خلال عقد من الزمن كانت كل التصورات تتجه نحو خلق صورة كارطونية ملونة تثير الإعجاب خصوصا لأولئك القادمين من بعيد ، وأتذكر جيدا أن كل المسؤولين الذين زارو الإقليم سواء عندما تحتضن المنطقة مؤتمرا ما أو عندما يتعلق الأمر باللقاءات الوزارية مع المسؤولين المحلين أو المنتخبين ..كانوا بإقتراح من الرئيس يتفقدوا المرافق المنجزة ، وكنا كفعاليات المجتمع المدني نحتج لإيصال صوت الرفض لهذه المرافق التي تزيد من بؤس الساكنة ، وحينها إما نحاصر أو نمنع ، وفي غالب الأحيان كنا نتعرض للإعتداء بالضرب والسب والشتم ، والإعتقال ، وفي كل مرة نقدم الشكايات ونصدر البيانات ، ونحمل الجهات المسؤولة ما ستؤول إليه الأوضاع ، وكان بالنسبة لنا الأمر مخيف بحكم أن المنطقة تتعرض لعمليات نهب منظمة من جهات معلومة للقاصي والداني ، ومدعومة من بعض النافذين ، فالأموال كانت تصرف على أقواس مداخل المدينة بإمكانيات مالية مهمة تتجاوز أحيانا الميزانية العامة لبعض المجالس المنتخبة مع العلم أن هذه الأقواس لا حاجة للإقليم بها.. بل وقد زحف البناء عليها حتى قبل أن تنتهي الأشغال فيها ، وهومايطرح إشكال تقسيم المنطقة إلى جزء داخل الأسوار، وجزء خارجها ، ويطرح معه مسألة تحويلها مرة ثانية وثالثة خارج المدار الحضري للمدينة ، وهو أمر منهك للثروة وغير مقبول ، وليس للأقواس دور يذكر في إعطاء صورة معقولة لمنطقة معينة إذ يكرس مفهوم الإنغلاق ، ويزيد من عزلة المدينة عن إمتدادها الطبيعي المتمثل في البوادي المحيطة بها ، والتي تُكون إلى جانب مركز المدينة .."إقليما " نريده متضامنا مع كل محيطه دون ميز أو تجاهل أو نسيان ، أو تفضيل منطقة على أخرى ، ولم يتوقف العبث بثروة الوادنونيين عند الأقواس بل تجاوزتها إلى إنشاء نافورات مكلفة عديمة الفائدة ، ومدارات أربكت وضع المدينة والسير ، وأصبحت نقمة على السائقين والمواطنين على حد سواء خصوصا أنها أنشأت في أماكن وملتقيات محاذية لمقاهي كبيرة تكون مملوءة في غالب الأوقات ، وهوما يعني تهديدا حقيقيا لحياة روادها بحكم محاذاة هذه المدارات لأرصفة المقاهي.. ، وحدائق أنشأت فوق أراضي مواطنين ضدا على القانون ، وفوتت لبعض الجمعيات من الموالاة أو ما يسمى جمعيات الحملات الإنتخابية للرئيس ومن والاه..هذا في الوقت الذي تعرف فيه شبكة التطهير الصحي ضعفا كبيرا ، وإختلالا خطيرا يتمثل في صغر حجم القنوات ، وتعرضها الدائم للإختناق هذا في مايخص الشبكة الحديثة أي التي أنجزت خلال ست سنوات الأخيرة ، أما القديمة فهي مهترأة ، ولم تعد قادرة على إستيعاب كميات إضافية ..، كنا نعرف أن ما يحدث في الإقليم وراءه عقول لا ترحم وأن مهمتها تكديس الثروة وإستثمارها خارج الإقليم ، كما كنا نعرف كذلك أنهم مدعومين بأناس نافذين حتى قبل أن ينطقوها ، ما يحدث لثروات المنطقة إنتهاك صارخ لحقوق أجيال ظلمت ، وأخرى في الطريق ..