نشرت جريد التجديد حوارا مع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الذي أكد أن حزبه متيقن بأن لا مستقبل له إذا لم يحترم القواعد الديموقراطية، مشددا في حواره مع جريدة التجديد، نشرته في عددها الصادر يوم الخميس 26 يوليوز 2012، أن حزب العدالة والتنمية حزب سياسي مرجعيته هي الإسلام وهذا يتطلب مجهودا أكبر لتفادي السقوط في إغراءات المناصب، حسب بنكيران، وعرج رئيس الحكومة في هذا الحوار، الأول من نوعه بعد إعادة انتخابه أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية، على مجموعة من القضايا التي تشغل الرأي العام الوطنيسياسيا واجتماعيا كما تطرق للوضع الداخلي للحزب، ونعيد نشر الحوار على موقع تيزبريس تعميما للفائدة : ,,, نص الحوار ,,, الأستاذ عبد الإله بن كيران رمضان مبارك و شكرا على الاستضافة -مرحبا وأهلا وسهلا. - نبدأ معكم بالمؤتمر الوطني السابع لحزبكم الذي مر في ظل سياق وطني ودولي خاص (الربيع الديموقراطي والدستور ونتائج الانتخابات)، وتمت إعادة انتخابكم أمينا عاما للحزب، بنسبة كبيرة جدا، أي دلالة تحمل نتيجة إعادة الانتخاب؟ - قبل المؤتمر كنت أصرح أن هذا في علم الغيب عند الله، الآن أصرح أن هذا شيء طبيعي، الإخوان قدروا إيجابا المرحلة التي تحملت فيها المسؤولية، من 2008 إلى 2012، المرحلة كانت صعبة وشهدت معارك قوية، وتميزت بإجراء الانتخابات الجماعية لسنة 2009، وهيمنة الحزب المدعوم من قبل السلطات آنذاك، وما أحدثه في الحياة السياسية من إشكاليات، والجميع يذكر أنني ساعتها واجهت كل هذه التصرفات غير الإيجابية بالنسبة للسياسة المغربية بطريقة كانت فيها ولله الحمد جرأة، وجاء الربيع العربي وما صاحبه من المواقف التي اتخذناها، وتوج ذلك بنتائج إيجابية بالنسبة للوطن، حيث أعطى الشعب المغربي ثقته في الانتخابات التشريعية بشكل كبير لحزب العدالة والتنمية، مما سمح له بتشكيل الحكومة المغربية بعد احتلاله المرتبة الأولى، فكان من الطبيعي أن يسعى الإخوة في العدالة والتنمية إلى تكريس هذه التجربة، وهذا هو الاتجاه الذي سارت فيه التدخلات أثناء التداول، إذا هذا تكريس لثقة الإخوان والأخوات في أمينهم العام، وهو محفز للاستمرار وقطع المسافات المتبقية والتي لي اليقين أنها ليست سهلة. محطة المؤتمر عززت صورة الحزب الديموقراطي القوي ومنحته إشعاعا وطنيا ودوليا زادت من تطلعات الشعب أية مسؤولية تستشعرونها للحفاظ على هذا الكسب؟ هذا ليس جديدا، حزب العدالة والتنمية يعرف أن لا مستقبل له إذا لم يحترم القواعد الدموقراطية، ويلتزم الشورى ويحترم رأي أعضائه، وفي إطار من الشفافية والنزاهة والوضوح، فهذه قواعد الحزب يطبقها على نفسه لأنه يعلم أن لا مستقبل له من دونها، وهذا ما ظهر جليا للعيان، سواء تعلق الأمر باختيار أعضاء المجلس الوطني أو باختيار الأمين العام أو المصادقة على وثائق المؤتمر، كل ذلك يمر في إطار المؤسسات وبطريقة شفافة، إلى أن وصلنا إلى النتيجة التي يعلمها الجميع، وأؤكد أننا لم نقم بكل هذا لتكون لنا نتيجة، بل لأننا نؤمن بذلك وهذا سلوكنا منذ أكثر من ثلاثين سنة، حين كنا في الجماعة الإسلامية ثم حركة الإصلاح والتجديد ثم حركة التوحيد والإصلاح وهذا سلوكنا قبل العدالة والتنمية، وهذا دأبنا. - بعض الباحثين يقولون أن ما حصل ليس لقناعات راسخة بل لضغوط خارجية اقتضتها الظرفية؟ لا فائدة من محاورة من ساءت نيته، الذي تسوء نيته ويريد أن يتهمك بشيء كالذئب الذي اتهم الخروف بتعكير المياه، فقال الخروف أنا أشرب من الأسفل وأنت من الأعلى، فرد عليه الذئب إن لم تكن أنت فأبوك، هؤلاء ليسوا محللين ولا باحثين، بل خصوم سياسيون، يقسمون إلا أن يسيئوا للحزب بأي شكل من الأشكال، ويحاولون تحويل انتصاراته إلى هزائم، ويشوشون عليه، والشمس إذا كانت ظاهرة للعيان، فلسنا في حاجة لإقناع الناس، ما وقع في حزب العدالة والتنمية شهد به الجميع، وبقي لهؤلاء أن يجتروا أسفهم، وليس لي ما أفعل لهم مع الأسف. - لمن يريدون معرفة السر وراء نجاح مؤتمركم وانعقاده في وقته ماذا تقول لهم؟ بعد انتخابات 25 نونبر، ببضعة أسابيع، طرح موضوع المؤتمر، ففكرنا في تأجيله، قلنا لأنه سيتزامن مع الانتخابات الجماعية، ثم قلنا فليتزامن، مرت علينا أربع سنوات في المسؤولية، يجب أن نعقد مؤتمرنا في وقته، وإن تزامن سوف يهتم بعضنا بهذا وبعضنا بهذا، فتوكلنا على الله، أنا أعتقد أن الناس يغفلون شيئا اسمه «النية الحسنة»، نحن لم نكن ندري كيف سيمر المؤتمر، وخلال أشهر السنة التي مارسنا فيها المسؤولية على مستوى الحكومة كان كل شيء واردا، تارة الأمور في صعود وتارة في انحدار، ولكن توكلنا على الله، ونظم الحزب الانتخابات لاختيار المندوبين إلى المؤتمر، والله عز وجل وفقنا، فاحترام القواعد والقوانين والمبادئ، وبكل صراحة ممارسة السياسة بطريقة تحترم الأخلاق تؤتي أكلها وتعطي نتائج طيبة، بطبيعة الحال يبقى للمشوشين في النهاية دور هامشي والأمور تجري مجراها، وكم كان الحزب مهددا من قبل، وبعض قيادييه أدخلوا إلى السجن، ولكن الحمد لله كان التوفيق منه، «وما توفيقي إلى بالله». المؤتمر كرس شعار الشراكة، وجسده حضور مختلف الأطياف السياسية، لكن بعض الجهات تتهمكم بعدم التزام المقاربة التشاركية في التدبير الحكومي ؟ أنا شخص معروف برغبته في الالتقاء بالجميع والاتصال بالجميع، الذي وقع أن بعض الناس بادروا إلى الإعلان أنهم لا يريدون لقاء العدالة والتنمية، وبطبيعة الحالة حين أرى أن الناس يرسلون مثل هذه الرسائل، لا يمكنني أن ألزمهم بلقائي، هذا وقع من قبل زعماء نقابيين وحزبيين، من الأول قالوا أن لا رغبة لهم للقاء عبد الإله بنكيران، وتركتهم على حالهم، والآن يبدو أن هناك رأيا آخر، أصبحت لديهم الرغبة للقاء والحوار حول عدد من القضايا، وأنا مستعد لذلك، وبالعكس أنا لا أرى نفسي أعلى من أحد، كل الطيف السياسي مرحب به بالنسبة إلي وأنا مستعد للقاء به، ولكن إن رأى حد أن هذه الحكومة لا تستحق، نحن نقول «لي غطانا بخيط غادي نغطيوه بحيط». حضور المرأة في هياكل الحزب الجديدة تعزز بشكل ملفت للانتباه، نحو 40 بالمائة من أعضاء المجلس الوطني، وتضاعف عدد عضوات الأمانة العامة، هل نحن أمام ترجمة قناعات أم استجابة ظرفية لموجة؟ نحن نطبق القانون، بالنسبة للأمانة العامة يلزمنا القانون بأربع نساء وثلاثة شبان، أما بالنسبة للمجلس الوطني الإخوة وضعوا مسطرة أفرزت تلك النتيجة، الذي وقع أن الإخوة اختاروا 25 بالمائة من الأخوات ثم بعد ذلك صوتوا، والذي كان يجب أن يقع هو التصويت على الجميع ثم اختيار الربع من الأخوات، وهو ما أفرز تلك النسبة التي تجاوزت واقع تركيبة الحزب والحد الأدنى الذي ينص عليه القانون ولابأس في ذلك. ونحن بالنسبة إلينا الأساس هو الكفاءة، سواء رجالا أو نساء لا مشكل لدينا، وحين نضع التصويت على أساس المساواة فقط، تفرز لنا النتائج عددا ضعيفا من النساء، فقلنا هناك حاجة للتمييز الإيجابي لصالح النساء. بعض الجهات تتهمكم بإقصاء «صقور» الحزب بعدم اقتراح بعض الأسماء مثل عبد العزيز أفتاتي لعضوية الأمانة العامة؟ هذا كلام فارغ، ليس فقط أفتاتي من لم يقترح، أيضا لم يقترح جامع المعتصم ولا جعفر حسون ولا أحمد الشقيري.. القانون يعطي الأمين العام اقتراح 15 عضوا في الأمانة العامة، منهم ثلاثة شبان وأربع نساء، بقي إذا ثمانية أعضاء لم يكن من بينهم الأخ عبد العزيز أفتاتي، لم أقترح أفتاتي في الأمانة العامة، لا يعني أنه من الصقور أو من الزرازير، ولكن عبد العزيز أفتاتي لي عليه ملاحظات، أنا لا أقول له أن يكف عن الجرأة في عدد من المواقف، بل أقول له إن قال شيئا عليه أن يمضي فيه إلى النهاية، وليس أن يصرح ويتركنا في ورطة. هذا لا علاقة له بالاقتراح في الأمانة العامة؟ لا ، علاش، بل له علاقة طبعا، لأن الأمانة العامة مسؤولية، وعبد العزيز أفتاتي رجل فاضل، لكن بين الفينة والأخرى يقدم على خرجاته المعروفة، يجب أن ينتبه للأمر، فالمسؤولية ثقيلة، يجب أن تختار لها من يتحملها معك، ليس الذي كل مرة يوقعك في مشكل. في النهاية أنا اخترت أشخاصا اعتبرتهم أقدر على تحمل المسؤولية أو أردت أن أفسح لهم المجال لتحملها. كيف تقرؤون غياب السفارة الأمريكية عن الجلسة الافتتاحية للمؤتمر مع العلم أن السفير أكد حضوره من قبل ؟ الله أعلم، إن كان لكم سؤال متعلق بالسفارة الأمريكية فلتطرحوه عليها، لن أجيب مكانها، نحن استدعيناهم وعلاقتنا بهم إيجابية وتتميز بالصداقة، وعلى مستوى الحكومة نحن نسير في المنطق الذي تسير عليه الدولة، المغرب حليف للولايات المتحدةالأمريكية، وإن امتنعوا عن المجيء إلى مؤتمر حزبنا لأننا استدعينا حماس فلهم واسع النظر، نحن في حزب العدالة والتنمية لا نخفي مساندتنا لحماس. يتحدث البعض عن تخوفات من تأثيرات محتملة على أدائكم في تدبير الشأن الحزبي أمام حجم التحديات المطروحة أمامكم بخصوص تدبير الشأن الحكومي ؟ نحن ذهبنا في اتجاه أن يظل الأمين العام هو رئيس الحكومة، هو اتجاه اخترناه لأنه من الأفضل أن لا يكون لديك رئيس حكومة مقابل شخص آخر هو الأمين العام للحزب، وطبيعي حين يكون لشخص مسؤوليتين، يضعف أداءه في إحدى المسؤوليات، من أجل ذلك أحدثنا مهمة المدير العام للحزب، حيث تبقى الرئآسة للأمين العام ويتكلف المدير العام بتدبير شؤون الحزب، إذن نحن بحثنا عن حل لمعالجة هذا الاختلال المتخوف منه. أنتم الآن ستتولون قيادة الحزب للولاية الثانية، ما الشيء الذي تتمنون أن لا تنتهي هده المرحلة إلا وحققتموه؟ مازال أمامنا أن نلقى الله بسلام، هادشي لي باقي، (ضاحكا)، أقول لكم الحزب ليس مسار ولاية أو ولايتين، الآن عندنا مهمة الإصلاح والحزب وسيلة لذلك، والمهم هو إصلاح الشأن العام، الوقت الذي بقي لي إن شاء الله تعالى هو أربع سنوات، وهي غير كافية للقيام بأشياء كبيرة، ولكن إن يسر الله أمورنا، منهج الإصلاح ستوضع أسسه بإذن الله، وهنا أتحدث عن الإصلاحات الكبرى التي تحتاج إليها البلاد، هناك إصلاحات ومجهودات تمت من قبل، وكذا أوراش كبرى فتحت، وهناك إشكاليات أخرى واجهتنا أثناء أداء مهامنا، منها محاربة الفساد والريع وربط المسؤولية بالمحاسبة، والاهتمام بالفئات المستضعفة وتيسير الاستثمار، هذه الأمور أرى أنها مبشرة إن شاء الله لمستقبل أحسن، وهذا هو المهم بالنسبة لي، حزبنا إن ساهم في بناء هذه الانطلاقة الجديدة خلال هذه الأربع سنوات، مع حلفائنا في الحكومة، أعتقد سوف يكون شيئا إيجابيا. الحزب يجب أن يعلم جيدا أن دوره أكبر من عبد الإله بنكيران، والأشخاص إلى زوال، ونحن نؤمن بقضاء الله وقدره، فعلى الإخوة في الحزب أن يسعى كل واحد منهم أن يكون أحسن من عبد الإله بنكيران وأن يجتهد ليكون دائما أحسن، والمؤتمر الذي نتحدث عنه ساهمت فيه بالشيء القليل، وأذكر أنني ساهمت فيه فقط في بعض القرارات ثم بالتوقيع على الدعوات، أما معظم الترتيبات كان عملا جماعيا للإخوة، والأعمال الناجحة هي التي تتجاوز الأفراد الرئيسيين والقياديين، فإذا قامت عليهم فذاك هو الفشل بعينه، لأنهم سيذهبون في يوم من الأيام، أو سيصيبهم عوارض الزمن. ركزتم في كلمتكم أمام المؤتمرين على الدعوة إلى التمسك بالأسس والقيم، البعض يقول أن خطابكم وعظي بالدرجة الأولى، هل هناك تخوف على قيم معينة أم أن الأمر مرتبط بحرصكم على الاستمرارية ؟ علينا أن نتفاهم على حقيقة معينة، النفس البشرية واحدة، تحتاج إلى التذكير وإلى الموعظة باستمرار، والاستقامة على القيم والمبادئ دائما في تتطلب مجهود، والبحث عن الثروة والمتعة واللذة والذهاب مع السهولة دائما تدفع نحو الانحدار، وهو الشيء المحبب إلى الناس، فأنا أؤمن بهذا لنفسي قبل أن أؤمن به لغيري، ولهذا لا يحتاج الأمر أن ألاحظ ظواهر سلبية، وستبقى هناك دائما ظواهر سلبية لأن الكمال لله وحده، هذا الكلام أقوله لأننا دائما في حاجة إليه، والله سبحانه وتعالى وعظ المؤمنين وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يعظ المؤمنين، فلا أرى مبررا للتخلي عن هذه السنة، وأنصح من سيأتون من بعدي بأن لا يتخلوا عنها، وان يحافظوا عليها، وبالرغم من أن حزبنا سياسي فمرجعيتنا هي الإسلام، وإذا كانت مرجعيتنا هي الإسلام، فالإسلام يدعو إلى التي هي أقوم، وهذا يحتاج إلى بذل مجهود أكبر إلى أن نلقى الله، وذلك من أجل الاستمرار في التضحية وتفادي السقوط في إغراءات المناصب. قضية فلسطين حضرت بقوة في المؤتمر الوطني لحزبكم، بالمقابل اشتد النقاش حول وجود إسرائيلي ضمن قائمة ضيوفكم في المؤتمر، أين استقر الجدل؟ ما وقع بخصوص قضية الإسرائيلي عوفير برونشتاين حدث بسيط جدا، أكثر ما يقال عنه أنه خطأ، أراد أشخاص نيتهم سيئة أن يستغلوه لإفساد فرحة المؤتمر، وانجر في ذلك مجموعة من الإخوان، وذاك الشخص صحيح أنه إسرائيلي لكن نحن قدم لنا على أساس أنه فرنسي يملك الجواز الفلسطيني وأن له جواز سفر إسرائيلي ويدعوا إلى السلام، ونحن لم ننتبه لكونه حضر إلى أماديوس وكونه كان مستشارا لرابين، كما يمكن أن يكون قد راجع مواقفه، نحن لم ننتبه لهذا البعد، بل اعتبرناه واحدا من أنصار الفلسطينيين، وإلا ماذا أردنا منه؟ هل كان المؤتمر في حاجة إليه؟، لو كان هدفنا التطبيع مع إسرائيل كنا سنذهب إلى ذلك مباشرة . الذين عملوا على النفخ في هذه القضية وإعطائها أكثر من حجمها هم خصومنا، ولا يجدر بالإخوان أن ينخرطوا في معارك يفتعلها خصومهم، وخاصة إذا كانت ضد الإخوان أنفسهم، وتاريخ الإسلام والمسلمين مليء بالدعوات التحريضية التي يفتعلها ذوو النيات السيئة وينخرط فيها ذوو النيات الحسنة. أكثر ما يمكن أن يكون وقع في القضية هو أنه خطأ، وأنا أتحمل مسؤوليته، فحين أراد الإخوان استدعاء ذلك الشخص، شاوروني بطريقة خفيفة جدا، وظل في ذاكرتي أن هذا الشخص التقيته في مؤتمر التجمع الوطني للأحرار، ولم يظهر لي أنه صهيوني ويدافع عن الصهيونية. وأخيرا صدر بلاغ للجنة التحضيرية للمؤتمر، البعض انتقد هذا البلاغ بالرغم من أنه قدم اعتذارا عن استضافة الإسرائيلي عوفير، وقال أن المطلوب هو موقف للأمانة العامة وليس للجنة التحضيرية المنتهية صلاحيتها؟ هذا كلام فارغ، اللجنة التحضيرية هي التي نظمت المؤتمر، وأصدرت بلاغا اعتذرت من خلاله، وأنا شخصيا لا أرى مبررا للاعتذار، ولو كان هذا خطأ، لأن الاعتذار يكون عن شيء أقدمنا عليه بشكل مقصود، وهذا لم يقع، المطلوب منا مرة أخرى أن نحتاط أكثر، لأننا في الحقيقة لم ندقق. كثر الحديث أخيرا عن وجود تصدع حكومي، كيف تطمئن المغاربة عن الفريق الحكومي؟ ليس هناك أي تصدع، الذي وقع هو أن النواب البرلمانيين لفريق العدالة والتنمية مازالت عندهم نفسية المعارضة، وواجهوا وزير الداخلية، كل هذا يتطلب فقط نوعا من الاعتدال، ونحن دولة ديمقراطية وكل الوزراء معرضون للمساءلة، أنا شخصيا كرئيس للحكومة يظهر لي أن الإخوان في العدالة والتنمية وفي أحزاب أخرى يطرحون الأسئلة بشراسة، ومع ذلك لا مشكل، هذا يندرج في إطار الممارسة الديموقراطية التي تحتاج إلى ترشيد مستمر من مختلف الفاعلين. أوقفتم مسلسل التوظيف المباشر، هل نجحتم في وقف هذا المسار الذي اعتمد منذ أكثر من عقد من الزمن؟ توقيف التوظيف المباشر قرار عادل، نجح وسينجح بإذن الله، لماذا نوظف المعطلين؟ ما السبب؟ في أي دولة يوجد التوظيف المباشر؟ الوظائف التي تحتاج الدولة يجب أن تمنح بالاستحقاق، لا بمقدار عدد أشهر الاعتصام أمام البرلمان، وإن تمادوا في الاحتجاج، انتهى زمن التوظيف المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية لحاملي الشواهد العليا، لتكون الأمور واضحة في أذهان الجميع، الاستحقاق ولا شيء غير الاستحقاق عن طريق المباريات، ثم ليس الكل يجب أن يلج أسلاك الوظيفة العمومية، علينا أن نؤمن أن الرزاق هو الله عز وجل. الأطر العليا المعطلة متشبثة بالاعتصام ويعلنون تصميمه على الاستمرار في الاحتجاج بالشارع، وهناك مجموعات أخرى تمثل فوج 2012 تستعد للاعتصام ، كيف ستتعاملون مع الوضع؟ دعوهم يعتصمون ويصممون تصميما على تصميم، وأنا لا أخاف من الشارع، أخاف فقط إن كنت ظالما لهم، وإذا لم أظلم فلن أخاف أبدا، إن رأوا أنني ظلمتهم فليذهبوا إلى المحكمة وإذا حكمت ضدي ما علي إلا التنفيذ. بعد أشهر من ترأسكم الحكومة في ظل دستور جديد، كيف تقيمون مستوى العلاقة بين رآسة الحكومة والمؤسسة الملكية؟ المغاربة يعرفون عبد الإله بنكيران وعلاقته بالملك، أنا أؤمن بأن المغرب لا يمكنه أن ينجح إلا بتعاون المؤسسة الملكية والحكومة والبرلمان لصالح المجتمع والشعب، السياسة «ديال شدلي نقطع ليك» لا أؤمن بها، أنا إنسان التوافق وابحث عن التوافق، وموقفي من الملكية يعرفه المغاربة والعالم أجمع، وموقفي من جلالة الملك بالخصوص، هذا ليس معناه أنني لا أمارس صلاحياتي كرئيس حكومة، ولكن أؤمن بقوله صلى الله عليه وسلم، «يسرا ولا تعسرا، بشرا ولا تنفرا، تطاوعا ولا تختلفا»، ما استطعت إلى ذلك سبيلا، ودائما إن ظهر لي شيء ليس كما يجب أن يكون، أراجع جلالة الملك بالتي هي أحسن، وهذا هو منهجي، وإن أراد المغاربة رئيس حكومة يتنازع مع ملكهم فليبحثوا عن شخص آخر، أنا لن أصلح لهم، الأمور واضحة. المعارضة تقول أنها تساندكم لممارسة صلاحياتكم وأنتم تتخلون عنها، ما رأيكم؟ أنا لم أتخل عن أي صلاحية من صلاحياتي، فليحددوا لي عن ماذا تخليت؟، قالوا التعيينات في المناصب الاستراتيجية، والتي كانت في مشروع قانون أعدته الأمانة العامة للحكومة، وأحلناه على مجلس الحكومة وبعدها على المجلس الوزاري ثم البرلمان، هذا الأخير صادق عليه، ولائحة العمال والولاة، الدستور يقول أن رئيس الحكومة هو الذي يقترحها ، وزير الداخلية قدم لي لائحة لم يكن لي عليها اعتراض جوهري، إلا ما قلته لجلالة الملك. وهذا كله بداية لتطبيق الدستور الجديد، في المستقبل سيكون رئيس حكومة آخر ووزير آخر وتشاور أكثر في لائحة الولاة والعمال، ولكن رئيس الحكومة هو الذي أقترح وهو الذي وقع على اللائحة، دستوريا جلالة الملك يعين في المجلس الوزاري، ويجب أن تكون لديه وثيقة موقعة من طرف رئيس الحكومة. بعد هذه المدة التي قضيتموها رئيسا للحكومة، وخبرتم الشأن الحكومي، الشعب ينتظر، ما الذي تعدون به المغاربة في الأمد القريب أو المتوسط؟ (ضاحكا).. هل سنظل نقدم الوعود للشعب، نحن نسير الشأن العام، ونقول للشعب المغربي نحن نسير على عهد الله لما فيه مصلحته، لتصبح الدولة في خدمة الشعب، وتصير المسؤولية مرتبطة بالمحاسبة، وتكون النزاهة والشفافية ونحارب الفساد واقتصاد الريع، هذا كله نتقدم فيه خطوة خطوة، وبالنسبة لي، لا أؤمن بسياسة الإجراءات الدعائية لإظهار عمل الحكومة، المغاربة ينتظرون إصلاحات في العمق، فالحقل المضطرب يتطلب رعاية خاصة وسيعطي النتيجة بعد سنوات. وماذا عن العلاوات التي قررتم تخفيضها لموظفيكم في رآسة الحكومة؟ ذلك عمل بسيط لم أكن أرغب في تداوله إعلاميا، لا أدري من سربه، هناك أناس كانوا يتقاضون علاوات كبيرة وتخلوا بإرادتهم عن جزء مهم من تلك العلاوات، وذلك عن طيب خاطر، مقابل إيلاء العناية للموظفين الذين يتقاضون رواتب متواضعة، أدخلنا عليهم السرور، وطموحنا أن نحقق نوعا من التوازن، ليس الحذف النهائي لعلاوات أصحاب الأجور المرتفعة، ولكن السعي إلى نوع من إعادة التوازن. هناك حديث عن إعادة النظر في نظام الأجور المرتفعة، ما الجديد؟ هناك بعض الأجور بالفعل مرتفعة، لكن مؤسساتنا العمومية تتطلب كفاءات كبيرة في مجال التسيير، هناك تسابق على الكفاءات، ولكننا نعتقد أن هناك حدا معقولا يجب مراعاته، وهذا يدرس الآن، ليكون فيه مراجعة معقولة. في العلاقة مع الجارة الجزائر، لا تحول نوعي لحد الآن على مستوى العلاقات الثنائية والقضايا العالقة، هناك مبادرات حسن النية من طرفكم، بالمقابل يرى البعض غياب التجاوب الجزائري، ما تقييمكم للموقف؟ سياستنا مع الإخوة الجزائريين نراهن فيها على التاريخ، الشعبان تربطهما علاقات الأخوة والمحبة، مع الأسف الشديد القيادة الجزائرية لها رأي آخر، وتعاكسنا في وحدتنا الوطنية، ونحن نراهن على المستقبل، وفي النهاية لا يمكن أن تتصالح ألمانيا وفرنسا وتظل الجزائر في خصام مع المغرب. هناك حديث عن إمكانية تأجيل القمة المغاربية؟ لم تنضج ظروف انعقادها بعد، مادام لم تفتح الحدود بين المغرب والجزائر، ستكون فقط شكلية. وأخيرا طرد السفير السوري، والمغرب دعا إلى مؤتمر أصدقاء سوريا، هل هذا موقف يكفي؟ ألم يحن الوقت لإرسال المساعدات الإنسانية للاجئين أو فتح حساب بنكي خاص للتبرع؟ المشكل السوري مشكل دماء يجب أن توقف، أما الأمور الأخرى التي تحدثتم عنها فأهميتها نسبية في هذه المرحلة ومعالجتها ممكنة. بالنسبة للعلاقة مع الجارة إسبانيا، أليس هناك فتور في الرد على السلوك الاستفزازي الاسباني في ذكرى معركة أنوال؟ إسبانيا جارتنا ومنها تبدأ أوروبا، ونحن نأخذ بعين الاعتبار أن اسبانيا هي مدخل لأوروبا بأكملها، ونحن نراهن على أن العلاقة معم يجب أن تكون جيدة وأن تتحسن ، نحن لسنا في زمن كل ساعة نحمل السيوف لنتقاتل، نحن في مرحلة تداخل المصالح، وهناك 100 ألف مغربي في اسبانيا، وهناك حاجة لنا عندهم وحاجة لهم عندنا. تلك الاستفزازات نحتج عليها ونحاول أن نحد من تأثيراتها. عطلتك الصيفية وأين ستقضيها؟ تلقيت دعوة كريمة لأداء عمرة، أنتظر الوقت المناسب، الآن لدينا عمل كبير، وأفكر في وقتها بالضبط. امتناع زوجتكم الأخت نبيلة عن الحديث لوسائل الإعلام قرار شخصي أم أسري؟ هو قرار شخصي، لما تم تعييني رئيسا للحكومة، انفتحت على وسائل الإعلام وبدأت تلاحظ أن تصريحاتها يتم تشويهها، فقررت الامتناع عن ذلك، أنا نبهتها في البداية، وقلت لها لك الاختيار بين الانفتاح على وسائل الإعلام وتتحملي العواقب وبين أن تكفي عن التعامل معها، وهي جربت واختارت الاختيار الثاني، لأن بعض وسائل الإعلام ليست دائما معقولة. ألم يحن الوقت لرحيلكم إلى السكن الوظيفي؟ لم أقرر بعد هل سأرحل للسكن الوظيفي، الآن أقطن بطريقة مريحة، وطبعا في السكن الوظيفي ستكون الوضعية مريحة أكثر، لكنني بالفعل متردد ومازلت أفكر. بنكيران معروف عنه السهر ليلا، كيف تتعامل مع رمضان الآن في العلاقة بالعمل؟ اذهب متأخرا قليلا إلى العمل في الصباح وعملي يسير بشكل إيجابي. حاوره: الحاج علال العمراني-ياسر المختوم