كم كانت فرحتنا كبيرة حينما استطعنا أخيرا أن نقتني بقعا أرضية، مضحين بالغالي والنفيس ومتكبدين تبعات القروض البنكية في سبيل المأوى والمسكن الذي طالما راود أحلامنا حتى كدنا أن نصدق أن لا وجود له إلا في مخيلتنا. وكانت الفرحة الكبرى من نصيب من حظوا بمجاورة المساحات الخضراء بالتجزءات الحديثة النشأة بمدينة تيزنيت، هذه الأخيرة التي عرفت إلى عهد قريب بصفاءها وبيئتها المثالية قبل أن يتولى تدبير شأنها المحلي بعض المنتخبين الذين لا هم لهم إلا تراكم الثروات والتضحية بمصلحة المواطن في سبيل المصالح الشخصية والحسابات الضيقة والأغراض الانتخابية. ما إن استكمل المحظوظون من المستفيدين من البقع الأرضية المجهزة _أو على الأقل هكذا وصفت لهم_أشغال البناء بعد أن أدوا ما بذمتهم من مختلف الرسوم خاصة الربط بالواد الحار حتى فوجئوا بالحقيقة المرة وهي أن قنوات الصرف الصحي ما هي إلا مطمورات جماعية من ابتكار المجالس المنتخبة لتبرئة ذمة المنعشين من المتابعةو من عدم الالتزامبدفاتر التحملات. حتى تتنصل مصالح البلدية من واجباتها تجاه الملزمين،فوضت تدبير الصرف الصحي للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب الذي لا يتوفر الا على شاحنة صغيرة الحجم ولا تكاد تفي بحاجيات حفرة واحدة من الحفر المتواجدة بمختلف التجزءات. المساحات الخضراء التي كان من المفروض أن تشكل متنفسا للساكنة تحولت إلى نقمة عانى منها كل من اختار مجاورتها أو حتى الاقتراب منها. إن التأثيرات السلبية لمطمورات الصرف الصحي همت بالأساس تجزئتي الشرف وأدوز. حينما يلوت منتخبونا الشرف ويدنسون أدوز وإليغ، مهد العلم ومنشأ العلماء من طينة العلامة المختار السوسي، فهذا يعني بالنسبة لنا انعدام الضمير والحس الوطني لدى العديد من المنتخبين. بادرنا نحن المتضررين إلى الاتصال بالمسؤولين، كتابة وشفهيا، أشخاصا ذاتيين وجمعيات، وللأسف لم نتلق أي جواب رسمي على شكاياتنا باستثناء التسويف والمماطلة من قبيل أن المشكل قيد الدرس ويعلم الله كم ستستغرق هذه الدراسة من الوقت بل إن بعض المنتخبين أصبحوا يصرون على أن المواطنين هم من يتسببون في فيضان هذه المطمورات لعدم حرصهم على ترشيد استغلال الماء خاصة ونحن في زمن أصبح فيه الشغل الشاغل للافراد والجماعات هو نذرة الماء الشروب (حق أريد به باطل). في اللقاء الذي عقد مؤخرا بمقر البلدية واستدعيت إليه الجمعيات الممثلة للسكان المتضررين قيل لنا أننا إنما نؤدي ضريبة الجهلإذ كان علينا أن نتقصى الأمر قبل الإقبال على اقتناء البقع مما يوحي ضمنيا انه لا يجب علينا أن نثق في تصاميم البلدية. ضريبة الجهل عبارة لم نستسغها ولم نرد عليها في حينها لكونها للأسف صدرت ممن هو مطالب بحماية مصالح السكان والدفاع عنهم. إننا نطالب عبر " تيزبريس " بمحاسبة كل من سولت له نفسه الاستهتار بصحة المواطن حيث أصبح من المستحيل التعايش مع هذا الوضع فنحن نستنشق في كل وقت وحين الروائح الكريهة التي لا تكاد يخلو منها منزل من المنازل المجاورة بل بدأت بوادر الحساسية والربو تظهر على بعض من الساكنة، كما نطالب الجهات الوصية بإجراء بحث في الموضوع للوقوف على الضرر الذي تشكله هذه المطمورات على صحة المواطن كما توضحه الشهادة المرفقة. محمد .ش،أستاذ (متضرر): لقد اقتنيت البقعة ذات الواجهات الثلات والواقعة بمحاذاة المساحة الخضراء حسب التصاميم التي سهرت على إعدادها مصالح البلدية واستثمرت في بناء المسكن الجديد مدخراتي والقرض البنكي الذي حصلت عليه عن طريق مؤسسة محمد السادس إلا أن المساحة الخضراء تحولت بفعل فاعل إلى مصدر لمشاكل جمة حيث اكتشفنا بعد فوات الأوان أن هذه المساحات لم توجد إلا لصرف الأنظار عن واقع هذه المطمورات التي عانينا منها كثيرا حيث إنها دائمة الفيضان مما يتسبب لي ولأسرتي في متاعب جمة وأخص بالذكر الروائح الكريهة التي تعم المكان. لقد بدأت أفكر مليا في مغادرة المنزل والبحث عن مأوى آخر مع ما يكلفني ذلك من سومة كرائية مرتفعة.هذا القرار جاء إثر معاناة أبنائي من الحساسية كما أن زوجتي الحامل مصابة بدورها بداء الربو من جراء هذه الروائح الكريهة. لن أتنازل عن حقي وسأقاضي كلا من مصالح البلدية والمكتب الوطني للماء والكهرباء. أملي كبير في أن ينصفني القضاء كما أتمنى أن يقوم جميع المتضررين بذات الإجراء وانصح كل مقبل على اقتناء بقعة أرضية أن يبتعد ما أمكن عن المساحات الخضراء.