إن الصرخات المتتالية لفئات مختلفة من معاقين ، ومهمشين ، ومعطلين لها أكثر من تعبير عن حجم الكارثة الطويلة المتمثلة في النهب حيث إغتنت فئة قليلة وأصبحت تملك ثروات لو إستثمرت بشكل معقول لما تم اليوم إعلان إقليم كليميم منطقة منكوبة ، وللتذكير فقد أعلنت تنسيقية الهيئات الحقوقية المحلية كليميم منطقة منكوبة بأكثر من أسبوع قبل أن يتم إعلانها رسميا خلال الموجة الثانية من الفيضانات لأننا كنا نعرف من خلال العمل الميداني أن أقل من عشرة ملمترات تحدث الكارثة وتتضرر ممتلكات الناس ، وتهدد حياتهم ..نعرف جيدا أن منطقتنا بنيتها التحتية غير موجودة واقعيا ، وأننا وقفنا على حالات حرجة لساكنة في مناطق مختلفة لم يناموا في بيوتهم التي إجتاحتها مياه الشوارع ، وحالات لمياه الصرف الصحي الذي إنحسرت بالوعاته مما جعل مناطق من الإقليم في حالة مأساوية بعيدا عن إهتمامات المنتخبين والإعلام الرسمي. إني أطرح علامات إستفهام كبرى حول صرف الأموال في مناطق كالكورنيش الذي أنشأ على واد معروف غضبه كلما سقط المطر في المناطق المحادية للإقليم ،ولا أفهم كيف يسمح مسؤول مكلف بإدارة ثروات منطقة لنفسه أن يعاند الطبيعة ويقتطع مساحات مهمة من الواد " واد أم العشار " لكي يبني لا كورنيش ، ألم يكن الأولى أن تحترم مساحة الواد كاملة ، وأن توضع حواجز على جنبات الواد حماية للسكان وممتلكاتهم ..الكورنيش اليوم ليس كما كان قبل إعلان المنطقة منكوبة لأنه إختفى وظهرت أحجار الواد التي أرادوا إخفاءها ؛ صامدة ..، وحديقة التواغيل التي أنشأت فوق واد معروف "تاركا أوفلا" بأسلوب تطرح معه علامات إستفهام محيرة ، ماالجدوى من حديقة تستنزف ما يقارب 107 مليون سنويا للجمعية التي فوت لها تدبيرها ، أي مايقارب 3000 درهم يوميا دون إحتساب ملايير السنتيمات التي أنشات بها ، وكذا مصاريف الصيانة والإصلاح وقد عرتها الأمطار الأخيرة ، وأظهرت أنها في مهب الريح ، وكذلك قصر المؤتمرات الذي أنشأ بأموال ضخمة في وقت يئن فيه آلاف من ساكنة المنطقة الفقر المدقع ، ويعاني شبابها البطالة والتهميش ، وقد ظهرت عيوبه مع أولى تساقطات الأمطار ، وهو ما يعني صيانته بأموال إستثنائية تنضاف إلى الأموال التي تمنح سنويا للجمعية التي أسند لها تسييره ، وهي الصفقة التي أبرمت من تحت الطاولة لما بات يعرف بجمعية "الكوكوت مينوت ". إن علامات الإستفهام كثيرة التي تطرح حول دور المجالس المنتخبة في الإقليم ، ألم يكن ممكنا النهوض بالإقليم على جميع المستويات والرفع من حجم البنية التحتية بدلا من وضع الأموال في حدائق لا تسمن ولا تغني من جوع ..؟ أين أموال المنتخبين التي يشترى بها أصوات الناخبين ..؟، حيث تستغل الحاجة والجهل.. ، أليس وقتها اليوم الذي تعيش فيه المنطقة وضعا منكوبا؟! ، والناس في أمس الحاجة إلى لقمة عيش تسد رمق جوعهم ، أوأفرشة و غطاءا يحميهم من برد الليل القارص ..إننا نعيش وضعا كارثيا في التسيير والتدبير ، وسوء إستخدام السلطة ، وسياسة الإنتقام تجاه ساكنة تعاقبت عليها فترات طويلة لطبيعة لا ترحم وزادتها نخبة غير مبالية أو متسلقة تدافع عن الفساد والمفسدين وهم اليوم في وسائل إعلام يريدون تحويل الطالح ..صالح .. إنتهى زمن الإستخفاف ولابد من محاسبة العقول الفاسدة وأولى المحاسبة تبدأ من مناطقنا المنكوبة والتي كانت من قبل منهوبة ..