كثيرون يريدون أن نركع لكننا والله لن نركع إلا لله... وكثيرون يريدون لكليميم أن تتحول إلى غابة موحشة تكون مرتع خصب لكل الذين لا يريدون لهذه المدينة أن تنهض...يبقى فيها الفقراء يزدادون فقرا والفاسدون يحصدون عرقهم وكدهم ... يريدون منها أن تكون بوابتهم نحو أرصدتهم البنكية والوصول إلى كراسي المسؤولية.. رافعين شعار ... "لندمر كل شيء جميل فيها".. يريدون أن يحولوا أناسها الأخيار إلى عبيد... لكن تأبى كليميم إلا أن تكون عصية بأبنائها ضد كل المتآمرين والفاسدين...ورغم تكالب أهل الدار والجار. لكن رغم ذلك لا أحد يستطيع الحديث عن كليميم...حتى أبناؤها...لأنه وبكل بساطة لا أحد يعرف هذه المدينة أو يفهمها... إذا أحببتها قتلتك وإذا أفسدت فيها أمَّرتك... لذا لا يحيا على ترابها ولا ينعم بخيراتها إلا المفسدين والسائرون في كنفهم...أما أبنائها الشرفاء فهم يعيشون فقط فيها تماما كما يعيش المهاجرين أو المغتربين، غائرين تحت الأرض لا يفهمون تقلب أحوالها من حال إلى حال ولا يعرفون سبب هذا الظلم الذي لحق بها... فبعد ظلم الإنسان نفسه، هاهي مدينة كليميم تعاني من ظلم الطبيعة أيضا جعلها لا تغرق فقط في مياه الأمطار وحدها، بل غرقت أيضا في ضعف التخطيط وسوء التنفيذ وغياب المحاسبة".. مما جعل حال لسان أهلها يقول "ليت مطر السماء حين يهطل على مدنتنا يكون أثره كأثر هطول أخبار مشاريع المليارات، لا نجد له أثراً". ولان مدينة كليميم لا تذكر إلا في حالات الكوارث فقد تصدرت أخبارها عناوين كبريات الصحف والمجلات الوطنية ليمتد ذلك نحو القنوات والفضائيات الدولية... حتى تلك التي توجد في بلدان أن سألت احد من مواطنيها عن موقع المغرب على خريطة العالم.. لن يعطيك جوابا شافيا بقدر جوابه الشافي عندما تسأله عن مكان مدينة كليميم على خريطة العالم بعدما وجد نفسه مجبرا على البحث عن موقعها على الخريطة بسبب هول المشاهد التي نقلت عنها. المدينة المنهوبة والتي أعلنت منكوبة كشفت الأمطار الأخيرة حجم الكارثة التي لحقت ببنيتها التحتية، مما دفع بقطبي المسؤولية بالمدينة إلى محاولة نسب مسؤولية مخلفاتها لكل واحد منهما، والكل بكليميم يعرف من يتحمل هذه المسؤولية... لكن مسؤولية مواساة المواطنين ومساعدتهم وإعانتهم والتخفيف من معاناتهم من يتحملها.. من يقوم بها.. بعدما رفع الكل يده عن تحملها، ليفتح الباب أمام زمرة من المتملقين الفاسدين الذين يحاولون استغلال الفيضانات ومعاناة الساكنة لحسابات سياسية وحزبية. فبعد ظلم الطبيعة جاء الدور على ظلم الإنسان نفسه، حيث ملأت صيحات وأهات المواطنين الطالبين للنجدة صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بفضل مجهودات ثلة من أبناء هذه المدينة العصية عن التطويع، بعدما تنكر إعلامنا العمومي عن نقلها، قبل أن تلتقطها بوصلات الانتهازيين والمتملقين الذين حالوا استغلال معاناة الساكنة "الذين كشفت الفيضانات الأخيرة بان نسبة مهمة منهم يعيشون الفقر إن لم نقل تحت عتبة الفقر"، "يستغلونها" لأغراض انتخابية عبر توزيع عدد من المساعدات والإعانات لأغراض ضيقة بعدما غاب الحسن الإنساني وحل محله الحس الانتهازي، بفعل طيبة وعفوية هؤلاء المواطنين... وكما يقال "دقة تابعة دقة شكون يحد الباس" "داخ" المواطن الكلميمي الذي وجد نفسه يُسحق تحت الأقدام ليظهر على صفحات الجرائد والمواقع الالكترونية بدون أن تجد من يقول ''إن هذا لمنكر''. إنها كليميم...مدينة تستورد تجارب المسؤولين ليشوهوها ويفرغوها من كل مضامينها ويستبيحوا حروماتها، فهي لا تغرق في مياه الأمطار وحدها، بل تغرق في ضعف التخطيط وسوء التنفيذ وغياب المحاسبة، تغرق في وهم الأرقام وأحلام الإنجاز، تغرق في غياب الكفاءة وحضور البلادة، تغرق في مستنقع لا يجيد العوم فيه إلا المنتفعون والفاسدون الذين يعيشون في الوحل، ويريدون أن تبقى بيئتنا دائماً موحلة"... يُقلبّها ناهبوها كيفما شاءوا وأينما شاءوا، يجردونها من ثيابها لترقص عارية أمامهم، يعتبرونها القنطرة الصغيرة التي يسهل تجاوزها يعلقون عليها فشلهم ويمنون عليها حقها في الارتقاء والتنمية، ويستبيحون عقول أهلها أمام الملأ كما يفعل العديد من مسؤوليها...ما دمنا في بلد يولي المسؤولية بدون مراقبة ولا محاسبة. يتغير المسؤولين وتتعاقب المواسم الممطرة، وتتكرر المآسي المبكية، وتبقى نفس الوجوه تبرر الضعف وتقطع الوعود، حتى بتنا نرى أغلبهم كراسي بلا ملامح وجوه، ونفس الشركات والمقاولات تنتقل من مشروع لآخر، وكأنها تكافأ على الضعف والفشل"... إنها كلميم، اليومُ فيها أسوأ من الأمس، والغدُ أسوأ من اليوم، والمستقبل مجهول، لكنها تبقى سعيدة كما كانت في الأمس البعيد، لكن سعيدة بالاسم فقط، مع فقدانها للمضمون، وهكذا كل ما فيها غدا اسماً فقط... إلى أن يحدث العكس.