بقلم : جيرمي كوربين هو عضو مجلس العموم البريطاني و رئيس الوفد الذي قام مؤخرا بزيارة إلى العيون : كنت في الأسبوع الماضي ضمن وفد من المجموعة البرلمانية للصحراء الغربية لزيارة اقليمالعيون مع جون هيلاري من منظمة “حرب على الحاجة ” وجون جور من مجموعة موارد الصحراء الغربية. عقدنا أكثر من 20 لقاء مع مجموعة واسعة من السجناء السابقين و نشطاء حقوق الإنسان و منظمات نسائية ومجموعات إعاقة ونقابات عمالية. التقينا أيضا محافظ المنطقة المعين من قبل المغرب(الوالي) وكذلك رئيس بلدية مدينة العيون وجماعات المجتمع المدني الموالية للمغرب و المجموعة المغربية لحقوق الإنسان وولفغانغ فايسبرود ويبر، رئيس بعثة “مينورسو”، بعثة الأممالمتحدة لتنظيم استفتاء استقلال الصحراء الغربية. فلماذا الصحراء الغربية تهم ؟ عندما قسمت القوى الأوروبية أفريقيا في أواخر القرن 19 أصبحت إسبانيا سيدة هذه المنطقة الشاسعة من الأراضي الصحراوية أساسا التي تمتد من الجزائر إلى المحيط الأطلسي وجنوبا إلى موريتانيا. في 1950 بدأت المستعمرات في تحقيق الاستقلال مستعمرة تلو مستعمرة. حيث انتهى النفوذ الفرنسي في المغرب في 1956، بينما خاضت موريتانياوالجزائر حربا دموية لنيل استقلالهما. انسحبت اسبانيا من الصحراء الغربية في نهاية المطاف في عام 1975 بعد وفاة الدكتاتور الفاشي الجنرال فرانكو. لكنها سلمت إدارة الإقليم للمغرب وموريتانيا – مما أثار حربا عندما شنت جبهة التحرير الوطني الصحراوي “بوليساريو” محاولة لربح تقرير المصير. و سرعان ما انسحبت موريتانيا ولكن المغرب لم ينسحب وسيطر على البلد منذ ذلك الحين. و بنى جدارا رمليا حول معظم الإقليم قبيل وقف إطلاق النار في عام 1991. إن الألغام الأرضية الناجمة عن القتال ستغرق عقدا آخر للتخلص منها. أنشأت الأممالمتحدة بعثة “مينورسو”، التي لا تزال لديها مكاتب في العيون وكذلك في تيندوف، الجزائر. سنوات من التفاوض حول كيفية إجراء استفتاء على مستقبل الإقليم أثبتت عقمها بسبب عدم قدرة المغرب والبوليساريو على الاتفاق على القوائم الانتخابية. و منذ ذلك الحين علقت الأممالمتحدة مشروعها للاستفتاء. وتؤكد الرباط أن المنطقة يجب أن تكون جزءا من المغرب يتمتع بالحكم الذاتي. واقترح وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر حلا وسطا مع إجراء استفتاء على الاستقلال بعد 10 أعوام. ووافقت جبهة البوليساريو على مضض، ليتم رفض الاقتراح من قبل المغرب. يعيش غالبية الصحراويين في مخيمات للاجئين في الجزائر. حيث هناك 100.000 عالقين في مخيمات في الصحراء الجزائرية، الكثيرون منهم كانوا هناك منذ 1970. ويفوق الآن المستوطنون المغاربة عدد السكان الصحراويين المتبقيين في الإقليم. و يعتمد الكثيرون الآن في العمل على الدولة المغربية و المؤسسات شبه الحكومية. من الناحية القانونية الإقليم هو إقليم غير متمتع بالاستقلال أو بعبارة أخرى محتل. وذلك هو سبب المعارضة لاتفاق الصيد بين الاتحاد الأوروبي والمغرب الذي يسمح بدخول أسماك الصحراء الغربية لمحلاتنا. وراء النزاع تكمن الطموحات الوطنية المغربية والثروة المعدنية الضخمة من الفوسفات التي تتدفق من الإقليم عبر العيون، فضلا عن كميات هائلة من الأسماك قبالة الساحل. هناك الآن أنشطة زراعية مغربية متزايدة في أنحاء المدينة الرئيسية الثانية، الداخلة، بإنشاء مزارع واسعة للطماطم، بعض هذه المنتجات ينتهي بها المطاف في أسواقنا. الانتهاكات ضد سكان الصحراء الغربية متواصلة. و عندما التقينا ممثلي تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان (كوديسا) سمعنا عن الاعتقالات التعسفية واحتجاز الشباب والتمييز ضد أولئك الذين يطالبون بتقرير المصير. رئيسة “كوديسا” منتو حيدار تعرضت نفسها للسجن لسنوات وظلت معصوبة العينين لأربعة منهم.