزير، فأنتم من برهنتم بعدم كفاءتكم بهذه الخرجات الإعلامية المتدبدبة و التي تصرحون من خلالها بأن الاستاذ هو المسؤول الأول عن ما تعاني منه المنظومة التعليمية. تناسى بأنه يضرب في أهم لبنة من لبنات المجتمع، تناسى بأن في تصنيف جديد لمركز أبحاث التعليم العالي التابع لجامعة شيكاغو الأمريكية، أن المغرب حل في المرتبة ما قبل الأخيرة عربيا من حيث أجور رجال التعليم. حيث يتقاضى المعلم المغربي راتبا هزيلا، فيما يتقاضى المعلم في قطر التي حلت على رأس القائمة 7030 دولار شهريا. أذكركم معالي الوزير بأنكم فشلتم في إدارة الشأن التربوي خلال تجربتكم السابقة، و للأسف بوادر تجربتكم الثانية لا تبشر بالخير، فأعلموا جيدا بأن أي خطوة تتخذونها دون إشراك رجل القسم مصيرها الفشل بدون أي شك، فرفقا بهدا الكائن البشري الذي حملتموه مالا يطيق.