هل كان من المعقول أن ننتظر كل هذه المدة أكثر من 40 سنة لكي تكون القناة الثانية فعلا تمثل حقيقة الشعب المغربي، خاصة نسائه وشاباته؟ لماذ مورس حصار حديدي على صحافيات ومذيعات مقتدرات ومتمكنات من الظهور على الشاشة، فقط لأان ذنبهن الوحيد هو التصرف بكل حرية بأجسادهن وممارسة حريتهن الشخصية وعدم التعري أمام الملأ وفي الشارع وأمام ملايين من المواطنين والأجانب؟؟ ماذا تغير في ملك الله، كي نفاجأ بظهورهن عشية إعلان نتائج الانتخابات التشريعية، ويتعلق الأمر بكل من الصحافية المعروفة نادية الأيوبي التي طلت على المشاهدين بحجابها في نهاية تقديم مادتها الإخبارية من شارع محمد الخامس من الرباط، وصحافية جديدة، في مراسلة من أكادير.ظهور الزميلتين الصحافيتين بالحجاب،كان غير عادي، خصوصا حينما نستحضر سياق "الحدث"، أي مع إعلان فوز حزب العدالة والتنمية "الإسلامي" بالانتخابات التشريعية التي شهدها المغرب يوم الجمعة الماضي، في ظل الدستور الجديد، المعدل خلال فاتح يوليوز المنصرم، والحراك الذي يعرفه الشارع المغربي منذ العشرين من فبراير الماضي. إن الظهور البارز لصحفيتين محجبتين على شاشة تلفزيون شبه رسمي، يطرح أمام المتتبع للشأن المغربي أكثر من تساؤل، خصوصا عبر القناة الثانية التي ظلت علاقتها متوترة مع قيادة العدالة والتنمية، ومحتقنة مع فعاليات من حركة 20 فبراير. فبروز زميلتان محجبتان على القناة الثانية عشية فوز الإسلاميين في تشريعيات البرلمان المقبل، قد يعد إشارة قوية من الدولة للإسلاميين المشاركين في الانتخابات، و"مغازلة" لأصدقائهم (العدل والإحسان) الذين فضلوا الاصطفاف في موقف المقاطعة ضمن حركة 20 فبراير. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، هل كان لزاما أن يتم حجب الصحفيات المحجبات عن الظهور في التلفزيون المغربي إلى حين وصول "الإسلاميين" إلى "سدة الحكم"؟ يبدو للمتتبع العادي جدا أن ا لسماح بظهور صحافيتين بالحجاب على قناة "دوزيم" نفسها، التي طالما اتهمها "الإسلاميون" ب"نشر الرذيلة"، وكأنه جاء بفضل فوز حزب "العدالة والتنمية"...وهكذا تهدي الدولة من حيث لا تشعر هدية أخرى ل"العدالة والتنمية"،وتؤكد بأن أصدقاء بنكيران هم"حراس الدين الإسلامي"، وأن فوزه كان وراء ظهور الحجاب في التلفاز المغربي...الآن انقلبت الآية وأصبحت الدولة هي التي تغازل العدالة والتنمية...