مالغاية و ما الهدف من احياء موسم طانطان؟ هل هو احياء و حفظ للذاكرة و الثقافة و التراث الشفهي اللامادي للبدو الرحل و انسان الصحراء' ام هو حنين لاستعادة امجاد موسم تجاري كان وجهة قوافل الدول المجاورة : الجزائر ,موريتانيا،مالي،و السينيغال و معرضا تجاريا ضخما للسلع و البضائع القادمة من هذه الدول ؟ حقق البعض خلاله من ساكنة المنطقة ارباحا استثمر جزء منها بالاقليم و جزء ارتحل. ام ان لسلطة الاقليمية التي اشرفت على الموسم و لازالت تشرف عليه وجهة نظر اخرى و اهداف اخرى ما دام الموسم لم يعد موسما تجاريا وأن غايتها لم تكن هي نفسها التي توخاها الاعيان و التجار؟ واية خلفية حركت المجتمع المدني في اقليمطانطان و جعلته ينخرط في عملية الاحياء؟ و هل هو قادر فعلا على تحمل مسؤولية تنظيم و تسيير الموسم دون السقوط في متاهات لا تمت بصلة الى اخلاقيات و اسس العمل الجمعوي؟ صحيح أن موسم طانطان منذ بدايته في الستينيات من القرن الماضي كان موسما تجاريا لكن الى جانب الانشطة التجارية كانت هناك انشطة ثقافية ليس بالضرورة الاعلان عنها فقد كانت الثقافة الشعبية التقليدية لساكنة الاقليم و المنطقة بأسرها تمارس بشكل طبيعي عادي و تلقائي في علاقة تناغم و تلاقح مع الثقافات الاخرى. لقد كان موسم طانطان و بالرغم من كونه موسما تجاريا محطة للتعريف بالثقافة الشعبية التقليدية لساكنة الصحراء في شقها المادي و الغير المادي و قد تجلى ذلك في اسلوب و نمط العيش و السكن و الملبس و الاكل و اعداد كؤوس الشاي و الشعر و سباق الهجن ...الخ و قد استمر على هذا المنوال الى ان توقف بفعل هجمات البوليساريو في اواخر السبعينيات و لم يستأنف فعالياته الى سنة 2004. في اعتقادي أن السلطة الاقليمية التي هي الساهرة و المنظمة و الداعمة للموسم ماديا عندما فكرت في احياء الموسم لم يكن همها في البداية احياء التراث الشفهي اللامادي لا من قريب و لا من بعيد، انما كان دافعها هو جلب زوار من مختلف بقاع العالم للتعريف بالمنطقة و ما تزخر يه من مؤهلات و ذلك لخلق استثمارات بالاقليم من شأنها خلق رواج اقتصادي و مناصب شغل تساهم في الحد من معضلة البطالة التي تنخر شباب طانطان والمنطقة . نستشف هذا من خلال شعارات الموسم في نسخه السبعة ، فالتراث الشفهي اللامادي للانسانية مرة هو رافعة للتنمية و مرة هو دعامة لها و مرة اخرى هو في خدمة التنمية المستدامة و تارة في خدمة السياحة المستدامة. جلي هنا ان هم القائمين على الموسم هم اقتصادي قبل ان يكون هما ثقافيا انسانيا، فالثقافة و التراث الانساني من منظورهم هو وسيلة و ليس غاية في حد ذاته . قد يكون هدا الطرح او المنظور صحيحا الى حد ما ، لكن اذا كان هناك اهتمام بهذا التراث الشفهي اللامادي طول السنة و ليس ثلاثة ايام من بين ثلاثمائة و خمسة و ستون يوما ، لم نسمع قط أنه تم تنظيم خارج ايام الموسم ندوات ،محاضرات ، ايام دراسية أو لقاءات تحسيسية بأهمية الموسم ، لم نسمع كذلك بخطة عمل أو برنامج يوضح كيف يمكن جعل المعطى الثقافي معطا تنمويا ما عدا التوصية اليتيمة القاضية بخلق متحف اثنوغرافي يطانطان و للاسف لم يرى النور بعد. قد يقول قائل ان شعار النسخة السابعة لموسم طانطان \" الموروث الثقافي اللامادي بين الاصالة و تحديات العولمة \" هو سؤال مطروح للجميع من مسؤولين و مثقفين و مجتمع مدني و ساكنة الاقليم . وحدها فعاليات الموسم هي الكفيلة بالرد و هي التي ستظهر ما اذا كنا في مستوى التطلعلت للانه و يا للاسف ليس هناك اهتمام طول السنة و لاتعقب اية نسخة من نسخ الموسم جلسات تقييمية . هدف اخر لم يكن غائبا عند منظمي الموسم و من سعى الى احيائه و هو الهدف السياسي المتمثل في التعريف بالوحدة الترابية للمملكة المغربية و أن الصحراء الغربية جزء لا يتجزاء من التراب المغربي، لكن للاسف لم يصل الى علمنا أن زائرا من الزوار الذين حلوا ضيوفا على الموسم قام بالتعريف بالطرح المغربي في المحافل الدولية اما لأن التاريخ تجاوزهم أو لأن لا تاثير لهم حتى في بلدانهم. نسخة موسم بعد اخرى يصبح التحدي صعبا و أقوى فالكل مطالب اليوم و ليس غدا : مسؤولين ، مثقفين ، محتمع مدني و ساكنة كل من موقعه بالانخراط في جعل هذا الموروث الثقافي اللامادي الانساني حاضرا و مستمرا بيننا و أرضية لتنمية مستدامة و مندمجة.