وقد تم ترشيحها لجائزة نوبل للسلام. وأوضح لنا رئيس اتحاد عمال الفوسفات الصحراويين انه في عام 1975 كان 24.000 صحراويا يعملون في هذه الصناعة إلا أن نسبة ضئيلة منهم تعمل الآن و بأسوأ أجر. و التقينا أيضا عائلات الذين قتلوا والذين لا يزالون في السجن.لكن جماعات المجتمع المدني المتمركزة في المغرب تدعم كلها الحكم الذاتي في إطار المغرب، دون تحديد ما ذا يعني ذلك. تحدثوا عن أهمية اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان و عن التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وأثير قرب جزر الكناري وإمكانية زيادة السياحة. عندما التقينا حاكم و عمدة مدينة العيون أصرا على أن الحكم الذاتي يمكن أن يكون حلا للأزمة السياسية – وانهالا على الجزائر لإسكان اللاجئين ودعم البوليساريو. و كانت الممانعة بأن حقوق الإنسان مسيسة وان هناك حرية التعبير في الصحراء الغربية. بالتأكيد هناك تنمية، مثل الطرق الجيدة ومشاريع البنية التحتية الضخمة في العيون.والمنطقة كلها معفاة عمليا من الضرائب و مرتبات المستوطنين أعلى مما هي عليه في المغرب. و التكلفة على الحكومة المغربية هائلة. لكننا لمسنا فارقنا خياليا عندما غادرنا مقر العمدة الفاخر لمشاهدة مظاهرة.حيت تتم الدعوة للمظاهرات في 15 من كل شهر لتسليط الضوء على مأمورية البعثة والتي هي مقبلة على التجديد في 15 ابريل وتطالب كل مجموعات تقرير المصير الصحراوية أنه ينبغي إضافة مهمة حقوق الإنسان. سرنا عبر الشوارع في مهب الريح والمطر إلى المكان الذي كان محددا لإقامة المظاهرة.رأينا شاحنات محملة بالشبان يخرجون و قد أعطيت لهم عصي ضخمة استخدموها لضرب أي شاب رأوه يمشي أو يجري في الشارع.العدد القليل الذين تمكنوا من التجمع على أي حال تم تفريقهم بالقوة. تم توقيف سيارتنا عندئذ وحاولت الشرطة اعتقال سائقنا وهو عضو تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان “كوديسا،” لمخالفات مرور مزعومة، وإزالة سيارته بواسطة شاحنة سحب. في الواقع تم تعليقنا في شاحنة السحب و اثنين منا لا يزالان في السيارة. بعد ساعة من الجدال و وصول لجنة حقوق الإنسان أطلق سراح سائقنا واتفقنا على مغادرة المنطقة بصحبته. إلا أن سيارته تمت إزالتها بما أن التحقيق في الضريبة الطريق كان أولوية واضحة بالنسبة للشرطة و الطريقة الوحيدة لعمل ذلك هو مصادرة السيارة. شارك في العملية ما لا يقل عن 30 ضابط شرطة... في وقت لاحق من تلك الليلة اصدر الحاكم بيانا يقول بأننا “حرضنا” الشباب على التظاهر بحضورنا. وصباح اليوم التالي التقينا امرأة تعاني من كدمات شديدة وقطع في يدها بسبب محاولتها حضور المظاهرة. لقد رافقتنا طوال زيارتنا سيارات و دراجات نارية تابعة للشرطة لا تحمل علامات، كانت تتبعنا في كل مكان وتنتظر خارج كل اجتماع حضرناه. إن عدم وجود خيار واضح حول مستقبل الصحراء الغربية حرض المستوطنين ضد السكان المحليين في بعض القضايا – وليس كلها – وجلب حضور ضخم للشرطة و الجيش في المنطقة. لماذا؟ صراع يعود إلى الاستعمار يهدم حياة الشعب الصحراوي.كما لا ينبغي أن تستغل مواردهم حتى يتم اتفاق يتيح لهم اختيار مستقبلهم، وهو خيار لم يسمح لهم القيام به.و يجب على الأممالمتحدة تجديد بعثة “مينورسو” فورا وتمديد عهدتها لمراقبة حقوق الإنسان في كل الإقليم..