أوردت الاخبار القادمة من مدينة السبعة الرجال ، ان احد ساكني- دفء رياضات المدينة المنتشية زهوا بالتاريخ ، والمتبخترة بهاءً بين أسوار المدينة العتيقة – القادمين من صقيع بلاد سام ، قدَّم شكاية الى السلطة المحلية ، بانه ضحية لمؤامرة خفية ،خيوطها متشابكة عصية ،تبدأ من الحق في حسن الجوار ، لتحط الرحال عند جذور الهوية . بطلها المعلن "فروج" مواضب على الأذان منذ الازل ، سيلقة وطبعا وبلا جدل ولا دجل ، ذنبه الوحيد ان وقت الأذان المعلوم ،يصادف أوبة صاحبنا الى وسادته بعد ليل السمر اوربما المجون ، . فكان الجواب سريعا بان اقدم القائد وبهمة عالية ، حتى لا نتهم جميعا بالتقصير مادام الامر يتعلق بشكاية أجنبية ، بإرسال المقدم ليعاين النازلة ويتأكد بحدوث المضرة ، وهو الامر الذي كان وبالعين المجردة ، تفاديا لأخطاء قد تعتري اخبار اصحاب الحسنات المتواثرة . فأمر الجار بان يقطع دابر الفتنة ، ويستأصل اصل الداء بإعدام الفروج المسكين ليكون دمه عربون محبة بين الجيران ، وإضفاء لفتنة على الأبواب ، قد تخلق أزمة بيننا وبين أبناء عمنا سام . تلك أمة قد خلت من مؤذني "الفراريج "، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت . اما أمة بني آدم ومؤذنيهم ، فقد أًُدخلوا نارا وقودها الناس والاحزاب والحكومة والإشاعة ، وتحولت اشلاؤهم جسورا لفرقعات فارغة للسياسةو" الحياحة" ،و سبب نزول هذا الكلام ما صاحب رسالة لمندوب الأوقاف ، بتخفيض نسبة الصوت الى حد الإ قلال ، زهدا و مراعاة لشعور الجار ، فكان الذي كان من صخب السجال ونقع الإدبار والإقبال . وحيث ان النقاش الذي تلا هذه الواقعة ، في صداه كان في حجم الفجيعة، فإنا نقول والله المستعان ، أن السجال قد زاغ الى مآرب اخرى تكشف بما لايدع مجالا للشك ،ان فضاء السياسة في هذا البلد السعيد ، اصبح موبوءًً ويعاني من أزمة مزمنة في الخطاب ، وعطبا في التوجيه، فالتوظيف السياسي لما وقع- بغض النظر عن لعبة التواريخ وخصوصية المكان -كشفت ان هناك إرادة لادارة الصراع من خلال خلق نقاشات هامشية تملأ المجال جعجعة ولا تنتج طحينا ،فهي بمثابة تحوير للنقاش العمومي ، وإفراغ له من مكتسبات اللحظة السياسية بكل رهاناتها واستحقاقاتها . كم هو مخجل في مغرب ما بعد دستور 2011 ان تستقيل النخب السياسية من مهمتها المركزية في تنزيل الوثيقة الدستورية عبر مضامين إجرائية ،وإكسابها معاني وكينونة تنسجم مع فلسفة اللحظة وتموجات المحيط . فعوض كل ذلك اصبحت قضايا الهامش البئيس والفراغ ، قوت السجال السياسي بامتياز عبر آلية الإشاعة والتضليل الإعلامي . فمن شمبانيا عمارة الى بيصارة الرباح مرورا بقطار سمية وملاوي الوفا وگرافطة ولحية بنكيران حتى اصبح اليوم مطلوبا تعليق بنكيران بدل الحجام لما سقط الأذان . هذه الواقعة تحيل -رغم هامشيتها- على قدرة البعض على تقمص الادوار غير المتجانسة الى درجة التناقض . تجسيدا لانفصام الذات الى حدود التشضي او التلاشي التام . فبعد ان ملأ هذا البعض الدنيا عويلا حول "ماضوية الاخوان "،وانْ ليس في جعبتهم ما يقدمونه للناس من حلول لمشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية لأنهم غارقون في معاجم الاخلاق وأحكام الدين ، وهي مشترك جماعي لكل المغاربة ،لاحق لاحد ان يحتكر التحدث باسمهم ، وان ينصب نفسه وصيا عنهم -رغبا او رهبا-في الذوذ عن حياضها . نرى كيف تحول هؤلاء الى منافحين أشداء ومدافعين أشاوس عن المآذن والأذان ، وعن الشعائر وما يتصل بها من احكام ،وهم الذين جربوا فينا وعبرأجيال متلاحقة ، مفعول إعلامهم في تحقير تلك الموضوعات واعتبارها من لغو الكلام ،الذي لايسد جوعة المسغبة ، ولايكسي عرايا البؤس الاجتماعي وضحايا " الحيف الطبقي ". من جهة اخرى لنا ان نتساءل عن حجم الهزيمة التي لحقت مرمى هؤلاء بهروبهم من المواجهة المكشوفة وأمام العيان ، وفرارهم في رحلة لجوء سياسي نحو صناعة الفراغ والاشتغال بالبؤس ، بحثا عن تأليب الرأي العام على تجربة حكومية -على كل حال لها ما كسبت ولها مااكتسبت -تقتضي الموضوعية مقاربة فعلها وإنتاجها على أرضية المردودية والعائد في حساب الوطن وساكنيه . بدل المرابطة في خندق المعارضة حد العناد والتحامل البئيس، خشية ان تتحول مكاسب الوطن ، لرصيد انتخابي لفصيل سياسي دون غيره . تحضرني اليوم واقعة السجال الذي واكب تفعيل المادة مائة من الدستور والتي تقتضي حضور رئيس الحكومة للبرلمان لمناقشة أمور السياسة العامة ،وكيف راهن البعض على مثل هذه الجلسات لتحويلها الى ساحة سانحة للثأر من هزيمة الصناديق ، فاذا بها تتحول الى حلبة جديدة لتأكيد التفوق في التواصل بلغة الشعب وبهموم الشعب وفي اتجاه الشعب…. فهل ستفلح المآذن فيما عجزت عنه منصات البرلمان ؟!فقط نريد ان نذكر ، إن كانت الذكرى ستنفع البعض ، ان المآذن والمساجد بمن فيها ، لها في هذا البلد من يحميها . فما رأيكم انتم ؟؟!!!!